هذَا الْحِمى فَانْزِلْ عَلَى جَرْعائِهِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
هذَا الْحِمى فَانْزِلْ عَلَى جَرْعائِهِ | واحْذَرْ ظُبَا لَفَتَاتِ عِينِ ظِبَائِهِ |
وانشد بهِ قلباً أضاعتهُ النّوى | مِنْ أَضْلُعِي فَعَسَاهُ فِي وَعْسَائِهِ |
وسلِ الأراكَ الغضَّ عن روحٍ شكتْ | حرَّ الجوى فلجتْ إلى أفيائهِ |
واقصد لباناتِ الهوى فلعلّنا | نَقْضِي لُبَانَاتِ الْفُؤَادِ التَّائِهِ |
واضممْ إليكَ خدودُ أغصانِ النّقا | وَالْثِمْ ثُغُورَ الدُّرِّ مِنْ حَصْبَائِهِ |
واسفح بذاكَ السّفحِ قبلَ غديرهِ | دَمْعاً يُعَسْجِدُ ذَوْبَ فِضَّة ِ مَائِهِ |
سَقْياً لَهُ مِنْ مَلْعَبٍ بِعُقُولِنَا | وقلوبنا لعبت يدا أهوائهِ |
مَغْنى ً بِهِ تَهْوَى الْقُلُوبُ كَأَنَّمَا | بِالطَّبْعِ يَجْذُبُهَا حَصَى مَغْنَائِهِ |
أَرَجٌ حَكَى نَفَسَ الْحَبِيبِ نَسِيمُهُ | يُذْكِي الْهَوَى فِي الصَّبِ بَرْدُ هَوَائِهِ |
نَفَحَاتُهُ تُبْرِي الضَّرِيرَ كَأَنَّمَا | رِيحُ الْقَمِيصِ تَهُبُّ مِنْ تِلْقَائِهِ |
فلتحذرِ الجرحى بهِ أن يسلكوا | يوماً فيشتاقوا ثرى أرجائهِ |
عهدي بهِ ونجومُ أطرافِ القنا | والبيضُ مشرقة ٌ على أحيائهِ |
والأُسْدُ تزأرُ في سروجِ جيادهِ | وَالْعِينُ تَبْغَمُ فِي حِجَالِ نِسَائِهِ |
وَالطَّيْفُ يَطْرُقُهُ فَيَعْثُرُ بِالرَّدَى | تحتَ الدّجى فيصدُّ عن إسرائهِ |
وَالظِّلُّ تَقْصُرُهُ الصَّبَا وَتَمُدُّهُ | وَالطَّيْرُ يُعْرِبُ فِيْهِ لَحْنَ غِنَائِهِ |
لاَزَالَ يَسْقِي الْغَيْثُ غُرَّ مَعَاشِرٍ | تسقي صوارمهمْ ثرى بطحائهِ |
لا تنكرنْ يا قلبُ أجركَ فيهمِ | هُمْ أَهْلُ بَدْرٍ أَنْتَ مِنْ شُهَدَائِهِ |
أولا جمودُ الدّرِّ بينَ شفاههم | ما ذابَ في طرفيْ عقيقُ بكائهِ |
للهِ نَفْسُ أَسى ً يُصَعِّدُهَا الأَسَى | ويردّها في العينِ كفُّ قذائهِ |
حسبت بمقلتيهِ فلا من عينهِ | تَجْرِي وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَى أَحْشَائِهِ |
من لي بخشفِ كناسِ خدرٍ دونهُ | ما يحجمُ الضّرغامُ دونَ لقائهِ |
أحوى حوى إلفَ الجاذرِ في الفلا | وَالشَّيءُ مُنْجَذِبٌ إِلَى نُظَرَائِهِ |
حسنٌ إذا في ظلمة ِ اللّيلِ انجلى | تَعْشُو الْفَرَاشُ إِلَى ضِيَاءِ بَهَائِهِ |
