Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


خرج محمد بن البعيث بن حلبس عن الطاعة في بلاده أذربيجان، وأظهر أن المتوكل قد مات، والتف عليه جماعة من أهل تلك الرساتيق، ولجأ إلى مدينة مرند فحصنها، وجاءته البعوث من كل جانب، وأرسل إليه المتوكل جيوشا يتبع بعضها بعضا، فنصبوا على بلده المجانيق من كل جانب، وحاصروه محاصرة عظيمة جدا، وقاتلهم مقاتلة هائلة، وصبر هو وأصحابه صبرا بليغا، وقدم بغا الشرابي لمحاصرته، فلم يزل به حتى أسره واستباح أمواله وحريمه، وقتل خلقا من رؤوس أصحابه، وأسر سائرهم وانحسمت مادة ابن البعيث، وأرسل ابن البعيث إلى سامرا وحبس، ثم شفع له عند المتوكل، فلم يقتله، ولكنه مات بعد شهر في سامرا.


بعد أن تمكن المتوكل من الخلافة ولم يكن على مذهب أخيه ومن قبله في مسألة خلق القرآن، وخاصة أنه لم يقرب أحمد بن أبي دؤاد المعتزلي، كما كان مقربا للواثق، فأمر وكتب بالكف عن امتحان الناس بمسألة خلق القرآن، حتى هدد بالقتل من امتحن فيها وأعاد القول فيها، ونشر السنة, واستقدم الإمام أحمد إليه واعتذر إليه، وشاوره بمن يرشح للقضاء، فرشح له ابن أكثم.


خرج عمرو بن سليم التجيبي- المعروف بالقويع- على محمد بن الأغلب أمير إفريقية، فسير إليه جيشا، فحصره بمدينة تونس، فلم يبلغوا منه غرضا فعادوا عنه.

فلما دخلت سنة خمس وثلاثين سير إليه ابن الأغلب جيشا، فالتقوا بالقرب من تونس، ففارق جيش ابن الأغلب جمع كثير، وقصدوا القويع فصاروا معه، فانهزم جيش ابن الأغلب وقوي القويع؛ فلما دخلت سنة ست وثلاثين سير محمد بن الأغلب إليه جيشا، فاقتتلوا فانهزم القويع، وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة، وأدرك القويع إنسان، فضرب عنقه، ودخل جيش ابن الأغلب مدينة تونس بالسيف في جمادى الأولى.


هو علي بن عبدالله بن جعفر المعروف بابن المديني، إمام عصره في الجرح والتعديل والعلل، ولد سنة إحدى وستين ومائة، أحد الأعلام، وصاحب التصانيف، روى عنه الأئمة: البخاري، وأحمد، والنسائي، وغيرهم، قال ابن عيينة: "لولا ابن المديني ما جلست"، وقال النسائي: "كأن الله خلق علي بن المديني لهذا الشأن"، وقيل للبخاري ما تشتهي؟ قال: "أقدم العراق وعلي بن عبدالله حي فأجالسه".

وقال البخاري: "ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني" له كتاب العلل، وقوله في الجرح والتعديل مقدم، توفي في سامرا، فرحمه الله تعالى وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرا.


بعد سفر الإمام عبد الله بن سعود إلى مصر ارتحل إبراهيم باشا بنفسه وحاشيته وقبوسه وقنبره ومدافعه من سمحان، ولم يلتزم الباشا بشروط الصلح التي نصت على عدم المساس بالبلدة وأهلها بسوء, فنزل إبراهيم باشا في نخل تركي بن سعود المعروف بالعويسية أسفل الدرعية، وباقي عساكره فرقها في نخيلها وأطرافها ودروبها، وكان إبراهيم باشا بعث عساكر من حاشيته وخدمه وفرقهم في نواحي نجد وأمرهم بهدم أسوار البلدان وحصونها، فنزلوا البلدان وهدموا الحصون والأسوار، وصادروا أهلها بخراجهم وعلف الخيل وعليقها بالليل والنهار، وجمعوا ما فيها من الحنطة والشعير إلا ما قل، ثم إن الباشا أخذ خيل آل سعود وشوكة الحرب وما وجد عليه اسمهم في بندق أو سيف، وأكثرت العساكر من العبث في أسواق الدرعية بالضرب والتسخير لأهلها، فكانوا يجمعون الرجال من الأسواق، ويخرجونهم من الدور ويحملون على ظهورهم ما تحمله الحيوانات، فيسخرونهم لهدم البيوت والدكاكين، ويحملون خشبها ويكسرونه ويردون لهم الماء ويحملونه ولا يعرفون لفاضل فضله ولا لعالم قدره، وصار الساقط الخسيس في تلك الأيام هو الرئيس.

