قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إنما ينقض الإسلام عروة عروة من نشأ في الإسلام ولم يعرف الجاهلية ولا يجب على كل مسلم أن تكون معرفته دقيقة بالكفر والجاهلية ومظاهرهما وأشكالهما وألوانهما ولكن على من يتزعم الإسلام ويتولى قيادة الجيش الإسلامي ضد الكفر والجاهلية ، أن تكون معرفته بالكفر والجاهلية فوق معرفة عامة المسلمين وأوساطهم

الإسلام يهدي الناس إلى الشعور بالمسئولية الخلقية في كل عمل يعمله كبيراً كان أو صغيراً إن نظام الإسلام الديني لا يسمح أبداً بمثل ما أمر به الإنجيل قائلاً " أعطوا ما لقيصر لقيصر وأعطوا ما لله لله " ، لأن الإسلام لا يسمح بتقسيم حاجات حياتنا إلى خلقية وعملية ، ليس هناك إلا خيرة فقط ، خيرة بين الحق والباطل ، وليس شيء وسطاً بينهما


أنهم لم يتولوا الحكم والقيادة بغير تربية خلقية وتزكية نفس، بخلاف غالب الأمم والأفراد ورجال الحكومة في الماضي والحاضر بل مكثوا زمنًا طويلًا تحت تربية محمد صلى الله عليه وسلم وإشرافه الدقيق يزكيهم ويؤدبهم ويأخذهم بالزهد والورع والعفاف والأمانة  والإيثار على النفس وخشية الله وعدم الاستشراف للإمارة والحرص عليها   

الإسلام لا يسمح بالنظرية المادية القائلة (( إن مملكتي ليست إلا هذا العالم)) ولا بالنظرية المسيحية التي تزدري الحياة وتقول (( ليس هذا العالم مملكتي )) وطريق الإسلام طريق وسط بينهما ، القرآن يرشدنا أن ندعو: { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً }

ينبغي لكل فرد مسلم أن يعد نفسه مسئولا شخصيا عن المحيط الذي يحيط به وكل ما يقع حوله ومأمورا بالجهاد لاقامة الحق ومحق الباطل في كل وقت وفي كل جهه

أصبح المال هو الروح الساري في جسم المجتمع البشري والحافز الأكبر للناس على أعمالهم ونشاطهم المدني ، وقد يدفع المخترع إلى الاختراع والصانع إلى صناعته والسياسي إلى مقالته والمرشح إلى انتخابه والعالم إلى تأليفه ، حتى القادة إلى الحرب ، فهو القطب الذي تدور حوله رحى الحياة العصرية

إن اخوف ما يخاف على أمة ويعرضها لكل خطر ويجعلها فريسة للمنافقين ولعبة للعابثين هو فقدان الوعي في هذه الأمة، وافتتانها بكل دعوة واندفاعها إلى كل موجة وخضوعها لكل متسلط وسكونها على كل فظيعة 

لم يكن نظر الناس إلى الدين على أنه المعين يستمد منه الناس ما يعينهم على العمل الصالح بل كان الدين في نظرهم هو الاعتقاد المجرد في أصول معينة

إذا تغلبت جماعة لا تعبد إلا المادة وما إليها من لذة ومنفعة محسوسة، ولا تؤمن إلا بهذه الحياة، ولا تؤمن بما وراء الحس أثرت طبيعتها ومبادئها وميولها في وضع المدنية وشكلها، وطبعتها بطابعها، وصاغتها في قالبها، فكملت نَوَاحٍ للإنسانية واختلت نَوَاحٍ أُخرى أهمّ منها وعاشت هذه المدنية وازدهرت في الجصِّ والآجر وأخصبت في ميادين الحروب وساحات وماتت وأجدبت في القلوب والأرواح

لم تزل طريق الملوك والفاتحين غير طريق الأنبياء والهداة والمصلحين ، وإن الحقيقة التي ذكرها القرآن على لسان ملكة سبأ حقيقة راهنة لا تختلف في الأزمنة والأمكنة : { إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً }

وكذلك ضاعت رسالة الأنبياء، والأخلاق الفاضلة والمبادئ السامية في العالم المتمدن المعمور بين غنى مطغٍ وفقر مسن، وأصبح الغني في شغل عن الدين والاهتمام بالآخرة والتفكير في الموت وما بعده بنعيمه وترفه، وأصبح الفلاح أو العامل في شغل عن الدين كذلك لهمومه وأحزانه وتكاليف حياته ​​​​​​​

محمداً صلى الله عليه وسلم لم يبعث لينسخ باطلاً بباطل ويبدل عدواناً بعدوان ، ويحرم شيئاً في مكان ويحله في مكان آخر ، ويبدل أثرة أمة بأثرة أمة أخرى ، لم يبعث زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً ، يجر النار إلى قرصه ويصغي الإناء إلى شقه ، ويخرج الناس من حكم الفرس والرومان إلى حكم عدنان وقحطان وإنما أرسل إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً

 الإسلام هو قومية العالم العربي , ومحمد صلى الله عليه وسلم هو روح العالم العربي وإمامة وقائده 

إن العالم العربي لا يسعد وخيرة الشباب في العواصم العربية عاكفون على شهواتهم تدور حياتهم حول المادة والمعدة


وليس لنا أن نطلب من أحد أن يؤمن بهذا الدين قبل أن نؤمن نحن أولا به ولن يكون هذا الإيمان إلا بالقدوة الطيبة الصالحة نقدمها للناس جميعاً  

وكان الدين والقومية ككفتي ميزان كلما رجحت واحدة طاشت الاخري ومعلوم ان كفة الدين لم تزل تخف كل يوم ولم تزل كفة منافسته راجحة

أشد العقبات التي واجهها الأنبياء والدعاة الدينيون , واصطدمت بها خطبهم ومواعظهم ودعوتهم , هم أولئك الذين حرموا الحاسة الدينية أو فقدوها بتاتًا , والذين تحجرت قلوبهم وماتت نفوسهم في مسألة الدين, والذين آلوا على أنفسهم أنهم لا يفكرون في أمر الدين وأمور الآخرة

  إن العالم لا يمكن أن يصل إلى السعادة إلا على قنطرة من جهاد ومتاعب يقدمها الشباب المسلم 

عندما سئل الأستاذ أبو الحسن علي الندوي –رحمه الله تعالي – عن مصر : فقال في الحسنات: الإيمان بالله والدين, والمحبة للمسلم خاصة إذا كان غريباً, ورقة القلب, وسلامة الصدر, وكثرة الأعمال المنتجة أما عن السيئات فقال في تحرج: السفور وعدم التستر والصور الخليعة في الصحف والمجلات, واستهانة بعض العلماء ببعض المحرمات, وعدم المحافظة علي صلاةِ الجماعة في المساجد بالرغم من كثرتها, والإندفاع في تقليد الحضارة الغربية بلا تبصر

بالإيمان الواسع العميق والتعليم النبوي المتقن، وبفضل هذا الكتاب السماوي المعجز الذي لا تنقضي عجائبه ولا تخلق جدته، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإنسانية المحتضرة حياة جديدة, عمد إلى الذخائر البشرية وهي أكداس من المواد الخام لا يعرف أحد غناءها الأرض فأوجد فيها بإذن الله الإيمان والعقيدة وبعث فيها الروح الجديدة