يلقي شعاعُ الخدِّ منهُ على الدّجى | شفقاً يعصفرُ طيلسانَ سمائهِ |
فالبرقُ منهُ يلوحُ تحتَ لثامهِ | وَالْغُصْنُ مِنْهُ يَمِيلُ تَحْتَ رِدَائِهِ |
لاَ غَرْوَ إِنْ زَارَ الْهِلاَلُ مَحَلَّهُ | فشقيقهُ الأسنى برحبِ سنائهِ |
أَوْ نَحْوَهُ نَسْرُ النُّجُومِ هَوَى فَلاَ | عَجَباً فَبَيْضَتُهُ بِخِدْرِ خِبَائِهِ |
أنيابُ ليثُ الغابِ من حجّابهِ | ولواحظُ الحرباءِ من رقبائهِ |
كَمْ قَدْ خَلَوْتُ بِهِ وَصِدْقُ عَفَافِنَا | يجلو دجى الفحشاءِ فجرُ ضيائهِ |
مالي وما للدّهرِ ليسَ ذنوبهُ | تفنى ولاعتبى على آنائهِ |
يَجْنِي عَلَى فَضْلِي الْجَسِيمِ بِفَضْلِهِ | وكذا الجهولُ الفضلُ من أعدائهِ |
فَكَأَنَّمَا هُوَ طَالِبي بِقِصاصِ مَا | صنعتهُ آباءيْ إلى أرزائهِ |
شيمُ الزّمانِ الغدرُ وهوَ أبو الورى | فمتى الوفاءُ يرامُ من أبنائهِ |
لحقوه في كلِّ الصّفاتِ لأنّهمْ | ظُرِفُوا بِهِ وَالْمَاءُ لَوْنُ إِنَائِهِ |
فعلامَ قلبي اليومَ يجرحهُ النّوى | ولقد عهدتُ الصّبرَ من حلفائهِ |
وَإِلَى مَ نَدْبِي لِلدِّيَارِ كَأَنَّهُ | فَرْضٌ عَلَيَّ أَخَافُ فَوْتَ أَدَائِهِ |
ويا حبّذا عيشٌ على السّفحِ انقضى | وَالدَّهْرُ يَلْحَظُنَا بِعَيْنِ وَفَائِهِ |
وَالشَّمْلُ مُنْتَظِمٌ كَمَا انْتَظَمَ الْعُلاَ | بندى عليٍّ أو عقودِ ثنائهِ |
وليالياً بيضاً كأنَّ وجوهها | من فوقها سحَّت أكفُّ عطائهِ |
بحرٌ إذا ما مدَّ فابنُ سحابنا | يَدْرِي بَأَنَّ أَباهُ لُجُّ سَخَائِهِ |
ذو فتكة ٍ إن كانَ باللّيثِ الفتى | يُدْعَى مَجَازاً فَهْوَ مِنْ أَسْمَائِهِ |
وأناملٍ إن كانَ يعرفُ بالحيا | فَيْضُ النَّوَالِ فَهُنَّ مِنْ أَنْوَائِهِ |
ملكٌ يعوذُ الدِّينُ فيهِ من العدى | فَيَصُونُ بَيْضَتَهُ جَنَاحُ لِوَائِهِ |
كَالزَّنْدِ يُلْهِبُهُ الْحَدِيدُ بَقَرْعِهِ | فَيَكَادُ يُورِي الْبَأْسُ مِنْ أَعْضَائِهِ |
يَسْطُو بِعَزْمَتِهِ الْجَبَانُ عَلَى الْعِدَى | كالسّهمِ يحملهُ جناحُ سوائهِ |
بالفضلِ قلّدَ فيهِ جيدَ متوَّجٍ | تمسي الثريّا وهي قرطُ علائهِ |
من للهلالِ بأن يصوغَ سوارهُ | نَعْلاً فَيَمْشِي وَهْوَ تَحْتَ حِذَائِهِ |
بل من تكونَ لنعشٍ أنْ تكونَ بناتهُ | تضحى لديهِ وهوَ بعضُ إمائهِ |
فطنٌ تكادُ العميُ تبصرُ في الدّجى | لو أنّها اكتحلتْ بنورِ ذكائهِ |
