Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


هو وزير الديار المصرية العبيدي، الملك أبو عبد الله المأمون بن البطائحي الرافضي، ويقال: إن أباه كان من جواسيس الأفضل بالعراق، وإنه مات ولم يخلف شيئا، فتزوجت أمه وتركته فقيرا، ثم صار من أجناد المشارقة, وهو ممن خدم المستنصر، وإنه الذي لقبه بالمأمون.

وترقى به الحال إلى الملك، وهو الذي أعان الآمر بالله على الفتك بالوزير أمير الجيوش الأفضل السني، وولي منصبه، وكان المأمون شهما مقداما، جوادا بالأموال، سفاكا للدماء، عضلة من العضل، ثم إنه زين لأحد إخوة الآمر قتل الآمر، ودخل معهما أمراء، فعرف بذلك الآمر، فقبض على وزيره المأمون في ليلة السبت لأربع خلون من شهر رمضان سنة519، وقبض على إخوته الخمسة مع ثلاثين رجلا من أهله وخواصه، ولما اعتقل المأمون وجد له سبعون سرجا من ذهب مرصع ومائتا صندوق مملوءة كسوة بدنه.

ووجد لأخيه المؤتمن أربعون سرجا بحلي ذهب وثلاثمائة صندوق فيها كسوة بدنه، ومائتا سلة ما بين بلور محكم وصيني لا يقدر على مثلها، ومائة برنية (فخار كبير) مملوءة كافور قنصوري؛ ومائة وعاء مملوء عودا، ومن ملابس النساء ما لا يحد.

حمل جميع ذلك إلى القصر، وصلب المأمون مع إخوة الآمر سنة 522.

وقيل: إن سبب القبض عليه أنه بعث إلى الأمير جعفر بن المستعلى، أخي الآمر، يعزيه بقتل أخيه الآمر ووعده أنه يعتمد مكانه في الحكم، فلما تعذر ذلك بينهما بلغ الشيخ الأجل، أبا الحسن علي بن أبي أسامة، كاتب الدست، وكان خصيصا بالآمر قريبا منه، وكان المأمون يؤذيه كثيرا.

فبلغ الآمر الحال، وبلغه أيضا أن بلغ نجيب الدولة أبا الحسن إلى اليمن وأمره أن يضرب السكة ويكتب عليها: الإمام المختار محمد بن نزار.

ويقال: إنه سم مبضعا ودفعه لفصاد الآمر، فأعلم الفصاد الآمر بالمبضع.

وكان مولد المأمون سنة 478، وقيل سنة تسع.

وكان من ذوي الآراء والمعرفة التامة بتدبير الدول، كريما واسع الصدر، سفاكا للدماء، شديد التحرز، كثير التطلع إلى أحوال الناس من الجند والعامة؛ فكثر الواشون والسعاة بالناس في أيامه.

وكان المأمون شديد المهابة في النفوس وعنده فطنة تامة وتحرز وبحث عن أخبار الناس وأحوالهم، حتى إنه لا يتحدث أحد من سكان القاهرة ومصر بحديث في ليل أو نهار إلا ويبيت خبره عند المأمون، ولا سيما أخبار الولاة وعمالهم.

ومشت في أيامه أحوال البلاد وعمرت، وساس الرعايا والأجناد وأحسن سياسته، إلا أنه اتهم بأنه هو أقام أولئك الذين قتلوا الأفضل وأعدهم له وأمرهم بقتله؛ ليجعل له بذلك يدا عند الآمر، ولأنه كان يخاف أن يموت الأفضل فيلقى من الآمر ما يكرهه؛ لأنه كان أكبر الناس منزلة عند الأفضل ومتحكما في جميع أموره.

وكان مع ذلك محببا إلى الناس؛ لكثرة ما يقضيه من حوائجهم ويتقرب به من الإحسان إليهم، ويأخذ نفسه بالتدبير الجيد والسيرة الحسنة.


صاحب دمشق الملك أبو منصور أتابك طغتكين -أتابك يعني الأمير الوالد- وهو من مماليك السلطان تتش بن ألب أرسلان، زوجه بأم ولده دقاق، فلما قتل السلطان تملك بعده ابنه دقاق، وصار طغتكين مقدم عسكره، ثم تملك بعد دقاق.

كان عاقلا خيرا شهما شجاعا، مهيبا مجاهدا، مؤثرا للعدل، يلقب ظهير الدين, كثير الغزوات والجهاد للفرنج، حسن السيرة في رعيته، ولما توفي ملك بعده ابنه تاج الملوك بوري، وهو أكبر أولاده، بوصية من والده بالملك، وأقر وزير أبيه أبو علي طاهر بن سعد المزدقاني على وزارته.

قال الذهبي: "لولا أن الله أقام طغتكين للإسلام بإزاء الفرنج، وإلا كانوا غلبوا على دمشق؛ فقد هزمهم غير مرة، فقد كان سيفا مسلولا على الفرنج.

لكن له خرمة؛ كان قد استفحل البلاء بداعي الإسماعيلية بهرام بالشام، وكان يطوف المدائن والقلاع متخفيا، ويغوي الأغتام والشطار، وينقاد له الجهال، إلى أن ظهر بدمشق بتقرير قرره صاحب ماردين إيلغازي مع طغتكين، فأخذ يكرمه طغتكين، ويبالغ اتقاء لشره، فتبعه الغوغاء والسفهاء والفلاحون، وكثروا، ووافقه الوزير طاهر المزدقاني، وبث إليه سره، ثم التمس من الملك طغتكين قلعة يحتمي بها، فأعطاه بانياس سنة 520، فعظم الخطب، وتوجع أهل الخير، وتستروا من سبهم، وكانوا قد قتلوا عدة من الكبار", وقال ابن الجوزي: "كان طغتكين شهما عادلا، حزن عليه أهل دمشق، فلم تبق محلة ولا سوق إلا والمأتم قائم فيه عليه؛ لعدله وحسن سيرته.

حكم على الشام خمسا وثلاثين سنة، وسار ابنه بسيرته مديدة، ثم تغير وظلم".

وقال فيه أبو يعلى بن القلانسي: "مرض ونحل، ومات في صفر سنة 522، فأبكى العيون، وأنكأ القلوب، وفت في الأعضاد، وفتت الأكباد، وزاد في الأسف، فرحمه الله، وبرد مضجعه".