إن التوحيد الذى يلح الإسلام فى تقريره، ويحض البشر على فهمه والأخذ به ليس بدعة جاء بها النبى محمد كلا، إنه توكيد الدعوة الأولى التى هتف بها الأنبياء أجمعون، وإبراز الأصل الذى قامت عليه دياناتهم كلها

إن الإيمان بالله واليوم الآخر، وفرائض الصلاة والزكاة أشعة تتجمع فى حياة الإنسان لتسدد خطوه وتلهمه رشده، وتجعله فى الوجود موصولا بالحق لا يتنكر له، ولا يزيغ عنه

إن مرحلة المشورة فى أمر ما لا يجوز أن تستمر أبدا، بل هى حلقة تسلم إلى ما بعدها من عمل واجب فإذا تقرر العمل، فلنمضي فى إتمامه قدماً، ولنقهر علل القعود والخوف، ولنستعن بالله حتى نفرغ منه

من المؤسف أن بعض الناس يقع على السيئة فى سلوك شخص ما فيقيم الدنيا ويقعدها من أجلها، ثم يعمى أو يتعامى عما تمتلئ به حياة هذا الشخص من أفعال حسان وشمائل كرام

الذين لا يستفيدون من صلتهم بالله هذا الضياء الكاشف، وهذه الهداية الكريمة فلا خير فى عباداتهم، ولا أثر لصلاتهم وزكاتهم

إنه لخير للأمم أن تستقبل الحياة ببشر وأمل كى تستفيد من وقتها ومالها، ومن حقها على قادتها أن يجنبوها القنوط والتشاؤم والاستكانة، فإن هذه المشاعر الباردة تطويها فى أكفان الموت قبل أن تموت: ليس من مات فاستراح بميت … إنما الميت ميت الأحياء إنما الميت من يعيش كئيبا … كاسفا باله قليل الرجاء

فلنفعل الخير عن حب مكين، ولنطهره من علل المن والظهور، ولنتحرر من الأغراض الصغيرة التى تجعل الرجل لا يعطى إلا ليكتسب نصيرا، أو ليتخذ يداً

قد طلب الله من عباده أن ينقوا سرائرهم من كل غش، وأن يحفظوا بواطنهم من كل كدر، وأن يتحصنوا من كيد الشيطان بمضاعفة اليقظة وإخلاص العمل، وصدق التوجه إليه جل شأنه

أفضل ما تصون به حياة إنسان أن ترسم له منهاجاً يستغرق أوقاته، ولا تترك فرصة للشيطان أن يتطرق إليه بوسوسة أو إضلال

النفس وحدها هى مصدر السلوك والتوجيه حسب ما يغمرها من أفكار، ويصبغها من عواطف

إن الحال فى كل زمان تحتاج إلى إمداد سريعة من المساندة او العزاء لتعيد إلى الموهوبين ثقتهم بأنفسهم وتشجعهم على المضى فى طريقم

إذا لم تدر فى حركة سريعة من مشروعات الخير والجهاد والإنتاج المنظم لم تلبث أن تنهبها الأفكار الطائشة، وأن تلفها فى دوامة من الترهات والمهازل

إن الطلب الجميل تكسب الحلال فى سماحة ورفق، واطراح الحرام فى زهادة وأنفة، ثم تجىء بعد ذلك بقية تعاليم الإسلام القائمة على الإيمان بالله، والتصديق بلقائه، وإيثار ما عنده، ومعرفة قدر الدنيا بالنسبة إلى الأخرى

لماذا نتحسر على ضياع المنن وتفشى الجحود؟ إنه لأمر طبيعى أن ينسى الناس واجب الشكر، فإذا نحن انتظرنا منهم أداء هذا الواجب فنحن خلقاء بأن نجر على أنفسنا متاعب هى فى غنى عنها

بعض الناس يستهين بما أولاه الله من سلامة وطمأنينة فى نفسه وأهله، وقد يزدرى هذه الآلاء العظيمة، ويضخم آثار الحرمان من حظوظ الثروة والتمكين

أحسب أن المجتمع يستطيع الخلاص من مفاسد كثيرة لو أنه تحكم فى أوقات الفراغ، لا بالإفادة منها بعد أن توجد، بل بخلق الجهد الذى يستنفد كل طاقة، ويوجه هذا وذاك إلى ما ينفعه فى معاشه ومعاده

اندراج الناس فى مطاوى الغفلة وهم لا يشعرون هو حكمة ختم آيات كثيرة جدا فى القرآن الكريم بهذا التذييل: (كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون) (أفلا تذكرون)، (كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون)

إن المجتمع الزكى يقوم على رجال يعرفون حق الله، وحق الجماعة عليهم، ويقوم بانشغال هذا وذاك بأداء ما عليهما من واجب، فإن الثمرة الدانية فى هذا المجتمع أن يصل إلى كل امرئ حقه الطبيعى دون ضجر أوجدل

أن الله عز وجل لا يهب المعرفة والحكمة إلا إنساناً تعود الإحسان فى شئونه كلها وتمكن من ضبط نفسه وإحكام أمره وتسديد خطاه

أن المجد والنجاح والإنتاج تظل أحلاماً لذيذة فى نفوس أصحابها، وما تتحول حقائق حية إلا إذا نفخ فيها العاملون من روحهم، ووصلوها بما فى الدنيا من حس وحركة