يرمي العيوبَ بذهنِ قلبٍ قلّبٍ | فَتَلُوحُ أَوْجُهُهَا لَهُ بِصَفَائِهِ |
لَوْ أَنَّ عَيْنَ الشَّمْسِ عَنْ إِنْسَانِهَا | سئلتْ لأهدتنا إلى سودائهِ |
أو قيلَ للمفدارِ أينَ سهامهُ | كانتْ إشارتهُ إلى آرائهِ |
يا طالبَ الدّرِّ الثّمينِ لحليهِ | لا تشتريهِ من سوى شعرائهِ |
أينَ اللّآلي من لآليءِ مدحهِ | ظفرتْ بهِ الأفكارُ من دامائهِ |
إن كنتَ تجهلُ يا سؤلُ صفاتهِ | فَعَلَيكَ نَحْنُ نَقُصُّ مِنْ أَنْبَائِهِ |
ألعدلُ والرأيُ المسدّدُ والتقى | والبأسُ والمعروفُ من قرنائهِ |
ذاتٌ مجرّدة ٌ على كلِّ الورى | صَدَقَتْ كَصِدْقِ الْكُلِّ فِي أَجْزَائِهِ |
أُنظر مغاضتهُ ترى عجباً فقدْ | شملَ الغديرَ البحرُ في أثنائهِ |
فهوَ ابنُ من سادَ الأنامَ بفضلهِ | خَلَفُ الْكِرَامِ الْغُرِّ مِنْ أَبْنَائِهِ |
صلَّى ووالدهُ المجلّى قبلهُ | فَأَتَى الْمَدَى فَخْراً عَلَى أَكْفَائِهِ |
سِيَّانِ في الشَّرَفِ الرَفِيعِ فَنَفْسُهُ | من نفسهِ وعلاهُ من عليائهِ |
من آلَ حيدرة َ الأولى ورثوا العلا | ومن هاشمٍ والضّربَ في هيجائهِ |
آلُ الرّسولِ ورهطهُ أسباطهُ | أرحامهُ الأدنونَ أهلُ عبائهِ |
نَسَبٌ إِذَا مَا خُطَّ خِلْتَ مِدَادَهُ | ماءَ الحياة ِ يفيضُ في ظلمائهِ |
نسبٌ يضوعُ إذا فضضتَ ختامهُ | فيعطِّرُ الأكوانَ نشرُ كبائهِ |
أينَ الكرامُ الطّالبونَ لحاقهُ | منهُ وأينَ ثنايَ من نعمائهِ |
يَا أَيُّهَا الْمَوْلَى الَّذِي بِيَمِينِهِ | فِي الْمَالِ قَدْ فَتَكَتْ ظُبَى آلاَئِهِ |
سمعاً فديتكَ من حليفِ مودّة ٍ | مَدْحاً يَلُوحُ عَلَيْهِ صِدْقُ وَلاَئِهِ |
مَدْحاً تَمِيلُ لَهُ الطِّبَاعُ كَأَنَّنِي | أتلو عليهِ السّحرَ في إنشائهِ |
بصفاتكَ اللّاتي يهرنَ مزجتهُ | فعبقنَ كالأفواهِ في صهبائهِ |
فَاسْتَجْلِهِ نَظْماً كَأَنَّ عَرُوضَهُ | زهرُ الرّبا ورويّهُ كروائهِ |
واسررْ هلال العيدِ منكَ بنظرة ٍ | تكْفِيهِ نَقْصَ الْتِمِّ مِنْ لأْلاَئِهِ |
فجبينكَ الميمونُ يمنحهُ السّنا | وعلاكَ يرفعهُ لؤوجِ سنائهِ |
طلبَ الكمالَ وليسَ أولَ طالبٍ | وأتى إلى جدواكَ باستجدائهِ |
وَاظْهَرْ لَهُ حَتَّى يَرَاكَ فَإِنَّهُ | صبٌّ كساهُ الشّوقُ ثوبَ خفائهِ |
وليهنكَ الضّومُ المباركُ فطرهُ | واللهُ يختمهُ بحسنِ جزائهِ |