أقام الباشا في الدرعية نحو تسعة أشهر بعد المصالحة، وأمر جميع آل سعود وأبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأبنائهم أن يرحلوا من الدرعية إلى مصر، فارتحلوا منها بنسائهم وذراريهم، ولم يبق منهم إلا من اختفى أو هرب، مثل تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، والشيخ علي بن حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، هربا إلى قطر  وعمان.

ثم جاء الأمر من محمد علي باشا لابنه إبراهيم بهدم الدرعية وتدميرها، فأمر أهلها أن يرحلوا عنها ثم أمر العسكر أن يهدموا دورها وقصورها ويقطعوا نخلها وشجرها ولا يرحموا صغيرها ولا كبيرها، فابتدر العسكر إلى هدمها مسرعين، وهدموها وبعض أهلها فيها مقيمون، وأشعلوا النار في بيوتها، وأخرجوا جميع من كان فيها من السكان، فتركوها خالية من السكان، وتفرق أهلها في النواحي والبلدان، فحسبنا الله ونعم الوكيل.


بعث الباشا إبراهيم عسكرا إلى الأحساء نحو مائتين وأربعين، مقدمهم محمد كاشف، فساروا إليه مع عبد الله بن عيسى بن مطلق صاحب الأحساء، وأمرهم الباشا بجمع بيت المال وجميع ما كان لآل سعود في الأحساء، فقدموا وأخذوا أموالا، وقتلوا رجالا، وصادروا ما كان لآل سعود فيه وطوارفهم، وقتل رجال من أئمة مساجد الأحساء من أهل نجد، وأمسكوا عبد الرحمن بن نامي وحبسوه وأخذوا أمواله وقتلوه، وهرب سيف بن سعدون رئيس السياسب من الأحساء، وهرب معه رجال من أتباعه ومن الأعيان، ركبوا البحر، وخرج آل عريعر منه، ولم يبق لهم فيه أمر ولا نهي، وقصدوا الشمال بعرباتهم وبقيت العساكر في الأحساء وعاثوا فيه إلى قريب ارتحال الباشا من نجد.


