إن الحياة الدنيا تتحرك داخل إطار من الفناء، ينكمش حولها رويدًا رويدًا، وهي لابد منقلبة إليه يومًا

المؤمن الراشد يفترض أن أسوأ ما يقلقه قد وقع بالفعل، ثم ينتزع مما يتبقى له- بعد هذا الافتراض- عناصر حياة تكفى، أو معانى عزاء تشفى، على نحو ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " لتعز المسلمين فى مصائبهم المصيبة فى، إنهم لن يصابوا بمثلى "

إن اكتساب المال من وجوه الأعمال المختلفة يحفر آثارا بعيدة الغور فى أخلاق الناس وعلاقاتهم العامة وأواصرهم الاجتماعية وأحوالهم السياسية

وقد امتلأ القرآن بالنذر التي تحذر من الفساد، وتحض على الاستقامة

إن الركون إلى القدر ـ وهو غير القول بالجبر ـ والبراءة من الحول والطول يورث جراءة على مواجهة اليوم والغد، ويضفى على الحوادث صبغة تحبب بغيضها، وتجعل المرء يقبل ـ وهو مبتسم ـ خسارة النفس والمال وذاك ما عنته الآيات الكريمة: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا و على الله فليتوكل المؤمنون * قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين)

وان الله عز وجل يؤتى عبده ما كتب له من الرزق، فأجملوا فى الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم "

اختلاف الأحوال يقتضي اختلاف التوجيه، وتباين المواطن يقتضي تباين الأوصاف، وهذا وذاك دلالة انسجام لا دلالة تناقض

إن تكليف القرآن أن يخلق من الطفولة رجولة ناضجة، أو من البله البين عبقرية نادرة شيء متعذر!

لقد نزل القرآن منجمًا حسب الحوادث، فلنفهم هذه الحوادث، لنفهم حقيقة القضية، ومنحى الحكم جميعًا

إنه لخير للأمم أن تستقبل الحياة ببشر وأمل كى تستفيد من وقتها ومالها، ومن حقها على قادتها أن يجنبوها القنوط والتشاؤم والاستكانة، فإن هذه المشاعر الباردة تطويها فى أكفان الموت قبل أن تموت: ليس من مات فاستراح بميت … إنما الميت ميت الأحياء إنما الميت من يعيش كئيبا … كاسفا باله قليل الرجاء

والقرآن الكريم مشحون بالأدلة التى تقود الناس إلى الله وتعرفهم به

إن المجتمع الزكى يقوم على رجال يعرفون حق الله، وحق الجماعة عليهم، ويقوم بانشغال هذا وذاك بأداء ما عليهما من واجب، فإن الثمرة الدانية فى هذا المجتمع أن يصل إلى كل امرئ حقه الطبيعى دون ضجر أوجدل

الكرم طريق السعة والسخاء سبب النماء

التواصى بالصبر قرين التواصى بالحق

ليست الأخلاق من مواد الترف التى يمكن الاستغناء عنها بل هى أصول الحياة التى يرتضيها الدين

كنت بقلبي مع موسى في مدين، وهو يحس لذع الوحشة والحاجة ويقول: (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) وكنت مع عيسى وهو يواجه مُساءلة دقيقة ويدفع عن نفسه دعوى الألوهية: (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد)

إن الإسلام بادي الصرامة في محاربة الرذائل لا يفتر عن مهاجمتها، ولا تنكسر حدته في مطاردتها

لا شك أن الرجل الذى يضبط أعصابه أمام الأزمات، ويملك إدارة البصر فيما حوله هو الذى يظفر فى النهاية بجميل العاقبة

إن الأمم الفاسدة تلتقي في أحوالها نعوت واحدة، قسوة لا ترق لضعف، وجحود لا يكترث بوعظ ونسيان لله لا يبالي بحقه

إن الصدارة إنما يظفر بها أهل الكفاية وأصحاب السبق فى الإيمان والعمل