Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


كان أول ما بدئ به الوحي هو الرؤيا الصادقة في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم إنه صلى الله عليه وسلم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو في غار حراء ويتحنث فيه متعبدا، حتى جاءه جبريل عليه السلام وهو في الغار بقوله تعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان ما لم يعلم (5) } [العلق: 1 - 6].

فقص ذلك على زوجته خديجة التي قصت ما حدث على ورقة بن نوفل فصدقه، وقال: إنه الناموس الأكبر الذي جاء موسى، ثم انقطع الوحي فترة من الزمن، ثم عاد إليه جبريل وهو قاعد على كرسي، فخاف منه النبي صلى الله عليه وسلم ورجع إلى أهله قائلا: زملوني زملوني.

فأنزل الله تعالى: {ياأيها المدثر (1) قم فأنذر (2) وربك فكبر (3) وثيابك فطهر (4) والرجز فاهجر (5)} [المدثر: 1 - 5].

فكان ذلك أول النبوة والأمر بالتبليغ.


فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة من الزمن, حتى شق ذلك عليه فأحزنه، فجاءه جبريل بسورة الضحى يقسم له ربه -وهو الذي أكرمه بما أكرمه به- ما ودعه, فقد روى البخاري في صحيحه من حديث جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال: احتبس جبريل صلى الله عليه وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت امرأة من قريش -وهي أم جميل أروى بنت حرب أخت أبي سفيان وزوج أبي لهب-: أبطأ عليه شيطانه، فنزلت: {والضحى والليل إذا سجى، ما ودعك ربك وما قلى}.


كان أول من آمن بالله ورسوله خديجة بنت خويلد زوجته صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، ثم أسلم زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد أسلم بدعاء أبي بكر الصديق عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف, ثم أسلم أبو عبيدة بن الجراح، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وعثمان بن مظعون، ثم أخواه قدامة وعبد الله، وابنه السائب بن عثمان بن مظعون، وأسماء بنت أبي بكر الصديق، وعائشة بنت أبي بكر الصديق، وهي صغيرة، ثم أسلم خالد بن سعيد بن العاصي، وأسلمت معه امرأته أمينة بن بنت خلف بن أسعد الخزاعية، وبلال، وعمار بن ياسر، وأمه سمية، وصهيب بن سنان النمري المعروف بالرومي، وعمرو بن عبسة السلمي، وعمرو بن سعيد بن العاصي، وسعيد بن زيد بن عمر عمرو بن نفيل، وزوجته فاطمة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب، وعمير بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وأخوه عتبة بن مسعود، وسليط بن عمرو العامري، وعياش بن أبي ربيعة المخزومي، وامرأته أسماء بنت سلامة بن مخربة التميمية، ومسعود بن ربيعة بن عمرو القاري من بني الهون بن خزيمة، وهم القارة، وخنيس بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي، وعبد الله جحش الأسدي, تتمة السابقين إلى الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم: وجعفر بن أبي طالب، وامرأته أسماء بنت عميس، وعامر بن ربيعة العنزي، من عنز بن وائل، حليف الخطاب بن نفيل، وأبو أحمد بن جحش الأعمى، وحاطب بن الحارث بن معمر الجمحي، وامرأته بنت المجلل العامرية، وحطاب بن الحارث أخوه، وامرأته فكهية فكيهة بنت يسار، وأخوهما معمر بن الحارث بن معمر الجمحي، والمطلب بن أزهر بن عبد عوف الزهري، وامرأته رملة بنت أبي عوف السهمية، والنحام واسمه نعيم بن عبد الله العدوي، وعامر بن فهيرة مولى لأبي بكر الصديق، وحاطب بن عمرو بن شمس بن عبد ود العامري أخو سليط بن عمرو، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، واسمه مهشم بن عتبة.
.
.


