سطعتْ شموسُ قبابهمْ بزرودِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
سطعتْ شموسُ قبابهمْ بزرودِ | فهوتْ نجومُ مدامعي بخدودي |
وتلاعبتْ فرحاً بهمْ فتياتهمْ | فطفقتُ أرسفُ في الهوى بقيودي |
وعلى الحمى ضربوا الخيامَ فليتهمْ | جَعَلُوا مِنَ الأطنابِ حَبلَ وريدِي |
عَهدِي بِهمْ تحيا الرسومُ وإن عَفَتْ | فعلامَ أحشاءي ذَواتُ هُمودِ |
وحياتهمْ لولاهمُ ما لذَّ لي | شهدُ الهوى المسمومُ بالتفنيدِ |
كلّا ولا استعذبتُ سائلَ عبرة ٍ | لَولاَ ملوحتها لا ورقَ عُودي |
تُفدي القنا ما في مناطقهمْ وإنْ | هيَ أشبهتْ شدّاتها بعقودِ |
نفرٌ تكادُ لطيبهمْ بأكفّهمْ | تحكي ذوابلهمْ رطيبَ العودِ |
لازالَ في وجناتهمْ ماءُ الصبا | يَسْقي رياضَ شقائقِ التورِيدِ |
وسقتهمُ مقلُ الغمامِ منَ الحيا | دَمعاً يُخددُ وجنة َ الجلمودِ |
لله فِيهم أسرة ٌ لا تُفتدى | أسرى الهوى من سِجنهمْ بنقودِ |
كمْ منْ قلوبٍ بينهمْ فوقَ الثرى | وَجنتْ وأبدٍ ألصقتْ بكبودِ |
تَلقى المنية َ بينَ بيضِ خُدودهِمْ | بسطتْ ذراعيها بكلِّ وصيدِ |
منهم بدورُ أسرّة ٍ وسعودِ | |
لَيْسَ الْحُسَامُ إِذَا تَجَرَّدَ مَتْنُهُ | في الضربِ مثلَ الصارمِ المغمودِ |
حَتَّامَ تَجْرَعُ يَا فُؤَادُ مِنَ الْمَهَى | ومنَ الزمانِ مرارة َ التنكيدِ |
وتميلُ للبيضِ الحسانِ تطرّباً | ميلَ العليِّ إلى خصالِ الجودِ |
خَيْرُ الْمُلُوكِ سَلِيلُ أَكْرَمِ وَالِدٍ | خَلَفُ الْغَطَارِفَة ِ الْكِرَامِ الصِّيدِ |
حُرٌّ أَتَى بَعْدَ الْنَبيِّ وَآلِهِ الْـ | ـأَطْهَارِ لِلْتَّأسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ |
سَمْحٌ إِذَا انْتَجَعَ الْعُفَاة ُ بَنَانَهُ | هَطَلَتْ سَحَائِبُهَا بِغَيْرِ رُعُودِ |
غَضبٌ إِذَا ما الْعَزْمُ جَرَّدَ حَدَّهُ | ضَرَبَتْ بِشَعْرَتِهِ يَدُ التَّأْيِيدِ |
رامٍ إذا اشتدَّ النصالُ تنصّلتْ | مِنْهُ سِهَامُ الرَّأيِ بَالْتَسْدِيدِ |
قَاضٍ إِذَا اخْتَلَفَ الْخُصُومُ كَأَنَّمَا | فصلُ الخطابِ رواهُ عنْ داودِ |
بَطَلٌ أَسَاوِدُ لُدْنِهِ يَوْمَ الْوَغَى | تذرُ الأسودَ فرائساً للسّيدِ |
وَعَزَائِمٍ يَوْمَ الْكِفَاحِ لَدَى اللِّقَا | قَامَتْ مَقَامَ الْجَحْفَلِ الْمَحْشُودِ |
تَتَنَفَّسُ الصُّعَدَاءَ خَوْفَ صِعَادِهِ | مُهَجُ الْعِدَا فَتَذُوبُ بالتَّصعِيدِ |
عدمُ الشريكِ لهُ بكلِ فضيلة ٍ | يقضي لهُ بمزيّة ِ التوحيدِ |
طلبَ العُلا بسيوفهِ فاستخرجتْ | بالفتكِ جوهرَ كنزها المرصودِ |
حظُّ العدوِّ لديهِ بيضُ حديدهِ | والوفدِ حُمرُ نضارهِ المفقودِ |
