هلمَّ بنا إلى أرضِ الحجونِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
هلمَّ بنا إلى أرضِ الحجونِ | عَسَى نَقْضِي الْغَدَاة َ بِهَا دُيُونِي |
وَسَائِلْ جِيرَة َ الْمَسْعَى لِمَاذَا | وفيتهمُ وقدْ قبضوا رهوني |
وَعرِجْ فِي الْمُقَامِ بِرَبْعِ لَيْلَى | لتنثرَ فوقهُ دررَ الشّؤونِ |
وَفَتِّشْ ثَمَّ عِنْ كَبِدِي فَعَهْدِي | هنالكَ قدْ أراقتها عيوني |
وحيِّ على الصّفا حيّاً قليلاً | لهُ وضعُ الجبينِ على الوجينِ |
وملعبَ حورِ جنّاتٍ سقتنا | بهِ الولدانُ كأساً من معينِ |
محلّاً فيهِ أسرارُ الأماني | محجّبة ٌ بأحشاءِ المنونِ |
تَسُومُ بِهَا الْقُلُوبَ فَتَشْتَرِيهَا | ثَنَايَا الْبِيْضِ بِالدُّرِّ الثَّمِينِ |
بِهِ تُبْدِي الشُّمُوسُ دُجى ً وَتَحْمِي | بدورَ قيانهِ شبهُ القيونِ |
يَزُرُّ بِهِ الْحَدِيْدُ عَلَى الْعَوَالِي | وَيَنْسَدِلُ الْحَرِيرُ عَلَى الْغُصُونِ |
بسمعي من غوانيهِ كنوزٌ | فقفْ فيها لتنظرها جفوني |
وَلِي فِي الْخَيْفِ أَحْبَابٌ كِرَامٌ | لديَّ وإنْ همُ لم يكرموني |
خَضَعْتُ لِحُبِّهِمْ ذُلاًّ فَعَزُّوا | وَدِنْتُ لِحُكْمِهِمْ فَاسْتَعْبَدُونِي |
همِ اجتمعوا على قتلي بجمعٍ | ففيمَ على المنازلِ فرّقوني |
عُيُونِي فِي هَوَاهُمْ أَدْخَلَتْنِي | وَفِي الْعَبَراتِ مِنْهَا أَخْرَجُونِي |
تقاسمتُ الهوى معهمْ ولكنْ | تَسَلَّوْا عَنْ هَوَايَ وَهَيَّمُونِي |
وإذ كنتُ القسيمَ بغيرِ عدلٍ | نَجَوْا مَنْهُ وَحَازُوا الصَّبْرَ دُونِي |
تَمُرُّ ظِبَاهُمُ مُتَبَرْقِعَاتٍ | محافظة ً على الحسنِ المصونِ |
فَلَيْتَ مِلاَحَهُمْ عَدَلَتْ فَأَعْطَتْ | حمائمَ حليها خرسَ البرينِ |
تغانوا بالقدودِ على العوالي | وَبِالأَجْفَانِ عَنْ مَا بِالْجُفُونِ |
فَبَيْنَ لِحَاظِهِمْ كَمْ مِنْ طَرِيْحٍ | وَبَيْنَ قُدُودِهِمْ كَمْ مِنْ طَعِينِ |
أنا الخلُّ الوفيُّ وإنْ تجافوا | وَسَايِلْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَرْفِدُونِي |
أودُّ رضاهُمُ لو كانَ حتْفي | وأْوثِرُ قربَهُمْ لو قَرَّبُوني |
أَلاَ يَا أَهْلَ مَكَّة َ إِنَّ قَلْبي | بكمْ علقتهُ أشراكُ الفنونِ |
جميعي صفقة ً منّي أشتريتمْ | فديتكمُ ولو بغّضتموني |
نقلتمْ نحوَ مكّتكمْ فؤادي | وبينَ الكرختينِ تركتموني |
غَرَامِي فِي هَوَاكُمْ عَامِرِيٌّ | فَهَلْ لَيْلاَكُمُ عَلِمَتْ جُنُونِي |
أمنتكمُ عللى قلبي فخنتمْ | وَأَنْتُمْ سَادَة ُ الْبَلَدَ الأَمِينِ |
لئنْ أنستكمُ الأيّامُ عهدي | فَذِكْرُكُمُ نَجِيِيِّ كُلَّ حِينِ |
وإن وهنتْ قوايَ فإنَّ دمعي | عَلَى كَلِفي بِكُمْ أَبَداً مُعِينِي |
وَإِنْ صَفِرَتْ يَدِي مِنْكُمْ فَجَدْوَى | عَلِيَّ الْمَجْدِ قَدْ مَلأَتْ يَمِينِي |
حليفُ ندى ً مكارمهُ وفتْ لي | بَمَا ضَمِنَتْ مِنَ الدُّنْيَا ظُنُونِي |
جَسِيمُ الْفَضْلِ مُنْتَحِلُ الْمَوَاضي | رفيعُ القدرِ ذي الشّرفِ المكينِ |
كريمُ النّفسِ في سننِ السّجايا | موقّى العرضِ عن طعنِ المشينِ |
على الكبراءِ بيديْ كبرَ كسرى | وَلِلْفُقَرَاءِ ذُلَّ الْمُسْتكِينِ |