بعث رستم جيشا لقتال أبي عبيد بن مسعود الثقفي فالتقى الطرفان في النمارق بين الحيرة والقادسية، وكان على خيل المسلمين المثنى بن حارثة، فهزم الفرس وهربوا وساروا إلى كسكر فلحقهم  أبو عبيد  ثم هزمهم ثانية وفر الفرس إلى المدائن.

وجمع المسلمون الغنائم من كسكر، فرأوا من الأطعمة شيئا عظيما، فاقتسموه وجعلوا يطعمونه الفلاحين، وبعثوا بخمسه إلى عمر وكتبوا إليه: إن الله أطعمنا مطاعم كانت الأكاسرة يحمونها، وأحببنا أن تروها، ولتذكروا إنعام الله وإفضاله.


كان أبو بكر قد أمر خالد بن الوليد بعد أن انتهى من الفراض بالانتقال إلى الشام؛ لمساندة جيوش الفتح هناك، فسار خالد من الفراض حتى وصل اليرموك وجاء كتاب عمر بعد اليرموك: أن ابدؤوا بدمشق فإنها حصن الشام.

ولما وصلت جيوش المسلمين دمشق شددوا الحصار عليها سبعين يوما، طوقوها من جهاتها كلها، ومنعوا المدد إليها، فانكسرت حميتهم وفتحت المدينة بعد أن تم احتلال الغوطة منعا للإمدادات، وولي عليها يزيد بن أبي سفيان، ثم سار المسلمون إلى فحل، ثم إلى حمص، ثم إلى قنسرين واللاذقية وحلب.


كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أجلى اليهود من المدينة تباعا؛ وذلك لنقضهم العهود، واستثارتهم الفتن والحروب، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يجتمع دينان في أرض العرب).

وكانت اليهود قد استقرت في خيبر وما حولها بعد جلائهم من المدينة، وبقوا على ذلك حتى قام عمر بإجلائهم من خيبر إلى الشام عملا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأما نصارى نجران فقد أجلاهم عمر إلى الشام في سنة 17هـ لما كثر عددهم وعظم خطرهم على معقل الإسلام.


قام الصديق أبو بكر رضي الله عنه بعقد أربعة ألوية لفتح بلاد الشام بعد أن فرغ من حروب الردة، وجعل قيادتها لأبي عبيدة بن الجراح، ووجهته حمص، وعمرو بن العاص ووجهته فلسطين، وشرحبيل بن حسنة ووجهته الأردن، ويزيد بن أبي سفيان ووجهته دمشق.

وقد أدت هذه الجيوش دورها الفعال في مقاتلة الروم وانتصروا في مواقع كثيرة، وكان الروم في جميعها أكثر عددا وعدة.


لما رأى المسلمون مطاولة الروم لهم بالشام استمدوا أبا بكر، فكتب إلى خالد بن الوليد يأمره بالمسير إليهم وبالحث، وأن يأخذ نصف الناس ويستخلف على النصف الآخر المثنى بن حارثة الشيباني، ولا يأخذن من فيه نجدة إلا ويترك عند المثنى مثله، وإذا فتح الله عليهم رجع خالد وأصحابه إلى العراق.

اتجه خالد من العراق إلى الشام وفتح عددا من المدن، وصالح بعضها، وصل شرقي جبل حوران، ثم تدمر، ثم القريتين من أعمال حمص، ثم قاتل غسان في مرج راهط وانتصر عليهم، ثم سار إلى بصرى الشام وكانت أول مدينة افتتحها من بلاد الشام حتى بلغ جموع المسلمين في اليرموك، وكان مما مر به خالد مع جيشه مفازة بين قراقر وسوى لا ماء فيها ولا كلأ، الداخل فيها مفقود، والخارج منها مولود، لكن خالدا استعان بدليل يقال له: رافع بن عميرة الطائي، ساعده على تجاوز المفازة بسلام مع جيش قوامه تسعة آلاف مقاتل.