وافى العلا منْ بعدِ طولِ تأوّدٍ | فَاقَامَ مَا فِيْهَا مِنَ التَّأْوِيدِ |
وَتَعَطَّلَتْ بِئْرُ الْنَوَالِ وَإِنْ نَشَا | ظفرَ العفاة ِ بعذبها المورودِ |
مَلكٌ كأنّي إنْ نطقتُ بمدحهِ | شتّتُّ في الأسماعِ سمطَ فريدِ |
فكأنّني للناشقينَ أفضُّ عنْ | مَخْتُومِ مِسْكٍ فِيهِ عِنْدَ نَشيدِي |
لَوْ تَشْعُرُ الدُّنْيَا لَقَالَتْ إِنَّ ذَا | مضمونُ أشعاري وبيتُ قصيدي |
لو تُنصفُ الأيامُ لاعترفتْ لهُ | بِفَضِيلَة ِ الْمَوْلَى وَذُلِّ عَبِيدِ |
لو لمْ تنافسهُ النجومُ على العلا | خَدَمَتْ رَفِيعَ جَنَابِه الْمَحْسُودِ |
تَلْقَى بِرُؤْيَتِهِ الْمُنَى أَوَ مَا تَرَى | غُنْوَانَهُ بِجَبِينِهِ الْمَسْعُودِ |
تَجْرِي بَأَجْمَعِهِ الْمَحَّبَة ُ لِلنَّدَى | جريَ الصبابة ِ في عروقِ عميدِ |
وَأَشَدُّ فَتْكاً فِي الْكُمَاة ِ بِنَصْلِهِ | منَ لحظِ مودودٍ بقلبِ ودودِ |
قبسٌ يكادُ إذا تسعّرَ بأسهُ | عنهُ تسيلُ الدرعُ بعدَ جمودِ |
لَوْ تَرْتَمِي فِي الْيَمِّ مِنْهُ شَرَارَة ٌ | لغدتْ بهِ الأمواجُ ذاتَ وقودِ |
تأوي أسنّتهُ الصدورَ كأنّما | خَلَطَ الْقُيُونُ حَدِيدَهَا بِحُقُودِ |
والبيضُ حيثُ بدورها اعترفتْ لهُ | بالفضلِ أكرمها بكلِّ جحودِ |
مَا فَاتَهُ فَخْرٌ وَلاَ ذَمُّ الْوَرَى | يَرْقَى لِكُنْهِ مَقَامِهِ الْمَحْمُودِ |
بنداهُ يخضرُّ الحصى فكأنّما | أثرُ الصعيدِ لهُ بكلِّ صعيدِ |
فالمجدُ مقصورٌ عليهِ أثيلهُ | والعزُّ تحتَ ظلالهِ الممدودِ |
مولى ً شواردُ فضلهِ ونوالهِ | فينا تفوتُ ضوابطَ التحديدِ |
فِيْهِ عَلى الإطلاقِ والتقييدِ | |
ياابنَ المصاليتِ الذينَ بسعيهمْ حازُوا | العُلاَ منْ طارفٍ وتليدِ |
ورَوَوا أسانيدَ المَفاخرِ والتقى | في عِزِّ آباء لهُمْ وجُدودِ |
رَهطٌ بِهمْ شَرفُ الأنامِ وَعَنهمُ | |
وضعوا لكَ المجدَ الأثيلَ وأسّسوا | فرفعتهُ بِقواعِدِ التمهيدِ |
زخرفتهُ ونَقشتَ فيهِ لمنْ يَرَى | صُوراً مِنَ التعظيمِ والتمجيدِ |
لولا ورودكَ للجزيرة ِ ما زهتْ | وَجناتُ جَناتٍ لها بِورُودِ |
كلّا ولا سحبتْ على ساحاتها | أغصانُ قاماتٍ ذيولَ برودِ |
فارَقْتَها فَخشيتُ بَعْدكَ أنَّها | تُضحي كما أضحتْ ديارُ ثمودِ |
كانتْ بطوفانِ المهالكِ فاغتدتْ | لمَّا رَجعتَ عَلى نَجاة ِ الجودِي |
أنقذتَ أهليها ولو لمْ تأتهمْ | |
الله حَسبكَ كمْ غَفرتَ لمذنبٍ | منهم وكمْ أطلقتَ منْ مصفودِ |
فليهنِهَا الرحمنُ مِنكَ برجعة ٍ | فِيها رجوعُ سرورِها المفقودِ |
والبس ثيابَ الأجرِ صافية َ فقد | بَعثَ الصيامُ بِهَا رَسولَ العيدِ |
لازلتَ للإسلامِ أشرفَ كعبة ٍ | لمْ تخلُ يوماً منْ طوافِ وفودِ |