إن كل مجتمع عاش خبرة معينة، والخبرة هي مجموعة مشكلات وصعوبات اصطدم بها في تطوراته المتلاحقة وكان عليه أن يتخطاها بشكل أو بآخر

إن التعامل الأولى مع علم أصول الفقه يبرز أدوات منهجية يمكن تطويرها لصالح دراسة التراث السياسي الإسلامي من مثل قواعد تحليل النص، وطريقة الاقتراب المنهجي لكل من القرآن والسنة

بدأت الحضارة الإسلامية جاعلة من مبادئ ثلاثة المحور الفكري لنظام القيم الذي سعت إلى بنائه، مبدأ العدالة والشورى كقاعدة لعملية اتخاذ القرار السياسي، مبدأ احترام الشخصية الفردية بوصف كونها قيمة إنسانية كجوهر لطبيعة تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم

الحضارة الإسلامية جوهرها العقيدة الإسلامية، والعقيدة الإسلامية تقوم على مبدأ الارتقاء الديني

تخريج الأحكام ليس وظيفة الحاكم وما نسب إلى الحكام من قبيل سن القوانين بالمعنى المتعارف في التقاليد الغربية يكاد يكون لا وجود له

الواقع أن الفكر السياسي بوصفه أحد مظاهر التراث السياسي يجب أن يقصد به تلك المجموعة من المبادئ والقيم السياسية التي ارتبطت بمجتمع معين، والتي قدر لها بدرجة أو بأخرى، أن تتبلور في شكل منطق متكامل مع درجة معينة من الدقة والتفصيل في الجزئيات

منذ أن عدت إلى مدينة آبائي وأجدادي، قضيت خمسة عشر عاماً أنبش في تلك الحضارة التي تعلقت بها، أريد أن أثبت لنفسي أن العاطفة لا موضع لها ولكن هناك التقييم الموضوعي الرصين

نقل المفاهيم الإسلامية في صفائها وحقيقتها إلى لغة العصر لا يمكن أن يتحقق إلا عقب بناء النظرية السياسية الإسلامية؛ لأن هذا البناء وحده هو الذي سوف يخلق ذلك التكامل الذي يمثل خاتمة المطاف في الفضول التاريخي ونقطة البداية في التعامل الحركي مع التراث الإسلامي

والظاهرة التي لا بد أن تستوقف الانتباه والتي تقودنا إلى الفكر السياسي الإسلامي كيف أن مفكري السياسة في تلك الحضارة وبرغم أنهم جمعوا بين الفكر والحركة، بين التأصيل النظري والممارسة العملية، إلا أن أحداً منهم لم يتناول مشكلة عصره بشكل أو بآخر ولم تقتصر هذه الظاهرة على فلاسفة السياسة، بل تعدتهم إلى فقهاء التشريع

النظرية السياسة الإسلامية لا تقبل التطرف في أي معنى من معانيه ترفض التطرف في معانيه المثالية أساساً للحكم والتقييم

إن المفاهيم ليست ألفاظاً أو مصطلحات إنها تمثل مجموعة من العناصر التي من خلال خلق التجانس بينها نستطيع أن نصل إلى الحقيقة السياسية

والواقع أن التاريخ بصفة عامة هو أحد مصادر التحليل العلمي لظاهرة السلطة، إن المعمل بمعنى اقتطاع الخبرة وإخضاعها للتحليل المباشر الذي أساسه التحكم في تطور الظاهرة لا تسمح به طبيعة الظاهرة السياسية، ومن ثم فليس أمامنا بديل للتحليل المعملي سوى التاريخ حيث يصير حقلاً للتجارب والملاحظات والمشاهدة

الالتزام بالأخلاقيات في نطاق الحركة السياسية هو أمر واجب، لم نعرف في تاريخ الفكر السياسي الإسلامي من خرج على هذه القاعدة

نستطيع بصفة عامة أن نميز -لا فقط من حيث طبيعة وجوهر ومضمون النص السياسي بل وكذلك من حيث قواعد وخصائص المنهاجية- بين صور أربع في الأدب السياسي كل منها تملك خصائصها ومستوياتها: الفلسفة، الفلسفة السياسية، الفكر السياسي، ثم النداءات الحركية

المشكلة الحقيقية في نطاق التطور السياسي لا تعني فقط تحديد القيم، بقدر تحديد العلاقة التصاعدية بين القيم، وما يستتبع ذلك من نتائج بخصوص قواعد التعامل من جانب وعناصر تقييم للسلوك من جانب آخر

الأبعاد التي تثيرها الخبرة -الإسلامية-: أولاً: نظرية التعامل النفسي وأهمية المتغير المعنوي في تحليل وفهم الظواهر الاجتماعية ثانياً: نظرية التدبر السياسي بمعنى خلق نماذج للتعامل مع المستقبل ثالثاً: النظرية السلوكية بمعنى النماذج المختلفة للعلاقة بين المنبه أو الوقائع المستقلة عن الإرادية والفرد أو الحقيقة البشرية في تعاملها مع المنبه رابعاً: نظرية الدعوة بوصفها أسلوباً من أساليب التعامل مع النفس البشرية

متابعة تاريخ الفكر السياسي تفرض علينا أن نلاحظ كيف أن أمهات الفكر السياسي لم تبرز إلا خلال فترات الأزمات السياسية، أي تلك المراحل التي تمتاز بضعف وعدم فاعلية النظم السياسية

-علم السياسة- يدور حول عناصر ثلاثة: ظواهر، علاقات بين الظواهر، مفاهيم للتعبير عن تلك الظواهر وتلك العلاقات