وقعت معركة "مرج الصفر" بين الروم بقيادة ماهان، والمسلمين بقيادة خالد بن سعيد، وذلك في بدايات فتح المسلمين لبلاد الشام، حيث أخذ خالد طريقه لمرج الصفر للهجوم على الروم مما أدى بقائدهم ماهان إلى أن ينحدر بجيشه حتى يستدرج جيوش المسلمين التي اتجهت إلى الجنوب ووصلت إلى مرج الصفر شرق بحيرة طبرية، واغتنم الروم على المسلمين الفرصة وأوقعوا بهم الهزيمة، وصادف ماهان سعيد بن خالد بن سعيد في كتيبة من العسكر فقتلهم وقتل سعيدا في مقدمتهم، وبلغ خالدا مقتل ابنه، ورأى نفسه قد أحيط به فخرج هاربا في كتيبة من أصحابه على ظهور الخيل والإبل، وقد نجح عكرمة بن أبي جهل في سحب بقية الجيش إلى حدود الشام، وانتهت المعركة بانتصار الروم.


هو أبو بكر الصديق عبد الله بن عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي.

وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأول الخلفاء الراشدين، من أوائل المصدقين للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به، بقي معه في مكة حتى هاجر معه فكان صاحبه في ذلك، قدمه النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة بالناس في مرض موته، أنفق في سبيل الله كل ماله، كان وزير النبي صلى الله عليه وسلم وصاحب مشورته، بايعه المسلمون على الخلافة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم كما هو مذكور، توفي أبو بكر الصديق بعد أن بقي خليفة مدة سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام، توفي بعد أن مرض، وقد قام خلال هذه المدة القصيرة برد المرتدين وحربهم والتي شملت أجزاء الجزيرة كلها، ثم كانت الحروب مع الفرس والروم حيث أظهرت قوة المسلمين وإمكاناتهم القتالية التي لا يستهان بها، دفن بجانب النبي صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة، فكان مع صاحبه كما كان معه في الدنيا، فجزاه الله عن الأمة الإسلامية خيرا ورضي الله عنه وأرضاه.


لما مرض أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأحس بدنو أجله جمع عددا من الصحابة الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يشاورهم وعرض عليهم أن يؤمروا رجلا يرضونه في حياته؛ ولكنهم لم يستقروا على أمر، ثم بدأ يسأل الناس عن عمر بن الخطاب، ثم استقر رأيه على استخلاف عمر، فكتب بذلك كتابا نصه: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين، أما بعد، فإني قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب، ولم آلكم خيرا منه.

وقال: اللهم إني استخلفت على أهلك خير أهلك.

وبلغ بذلك الناس، ورضوا به، فكانت تلك خلافة عمر رضي الله عنه.


بعد أن هزم الفرس في النمارق وما بعدها اجتمعوا إلى رستم فأرسل جيشا كثيفا ومعهم راية كسرى وراية أفريدون  فالتقوا مع المسلمين وبينهم جسر فعبر أبو عبيد بن مسعود الثقفي الجسر إليهم وجرت المعركة، وكانت فيلة الفرس تؤذي المسلمين وتؤذي خيولهم، فقتل عدد من قادة المسلمين منهم أبو عبيد القائد، واستحر القتل في المسلمين فمضوا نحو الجسر فقطعه أحد المسلمين وقال: قاتلوا عن دينكم.

فاقتحم الناس الفرات فغرق ناس كثير، ثم عقد المثنى الجسر وعبر المسلمون واستشهد يومئذ من المسلمين ألف وثمانمائة، وقيل أربعة آلاف بين قتيل وغريق، وانحاز بالناس المثنى بن حارثة الشيباني.


بعد أن تولى المثنى بن حارثة قيادة المسلمين وكان عمر رضي الله عنه يمده بالمقاتلين، التقى المثنى مع الفرس في البويب قرب الكوفة، وطلبت الفرس أن يعبر المسلمون إليهم، أو أن يعبروا هم إليهم، فاختار المثنى  أن يعبر الفرس فعبروا, وجرت معركة عنيفة هزم فيها الفرس هزيمة منكرة، وقتل منهم الكثير قتلا أو غرقا في النهر، وقتل فيها قائد الفرس مهران.