إذا عدّت فنونُ الفخرِ يوماً | فَمَفْخَرُهُ مُقَدَّمَة ُ الفُنُونِ |
نسيبٌ جاءَ منْ ماءٍ طهورٍ | وكلُّ الخلقِ من ماءٍ مهينِ |
وهل يحكي عناصرهُ نسيبٌ | وما اختلطتْ عواليها بطينِ |
يفوحُ شذا العبا منهُ ويحكي | جَوَانِبَهَا مُزَاحَمَة ُ الأَمِينِ |
بِفَلْقِ الْبَدْرِ مَوْسُومُ الْمُحَيَّا | لِرَدِّ الشَّمْسِ مَنْسُوبُ الْجَبِينِ |
هُمَامٌ لَوْ أَرَاعَ فُؤَادَ رَضْوَى | لَزَلْزَلَ رُكْنَهَا بَعْدَ السُّكُونِ |
ولو أعدى الصّخورَ عليهِ سالتْ | جَوَامِدُهَا بِجَارِيَة ِ الْعُيُونِ |
حباءُ اللّيثِ إذ يغشى الأعادي | له وتبسّمُ السّيفِ السّنينِ |
يَشَمُّ ذَوَابِلَ الْمُرَّانِ حُبّاً | وَيُعْرِضُ عَنْ غَضِيْضِ الْيَاسَمِينِ |
ويرغبُ في قتلِ الأُسدِ حتّى | كأنَّ سيوفها لفتاتُ عينِ |
ترى في السّلمِ منهُ حيا الغوانيْ | وفي هيجانهِ أسدض العرينِ |
إذا سلّت صوارمهُ أطالتْ | سجودَ الذلِّ هاماتُ القرونِ |
تَظُنُّ غُمُودَهُنَّ إَذَا انْتَضَاهَا | غصبنَ الصّاعقاتِ منَ الدّجونِ |
يُبيحُ ذُكُورَهَا الْعَزَمَاتُ مِنْهُ | فَروُجَ الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْحُصُونِ |
كتبنَ على حواشيها المنايا | حواشيها على شرحِ المتونِ |
تَساوَى الْخَلْقُ فِي جَدْوَاهُ حَتَّى | فِرَاخُ الْقَبْحِ وَهْيَ عَلَى الْوُكُونِ |
وَسَلَّمَتِ الْوَرَى دَعْوَى الْمعَالِي | لَهُ حَتَّى الأجِنَّة ُ فِي الْبُطُونِ |
يُضِرُّ ثَنَاهُ بَالْجَرْعَى وَيُحْيي | مَسيحُ نَدَاهُ مَوْتَى الْمُعْتَفِينِ |
بِرُؤَية ِ وَجهِهِ نَيْلُ الأَمَانِي | وفي راحاتهِ روخحُ الحزينِ |
كثيرُ الصّمتِ إن أبدى مقالاً | ففي الأحكامِ والفضلِ المبينِ |
وَإِنْ خَفَقَتْ لَهُ يَوْماً بُنُودٌ | فأجنحة ٌ لدنيا أو لدينِ |
أراضَ جونحَ الحدثانِ حتّى | بهِ ثبتتْ صغة ُ الصّفونِ |
يرى أموالهُ في عينِ زهدٍ | فَيَعْتَقِدُ الْلُّجَيْنَ مِنَ الْلَّجِيْنِ |
ويلقى الدّارعينَ بآيِ موسى | فيفلقُ عنهمُ لججَ الضعونِ |
تشَرَّفتِ العلا بأبي حسينٍ | فَبُورِكَ بَالْمَكَانِ وَبَالْمَكِينِ |
فياابنَ الطّاهرينَ ومن ازينتْ | بفضلِ حديثهمْ سيرُ القرونِ |
وَيَا ابْنَ الْمُحْسِنينَ إِذَا الْلَّيالِي | أَسَاءَتْ كُلَّ ذِي خَطَرٍ بِهُونِ |
لقدْ حسنتْ بكَ الدّنيا وجادتْ | بنيلِ النّحجِ في الزّمنِ الضّنينِ |
وَفَكَّ الْجُودُ أَغْلاَلَ الْعَطَايَا | وَأَمْسَى الْبُخْلُ فِي قَيْدِ الْرَّهِينِ |
فسمعاً من ثنايَ عليكَ لفظاً | يهزُّ مناكبِ الصّعبِ الحزونِ |
أنا ابنُ جلا القريضِ متى شككتمْ | |
خذِ الألواحَ منْ زبرِ القوافي | فنسختهنَّ ترجمة ُ اليقينِ |
بكَ الرّحمنُ علّمني المعانيْ | وَأَوْحَاهَا إِلَى قَلَمِي وَنُوني |
فَكَمْ قَوْمٍ لَدَيْكَ تَرَى مَحَلّيْ | فَتَغْبِطُنِي وَقَوْمٍ يَحْسُدُوني |
ليهنكَ سيّدي عيدٌ شريفٌ | حَكَاكَ فَجَلَّ عَنْ شِبْهِ الْقِرِينِ |
فَضَحِّ نُفُوسَ أَهْلِ الْغَدْرِ فِيهِ | وَقَرِّبْ مُهْجَة َ الْدَّهْرِ الْخَؤُونِ |
ولا برحتْ عليكَ مخيّماتٍ | سرادقُ رفعة َ الشّرفِ المكينِ |