نعاهُ للفضلَ والعلياءِ والنسب
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
نعاهُ للفضلَ والعلياءِ والنسب | ناعيه للأرضِ والأفلاك والشهب |
ندباً وشرعاً وجوب الحزن حين مضى | فأي حزن وقلب فيه لم يجب |
نعم إلى الارض ينعى والسماء على | فقيدكم يا سراة َِ المجدِ والحسب |
بالعلم والعمل المبرور قد ملئت | أرضٌ بكم وسماءٌ عن أبٍ فأب |
مقدمٌ ذكرُ ماضيكم ووارثه | في الوقت تقديمَ بسم الله في الكتب |
آهاً لمجتهد في العلم يندبه | من بات مجتهداً في الحزن والحرب |
بينا وفود الندى منهلة منناً | إذا نازلتنا الليالي فيه عن كثب |
و أقبلت نوبُ الأيامِ ثائرة ً | إذ كان عوناً على الأيامِ والنوب |
ففاجأتنا يدُ التفريقِ مسفرة ً | عن سفرة ٍ طال فيها شجوُ مرتقب |
و جاءنا عن إمامٍ مبتدا خبرٍ | لكن به السمع ُ منصوبٌ على النصب |
قالت دمشقُ بدمع النهرِ واخبراً | فزعت فيه بآمالي إلى الكذب |
حتى إذا لم يدع لي صدقهُ أملاً | شرقتُ بالدمع حتى كادَ يشرق بي |
و كلمتنا سيوفُ الكتب قائلة ً | ما السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتب |
و قال موتُ فتى الانصارِ مغتبطاً | الله اكبرُ كلّ الحسنِ في العرب |
لقد طوى الموتُ من ذاكَ الفرند حلى | كانت حلى الدين والأحكام والرتب |
و خصّ مغنى دمشق الحزنُ متصلا ً | بفرقتين أباتتها على وصب |
كادت رياحُ الأسى والحزن تعكسها | حتى الغصون بها معكوسة العذب |
و الجامع الرحب أضحى صدره حرجاً | والنسر ضمّ جناحيه من الرهب |
و للمدراس همّ كاد يدرسها | لولا تدارك أبناءٍ له نجب |
من للهدى والندى لولا بنوه ومن | للفضل يسحب أذيالاً على السحب |
من للفتوة والفتوى مجانسة | في الصيغتين وفي الآداب والأدب |
من للتواضع حيث القدر في صعدٍ | على النجوم وحيث العلم في صبب |
من للتصانيف فيها زينة وهدى | و رجم باغٍ فيا لله من شهب |
أمضى من النصل في نصر الهدى فإذا | سلتِ نصال العدى أوقى من اليلب |
ذو همة ٍ في العلى والعلمِ قد بلغت | فوق السماك وما تنفك في دأب |
حتى رأى العلم شفع الشافعي به | و قال من ذا وذا أدركتُ مطلبى |
من للتهجد أو من للدعا بسطت | به وبالجود فينا راحتا تعب |
من للمدائحِ فيه قد حلت وصفت | كأنما افتر منها الطرسُ عن شنب |
لهفي لنظام مدح ٍ فكرُ أجمعهم | بالهم لا بالذكا أمسى أبا لهب |
كأن أيديهمو تبت أسى فغدت | من عيّ أقلامها حمالة َ الحطب |
لهفي على الطهر في عرض وفي سمة | وفي لسان وفي حكم وفي غضب |
محجبٌ غير ممنوعِ الندى بسنا | عليائهِ ومهيب غير محتجب |
أضحى لسبك فخارٍ من محاسنه | على العراق فخار غير منتقب |
آهاً لمرتحلٍ عنا وأنعمهُ | مثل الحقائب للمثنين والحقب |
إيمان حب إلى الاوطان حركه | حتى قضى نحبه يا طول منتحب |
لهفي لكل وقور من بنيه بكى | وهو الصواب بصوب الواكف السرب |
و كل بادية في الحجب قلنَ لها | يا أختَ خير أخ يا بنتَ خير أب |
إلى الحسين انتهى مسرى علي فلا | هنئت يا خارجي الهم بالغلب |
بعدَ الإمام عليٍّ لا ولاء لنا | من الزمان ولا قربى من النسب |
يا ثاوياً والثنا والحمدُ ينشره | بقيتَ أنتَ وأفنتنا يد الكرب |
نم في مقام نعيم غير منقطع | و نحن في نار حزن غير متئب |
من لي بمصر التي ضمتك تجمعنا | ولو بطون الثرى فيها فيا طربي |
ما أعجب الحال لي قلبٌ بمصرَ وفي | دمشق جسمي ودمعُ العينِ في حلب |
بالرغم منا مراثٍ بعد مدحك لا | تسلى ونحنُ مع الأيامِ في صخب |
ما بين أكبادنا والهمّ فاصلة ٌ | كلاّ ولا لصنيع الشعر من سبب |
أما القريضُ فلولا نسلكم كسدت | أسواقهُ وغدت مقطوعة الجلب |
قاضي القضاة ِ عزاءً عن إمام تقى | بالفضل أوصى وصايا المرءِ بالعقب |
فأنت في رتب العليا وما وسعت | بحرٌ تحدث عنه البحر بالعجب |
ما غاب عنا سرى شخص لوالده | وعلمه والتقى والجود لم يغب |
جادت ثراك أبا الحكام سحبُ حياً | تخطو بذيلٍ على مثواك منسحب |
وسار نحوك منّا كلّ شارقة ٍ | سلام كلّ شجيّ القلب مكتئب |
تحية الله نهديها وتتبعها | فبعدَ بعدكِ ما في العيش من أرب |
وخفّف الحزن إنا لاحقون بمن | مضى فأمضى شباة الحادث الأشب |
إن لم يسر نحونا سرنا إليه على | أيامنا والليالي الذهب والشهب |
إنا من التّرب أشباح مخلقة | فلا عجيبٌ مآلُ التربِ للترب |