غزا معاوية بن هشام أرض الروم من ناحية مرعش.


توغل مسلمة بن عبد الملك في بلاد الترك فقتل منهم خلقا كثيرا، ودانت له تلك الممالك من ناحية بلنجر وأعمالها.


خرج بحضرموت طالب الحق عبد الله بن يحيى الكندي إمام الإباضية؛ تغلب عليها واجتمع عليه الإباضية.

ثم سار إلى صنعاء وبها القاسم بن عمر الثقفي فوقع بينهم قتال كثير، انتصر فيه طالب الحق وهرب القاسم وقتل أخوه الصلت، واستولى طالب الحق على صنعاء وأعمالها، ثم جهز إلى مكة عشرة آلاف وبها عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان فغلبوا على مكة وخرج منها عبد الواحد، وكان على الجيش أبو حمزة المختار ثم سار إلى المدينة وحصل قتال بينهم فاستولى كذلك على المدينة، ثم توجه إلى الشام فأرسل له مروان جيشا بقيادة عبد الملك بن محمد بن عطية الذي هزم جيش أبي حمزة وأكمل سيره إلى المدينة ومكة وصنعاء.


هو الأمير أبو الليث نصر بن سيار المروزي, نائب مروان بن محمد صاحب خراسان, خرج عليه أبو مسلم الخرساني صاحب الدعوة العباسية، وحاربه, فعجز عنه نصر, واستصرخ بمروان غير مرة لكن مروان عجز نجدته لاشتغاله باختلال أمر أذربيجان والجزيرة, فتقهقر نصر, وجاءه الموت على حاجة, فتوفي بساوة, وقد ولي إمرة خراسان عشر سنين.

وكان من رجال الدهر سؤددا وكفاءة.


هو أبو حذيفة واصل بن عطاء المخزومي، كان تلميذا للحسن البصري، سمي هو وأصحابه بالمعتزلة لاعتزالهم مجلس الحسن البصري، وذلك بسبب مسألة مرتكب الكبيرة، فالحسن يقول بأنه لا يزال مؤمنا ولكنه فاسق.

فخالفه واصل ومعه عمرو بن عبيد فقال: فاسق لكنه غير مؤمن فهو في منزلة بين المنزلتين وهو مع ذلك مخلد في النار إن مات على كبيرته، ثم تطور أمر المعتزلة حتى صار مذهبا معروفا يقوم على أسس خمسة هي: التوحيد: والمقصود فيه نفي الصفات، وبنو عليه بالتالي أن القرآن مخلوق، وحرية الاختيار، وأن الإنسان يخلق أفعاله، والوعد والوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمنزلة بين المنزلتين، ثم تكونت فرق نشأت عن أصول المعتزلة، له مؤلفات منها: المنزلة بين المنزلتين والتوحيد.

توفي في المدينة المنورة.


كان إبراهيم بن محمد بن علي زعيم الدعوة العباسية قد سجنه مروان ثم قتله، واختلف في كيفية ذلك، ثم استلم بعده أخوه الملقب بالسفاح عبد الله أبو العباس الذي توجه إلى الكوفة فبويع له بالخلافة، وكانت خراسان قد أخضعت أصلا سابقا للعباسيين.


تراسل أهل قنسرين مع أهل حمص وتزمروا واجتمعوا على أبي محمد السفياني، وهو أبو محمد زياد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فبايعوه بالخلافة، وقام معه نحو من أربعين ألفا فقصدهم عبد الله بن علي فالتقوا بمرج الأخرم، فاقتتلوا مع مقدمة السفياني وعليها أبو الورد فاقتتلوا قتالا شديدا وهزموا عبد الصمد وقتل من الفريقين ألوف، فتقدم إليهم عبد الله بن علي ومعه حميد بن قحطبة فاقتتلوا قتالا شديدا جدا، وجعل أصحاب عبد الله يفرون وهو ثابت هو وحميد.

