Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


خرج أبو الحسين ابن المستنصر إلى الأمير خمارتاش الحافظي، صاحب الباب بمصر على الحافظ صاحب مصر الفاطمي العبيدي، وقال له: اجعلني خليفة وأنا أوليك الوزارة، فطالع الأمير خمارتاش الحافظ صاحب مصر بذلك، فأمر بالقبض عليه، فقبض عليه واعتقل.


هو أبو سعيد جقر بن يعقوب الهمذاني الملقب نصير الدين، كان نائب عماد الدين زنكي صاحب الجزيرة الفراتية والموصل والشام، استنابه عنه بالموصل، وكان جبارا عسوفا سفاكا للدماء مستحلا للأموال، كان الملك فروخشاه بن السلطان محمود السلجوقي المعروف بالخفاجي يطمع في السلطنة بعد السلطان مسعود, وكان فروخشاه بالموصل هذه السنة ونصير الدين جقر ينزل إليه كل يوم يخدمه ويقف عنده ساعة ثم يعود, وكان جقر يعارضه ويعانده في مقاصده، فحسن المفسدون للملك فروخشاه قتله وقالوا له إنك إن قتلته ملكت الموصل وغيرها ويعجز أتابك أن يقيم بين يديك ولا يجتمع معه فارسان عليك، فوقع هذا في نفسه وظنه صحيحا، فلما دخل نصير الدين إليه على عادته وثب عليه جماعة من غلمانه فقتلوه وألقوا رأسه إلى أصحابه؛ ظنا منهم أن أصحابه إذا رأوا رأسه تفرقوا ويملك الملك فروخشاه البلاد, وكان الأمر بخلاف ما ظنوا؛ فإن أصحابه وأصحاب أتابك زنكي الذين معه لما رأوا رأسه قاتلوا من بالدار مع الملك، واجتمع معهم الخلق الكثير، وكانت دولة أتابك مملوءة بالرجال الأجلاد ذوي الرأي والتجربة، فلم يتغير عليه بهذا الفتق شيء, وكان في جملة من حضر القاضي تاج الدين يحيى بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري أخو كمال الدين، فدخل إلى الملك فروخشاه وخدعه حتى أصعده إلى القلعة وهو يحسن له الصعود إليها وحينئذ يستقر له ملك البلد، فلما صعد القلعة سجنوه بها وقتل الغلمان الذين قتلوا النصير وأرسلوا إلى أتابك يعرفونه الحال، فسكن جأشه واطمأن قلبه وأرسل زين الدين على بن بكتكين واليا على قلعة الموصل، وكان كثير الثقة به والاعتماد عليه، فسلك بالناس غير الطريق التي سلكها النصير، وسهل الأمر، فاطمأن الناس وأمنوا وازدادت البلاد معه عمارة.


لما فرغ أتابك زنكي من أخذ الرها وإصلاح حالها والاستيلاء على ما وراءها من البلاد والولايات، سار إلى قلعة البيرة وهي حصن حصين مطل على الفرات وهو لجوسلين الثاني أيضا، فحصره وضايقه، فأتاه الخبر بقتل نائبه بالموصل والبلاد الشرقية نصير الدين جقر بن يعقوب، فرحل عنها خوفا من أن يحدث بعده في البلاد فتق يحتاج إلى المسير إليها, فلما رحل عنها، وأرسل نائبا له إلى الموصل، وأقام ينتظر الخبر، فخاف من بالبيرة من الفرنج أن يعود إليهم زنكي، وكانوا يخافونه خوفا شديدا، فأرسلوا إلى نجم الدين صاحب ماردين وسلموها له، فملكها المسلمون.


في سادس جمادى الآخرة، فتح أتابك عماد الدين زنكي بن آقسنقر مدينة الرها من الفرنج، وفتح غيرها من حصونهم بالجزيرة أيضا، وكان ضررهم قد عم بلاد الجزيرة وشرهم قد استطار فيها، ووصلت غاراتهم إلى أدانيها وأقاصيها، وبلغت آمد ونصيبين ورأس عين والرقة، وكانت مملكتهم بهذه الديار من قريب ماردين إلى الفرات مثل الرها، وسروج، والبيرة، وسن ابن عطير، وحملين، والموزر، والقرادي، وغير ذلك.

وكانت هذه الأعمال مع غيرها مما هو غرب الفرات لجوسلين، وكان صاحب رأي الفرنج والمقدم على عساكرهم؛ لما هو عليه من الشجاعة والمكر، وكان زنكي يعلم أنه متى قصد حصر الرها، اجتمع فيها من الفرنج من يمنعها، فيتعذر عليه ملكها لما هي عليه من الحصانة، فاشتغل بقتال الملوك الأرتقية بديار بكر ليوهم الفرنج أنه غير متفرغ لقصد بلادهم، فلما رأوا أنه غير قادر على ترك الملوك الأرتقية وغيرهم من ملوك ديار بكر، حيث إنه محارب لهم، اطمأنوا، وفارق جوسلين الرها وعبر الفرات إلى بلاد الغربية، فجاءت عيون أتابك إليه فأخبرته فنادى العسكر بالرحيل وألا يتخلف عن الرها أحد من غد يومه، وجمع الأمراء عنده، وقال: قدموا الطعام، وقال: لا يأكل معي على مائدتي هذه إلا من يطعن غدا معي على باب الرها، فلم يتقدم إليه غير أمير واحد وصبي لا يعرف؛ لما يعلمون من إقدامه وشجاعته، وأن أحدا لا يقدرعلى مجاراته في الحرب، فقال الأمير لذلك الصبي: ما أنت في هذا المقام؟ فقال أتابك: دعه فوالله إني أرى وجها لا يتخلف عني، وسار والعساكر معه، ووصل إلى الرها، وكان هو أول من حمل على الفرنج ومعه ذلك الصبي، وحمل فارس من خيالة الفرنج على أتابك عرضا، فاعترضه ذلك الأمير فطعنه فقتله، وسلم الشهيد، ونازل البلد، وقاتله ثمانية وعشرين يوما، فزحف إليه عدة دفعات، وقدم النقابين فنقبوا سور البلد، وطرحوا فيه الحطب والنار فتهدم، ودخلها فحاربهم، ولج في قتاله خوفا من اجتماع الفرنج والمسير إليه واستنقاذ البلد منه، فأخذ البلد عنوة وقهرا، وحصر قلعة الرها فملكها أيضا, فنصر الله المسلمين وغنموا غنائم عظيمة، وخلصوا أسارى مسلمين يزيدون على خمسمئة.