يقول ابن بشر: "كانت هذه البلدة -الدرعية- أقوى البلاد، وقوة أهلها وكثرة رجالهم وأموالهم لا يحصيه التعداد، فلو ذهبت أعدد أحوالهم وإقبالهم فيها وإدبارهم في كتايب الخيل والنجايب العمانيات، وما يدخل على أهلها من أحمال الأموال من سائر الأجناس التي لهم مع المسافرين منهم، ومن أهل الأقطار- لم يسعه كتاب، ولرأيت العجب العجاب، وكان الداخل في موسمها لا يفقد أحدا من أهل الآفاق من اليمن وتهامة والحجاز وعمان، والبحرين وبادية الشام والعراق، وأناس من حاضرتهم، إلى غير ذلك من أهل الآفاق ممن يطول عده، هذا داخل فيها وهذا خارج منها، وهذا مستوطن فيها، وكانت الدور لا تباع فيها إلا نادرا، وأثمانها سبعة آلاف ريال وخمسة آلاف، والداني بألف ريال، وأقل وأكثر، وكل شيء يقدره على هذا التقدير من الصغير والكبير، وكروة الدكان الواحد بلغت في الشهر الواحد خمسة وأربعين ريالا، وكروة الدكان الواحد من سائر الدكاكين بريال في اليوم، والنازل بنصف، وذكر لي: أن القافلة من الهدم -الملابس- إذا أتت إليها بلغت كروة الدكان في اليوم الواحد أربعة أريل، وأراد رجل منهم أن يوسع بيته ويعمره فاشترى نخلات تحت هذا البيت يريد قطعها ويعمر موضعها، كل نخلة بأربعين ريالا أو خمسين ريالا، فقطع النخل وعمر البيت، ولكنه وقع عليه الهدم قبل تمامه، وذكر لي من أثق به أن رجلا من أهل الدرعية قال له: إني أردت ميزابا في بيتي فاشتريت خشبة طولها ثلاثة أذرع بثلاثة أريل، وأجرة نجره وبناه ريال, وكان غلاء الحطب فيها والخشب إلى حد الغاية، حتى قيل: إن حمل الحطب بلغ خمسة أريل وستة، والذراع من الخشبة الغليظة بريال، وكل غالب بيوتها مقاصير، وقصور كأن ساكنيها لم يكونوا من أبناء ساكني القبور، فإذا وقفت في مكان مرتفع ونظرت موسمها وكثرة ما فيها من الخلائق وتزايلهم فيه وإقبالهم وإدبارهم، ثم سمعت رنتهم فيه ونجناجهم فيه، إذا كأنه دوي السيل القوي إذا انصب من عالي جبل، فسبحان من لا يزول ملكه ولا يضام سلطانه ولا يرام عزه {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} [آل عمران: 26] "


هو الإمام عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، آخر أئمة الدولة السعودية الأولى، وآخر حاكم اتخذ من الدرعية عاصمة للدولة السعودية، وكان عبد الله بن سعود ذا سيرة حسنة مقيما للشرائع آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر كثير الصمت حسن السمت، باذل العطاء موقرا للعلماء، وكان صالح التدبير في مغازيه، ثبت في مواطن اللقاء وهو أثبت من أبيه في مصابرة الأعداء، وكانت سيرته في مغازيه وفي الدرعية في مجالس الدروس، وفي قضاء حوائج الناس وغير ذلك على سيرة أبيه سعود.

بعد أن تمت المصالحة بينه وبين إبراهيم باشا بيومين على أن يسلم نفسه مقابل حقن دماء أهل الدرعية أمر الباشا إبراهيم الإمام عبد الله بن سعود أن يتجهز للمسير إلى السلطان، ثم أمر رشوان أغا ومن معه من العساكر والدويدار ومن معه من العسكر أن يتجهزوا للمسير معه، ورحل عبد الله من الدرعية وليس معه من قومه إلا ثلاثة رجال أو أربعة، وقابل في مصر محمد علي باشا، ثم بعد يومين سافر إلى استانبول، حيث قتل هناك في آيا صوفيا بعد وصوله بقليل، ولم يف السلطان بوعوده، ورجع إبراهيم من الجزيرة في الحادي والعشرين من صفر من عام 1235هـ بعد أن استمر حكمه أربع سنوات, ثم إن إبراهيم باشا لم يف بشروط الصلح التي أعطاها لعبد الله مقابل استسلامه، وسفره للسلطان، فبعد سفر الإمام إلى مصر استمر الباشا وجنوده في الدرعية لتخريبها، ففرق قواته في نواحي الدرعية لهدم الأسوار والحصون ومصادرة الأرزاق، ثم إحراقها وتدميرها وقطع نخيلها قبل المغادرة، وبعد مغادرة الباشا الدرعية خلى الجو لمحمد بن مشاري بن معمر، وكان من أغنياء الدرعية، فاستولى على أكثر مناطقها، فقدم مشاري بن سعود فتولى الحكم في سنة 1235هـ ثم بعد عدة أشهر قبض عليه ابن معمر وسلمه للعثمانيين فقتلوه، وعاد هو لحكم الدرعية.