وما زال حتى هزم أصحاب أبي الورد، وثبت أبو الورد في خمسمائة فارس من أهل بيته وقومه، فقتلوا جميعا وهرب أبو محمد السفياني ومن معه حتى لحقوا بتدمر، وآمن عبد الله أهل قنسرين وسودوا وبايعوه ورجعوا إلى الطاعة، ثم كر عبد الله راجعا إلى دمشق وقد بلغه ما صنعوا، فلما دنا منها تفرقوا عنها ولم يكن منهم قتال فأمنهم ودخلوا في الطاعة.

وأما أبو محمد السفياني فإنه ما زال مضيعا ومشتتا حتى لحق بأرض الحجاز فقاتله نائب أبي جعفر المنصور في أيام المنصور فقتله وبعث برأسه وبابنين له أخذهما أسيرين فأطلقهما المنصور في أيامه.


بعد أن هزم مروان بن محمد ومن معه في معركة الزاب وهرب، وكان إبراهيم بن محمد قد قتل، فكان بعده أخوه عبد الله أبو العباس السفاح، فبايعه الناس في الكوفة، فكان أول خلفاء بني العباس، وبه افتتح عصر الدولة العباسية.


كان أمر الدعوة العباسية قد استفحل خلال السنوات الماضية وقوي أمرها جدا في خراسان وما حولها، حتى بدأت البعوث تسير إلى العراق فخرج مروان بن محمد بجيش إليهم من حران حتى بلغ الزاب وحفر خندقا وكان في عشرين ومائة ألف، وسار أبو عون وهو القادم إلى العراق للدعوة العباسية إلى الزاب، فوجه أبو سلمة إلى أبي عون عيينة بن موسى، والمنهال بن فتان، وإسحاق بن طلحة، كل واحد في ثلاثة آلاف، فعبر عيينة بن موسى في خمسة آلاف، فانتهى إلى عسكر مروان، فقاتلهم حتى أمسوا، ورجع إلى عبد الله بن علي وأصبح مروان فعقد الجسر وعبر عليه، فنهاه وزراؤه عن ذلك، فلم يقبل وسير ابنه عبد الله، فنزل أسفل من عسكر عبد الله بن علي، فبعث عبد الله بن علي المخارق في أربعة آلاف نحو عبد الله بن مروان، فسرح إليه ابن مروان الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم، فالتقيا، فانهزم أصحاب المخارق وثبت هو فأسر هو وجماعة وسيرهم إلى مروان مع رؤوس القتلى، وأرسل مروان إلى عبد الله يسأله الموادعة فلم يقبل ثم حصل قتال بينهم كانت فيه هزيمة مروان ومن معه وفر مروان إلى حران.


لما انهزم مروان وجيشه في الزاب هرب إلى حران فمكث فيها قليلا ثم هرب إلى مصر عن طريق حمص ثم دمشق ثم فلسطين فتبعه العباسيون حتى قتلوه في كنيسة أبي صير، فكان آخر خلفاء بني أمية وبمقتله انتهت الدولة الأموية ويبدأ عهد الدولة العباسية.


هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، القرشي الأموي (مروان الحمار) أبو عبد الملك، أمير المؤمنين، آخر خلفاء بني أمية، بويع له بالخلافة بعد قتل الوليد بن يزيد، وبعد موت يزيد بن الوليد ثم قدم دمشق، وخلع إبراهيم بن الوليد، واستتب له الأمر في صفر سنة سبع وعشرين ومائة, وكان يقال له: مروان الجعدي، نسبة إلى رأي الجعد بن درهم، وقيل: كان الجعد مؤدبه وإليه نسب.