ونهب الناس الأموال وسبوا الذرية وقتلوا الرجال، فلما رأى أتابك زنكي البلد أعجبه، ورأى أن تخريب مثله لا يجوز في السياسة، فأمر فنودي في العساكر برد من أخذوه من الرجال والنساء والأطفال إلى بيوتهم، وإعادة ما غنموه من أثاثهم وأمتعتهم، فردوا الجميع عن آخرهم لم يفقد منهم أحد إلا الشاذ النادر الذي أخذ وفارق من أخذه العسكر، فعاد البلد إلى حاله الأول، وجعل فيه عسكرا يحفظه، وكان جمال الدين أبو المعالي فضل الله بن ماهان رئيس حران هو الذي يحث أتابك في جميع الأوقات على أخذ الرها، ويسهل عليه أمرها, ثم رحل إلى سروج ففتحها، وهرب الفرنج منها، وتسلم سائر الأماكن التي كانت بيد الفرنج شرقي الفرات ما عدا البيرة؛ فإنها حصينة منيعة، وعلى شاطئ الفرات، فسار إليها وحاصرها، وكانوا قد أكثروا ميرتها ورجالها، فبقي على حصارها إلى أن رحل عنها عندما جاءه الخبر من الموصل أن نصير الدين جقر نائبه بالموصل قتل، فخاف عليها، وترك البيرة بعد أن قارب أخذها, وسار جهة الموصل، ولما بلغ زنكي خبر قتل من قتل جقر، سكن جأشه واطمأن قلبه.


هو أمير المسلمين تاشفين بن علي بن يوسف بن تاشفين صاحب المغرب، وكانت ولايته تزيد على أربع سنين، تولى تاشفين غزو الأسبان أيام أبيه فافتتح عدة حصون، ولما توفي أبوه بويع له بالعهد، وكان عبد المؤمن أمير الموحدين قد توغل بالمغرب فقاتله تاشفين فكانت أيامه حروبا كلها هزائم وكان موته في إحدى المعارك، حيث كان فارا بفرسه الذي كبا به فخر على وجهه ميتا، وقيل إن تاشفين قصد حصنا هناك على رابية، وله فيه بستان كبير فيه من كل الثمار، فاتفق أن عمر الهنتاتي، مقدم عسكر عبد المؤمن، سير سرية إلى الحصن، يعلمهم بضعف من فيه، ولم يعلموا أن تاشفين فيه، فألقوا النار في بابه فاحترق، فأراد تاشفين الهرب، فركب فرسه، فوثب الفرس من داخل الحصن إلى خارج السور، فسقط في النار، فأخذ تاشفين، وأرادوا حمله إلى عبد المؤمن، فمات في الحال لأن رقبته كانت قد اندقت، فصلب، وقتل كل من معه، وتفرق عسكره ولم يعد لهم جماعة، وكانت مدة ولايته سنتين وشهرين وخلفه أخوه إسحاق بن علي، وكان صبيا, فضعف أمر الملثمين، وقوي عبد المؤمن.


لما قتل تاشفين أرسل عمر الهنتاتي- مقدم عسكر عبد المؤمن- إليه بالخبر، فجاء عبد المؤمن من تاجرة في يومه بجميع عسكره، وتفرق عسكر تاشفين، واحتمى بعضهم بمدينة وهران، فلما وصل عبد المؤمن دخلها بالسيف، وقتل فيها ما لا يحصى، ثم سار إلى تلمسان، وهما مدينتان بينهما شوط فرس، إحداهما تاهرت، وبها عسكر المسلمين، والأخرى أقادير، وهي بناء قديم، فامتنعت أقادير، وغلقت أبوابها، وتأهب أهلها للقتال.

وأما تاهرت، فكان فيها يحيى بن الصحراوية، فهرب منها بعسكره إلى مدينة فاس، وجاء عبد المؤمن إليها، فدخلها لما فر منها العسكر، ولقيه أهلها بالخضوع والاستكانة، فلم يقبل منهم ذلك وقتل أكثرهم، ودخلها عسكره، ورتب أمرها، ورحل عنها، وجعل على أقادير جيشا يحصره.


وقوع فتنة عظيمة بين الأمير هاشم بن فليتة بن القاسم العلوي الحسيني، أمير مكة، والأمير قطز الخادم أمير الحاج، فنهب أصحاب هاشم الحجاج وهم في المسجد يطوفون ويصلون، ولم يرقبوا فيهم إلا ولا ذمة.