ويلقب بالحمار لصبره في الحرب, ولاه هشام نيابة أذربيجان وأرمينية والجزيرة في سنة أربع عشرة ومائة، ففتح بلادا كثيرة وحصونا متعددة في سنين كثيرة، وكان لا يفارق الغزو، قاتل طوائف من الناس والترك والخزر واللان وغيرهم، فكسرهم وقهرهم، وقد كان شجاعا، بطلا مقداما، حازم الرأي، وهو آخر من ملك من بني أمية، كانت خلافته منذ سلم إليه إبراهيم بن الوليد إلى أن بويع للسفاح خمس سنين وشهرا، وبقي مروان بعد بيعة السفاح تسعة أشهر.


لما قدم صالح بن علي العباسي وأبو عون بجموعهما إلى مصر في طلب مروان بن محمد نزلت عساكرهما الصحراء جنب جبل يشكر، الذي هو الآن جامع أحمد بن طولون، وكان فضاء.

فلما رأى أبو عون ذلك أمر أصحابه بالبناء فيه، فبنوا وبنى هو به أيضا دار الإمارة، ومسجدا عرف بجامع العسكر.

وعملت الشرطة أيضا في العسكر، وقيل لها: الشرطة العليا، فأصبحت كالعاصمة لمصر؛ لأنه قد صارت مسكنا للأمراء بعد ذلك.


أقبل قسطنطين- ملك الروم- إلى ملطية وكمخ، فنازل كمخ، فأرسل أهلها إلى أهل ملطية يستنجدونهم، فسار إليهم منها ثمانمئة مقاتل، فقاتلهم الروم، فانهزم المسلمون، ونازل الروم ملطية وحصروها، والجزيرة يومئذ مفتونة بالحروب الداخلية، وعاملها موسى بن كعب بحران.

فأرسل قسطنطين إلى أهل ملطية: إني لم أحصركم إلا على علم من المسلمين واختلافهم، فلكم الأمان وتعودون إلى بلاد المسلمين حتى أحترث ملطية.

فلم يجيبوه إلى ذلك، فنصب المجانيق، فأذعنوا وسلموا البلاد على الأمان، وانتقلوا إلى بلاد الإسلام وحملوا ما أمكنهم حمله، وما لم يقدروا على حمله ألقوه في الآبار والمجاري.

فلما ساروا عنها أخربها الروم ورحلوا عنها عائدين، وتفرق أهلها في بلاد الجزيرة، وسار ملك الروم إلى قاليقلا فنزل مرج الخصي، وأرسل كوشان الأرمني فحصرها، فنقب إخوان من الأرمن من أهل المدينة ردما كان في سورها، فدخل كوشان ومن معه المدينة وغلبوا عليها وقتلوا رجالها وسبوا النساء وساق القائم إلى ملك الروم.


غزا أبو داود خالد بن إبراهيم أهل كش، فقتل الأخريد ملكها، وهو سامع مطيع، وقتل أصحابه وأخذ منهم من الأواني الصينية المنقوشة المذهبة ما لم ير مثلها، ومن السروج ومتاع الصين كله من الديباج والطرف شيئا كثيرا فحمله إلى أبي مسلم وهو بسمرقند، وقتل عدة من دهاقينهم، واستحيا طاران أخا الأخريد وملكه على كش, ثم رجع أبو داود إلى بلخ.


أمر أبو مسلم الخرساني ببناء سور سمرقند، بعد انصرافه من سمرقند وفتكه بأهل الصغد وبخارى؛ واستخلف زياد بن صالح على سمرقند وبخارى


غزا عبد الله بن حبيب جزيرة صقلية وغنم بها وسبى وظفر بها ما لم يظفره أحد قبله بعد أن غزا تلمسان.


لما اشتغل ولاة إفريقية بالفتنة مع البربر، أمن الروم في صقلية فعمروها من جميع الجهات وعمروا فيها الحصون والمعاقل، وصاروا يخرجون كل عام مراكب تطوف بالجزيرة وتذب عنها، وربما طارقوا تجارا من المسلمين فيأخذونهم.