أَمَا وَمَوَاضِي مُقْلَتَيْها الْفَوَاصِلِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أَمَا وَمَوَاضِي مُقْلَتَيْها الْفَوَاصِلِ | لتشبيهها بالبدرِ تحصيلُ حاصِلِ |
وياقوتِ فيها إنَّ جوهرَ جسمها | لكالماءِ إلا أنّهُ غيرث سائلِ |
وَوَرْدِ مُحَيَّاهَا الْنَّضيرِ لَقَدُّهَا | هو الرّمحُ إلا أنّهُ غيرُ ذابلِ |
منَ العينِ إلا أنها في كناسها | تظللها أسدُ الشّرى بالمناصلِ |
كعابٌ تمدُّ الحتف في أيِّ ناظرٍ | مِنَ الْغُنْجِ إِذْ تَرْنُو لِمُقْلَة ِ خَاذِلِ |
ذكاءٌ حمتها الشّمسُ وهي أسنّة ٌ | وَقَامَتْ لَدَيْهَا نَيِّرَاتُ الْمَشَاعِلِ |
تَظُنُّ رُغَاءَ الرَّعْدِ زَفْرَة َ مُدْنَفٍ | فترشقهُ حرّاسها بالمعاسلِ |
وتحرسُ عن مرِّ النَّسيمِ توهّماً | بأنَّ الصّبا تهدي إليهِ رسائلي |
برُوحِيَ مِنْهَا حَاجِباً غُنْجُ قَوْسِهِ | تَسَلَّمَهُ مِنْ طَرْفِهَا أَيُّ نَابِلِ |
وقضبانُ بلّورٍ بدت في خواتم | وأعمدة ً من فضة ٍ في خلاخلِ |
وزندينِ لولم يمسكا في دمالجٍ | لَسَالاَ مِنَ الأَكْمَامِ سَيْلَ الْجَدَاوِلِ |
فَمَا اخْتَالَ ظَبْيٌ قَبْلَهَا فِي مَدَارِعٍ | وَلا مَالَ غُصْنٌ يَانِعٌ فِي غَلائِلِ |
أَحِنُّ لِمَرْأَى خَدِّهَا وَهْوَ مَصْرِعِي | وَأَعْشَقُ مِنْهَا الْطَّرْفَ والْطَّرْفُ قَاتِلي |
فَوَا عَجَبَا أَشْقَى بِهَا وَهْيَ جَنَّتِي | وَلَمْ أَقْتِنصْهَا وَالْظُّبى مِنْ حَبَائِلي |
وليلٍ غرابيِّ الخضابِ كفرعها | طَوِيل كَحَظِّي لَوْنُهُ غَيْرُ نَاصِلِ |
كأنَّ الدياجي منه سودٌ عوابسٌ | وَأَنْجُمُهُ بِيضُ الْحِسَانِ الثَّوَاكِلِ |
قضى فجرهُ نحباً فأحيتهُ فكرتي | وَتَرْمِي الْحَصَى بِالْيَعْمَلاَتِ الذَّوَابِلِ |
وبتُّ وصحبي كالقسيِّ من السُّرى | تجافى الكرى ميلُ الطّلى والكواهلِ |
وظلنا نساقي في زجاجاتِ ذكرها | حميّا هواها في نديِّ الرّواحلِ |
فمن مدنفٍ صاحٍ بنا مثلِ شاربٍ | وَمِنْ مَعْشَرٍ مِنَّا لَهُ زِيُّ ذَاهِلِ |
فلولا هواها ماصبوتُ إلى الصّبا | ولا رحمت دمعي رعاة ُ المنازلِ |
ولا قنصت أختُ الغزالِ جوارحي | ولا هيجتْ ورقُ الحمامِ بلابلي |
ولولا رقى السّحرِ المبينِ بلفظها | لما التَذَّ سَمْعي في أحَادِيثِ بَابِلِ |
أَيَلْحُقِني فِي حُبِّهَا نَقْصُ سَلْوَة ٍ | إِذا فَارَقَتْنِي نسْبَتي لِلْفَضَائِلِ |
ولا صافحَ الخطيُّ منّي يدَ النّدى | ولا عانقتْ جيدَ المعالي حمائلي |
ولا نصبَ البيضُ الجوازمُ رتبتي | وَلاَ رَفَعَتْهَا هِمَّتِي بِالْعَوَامِلِ |
وَإِنّي لَظَمآنٌ إِلَى عَذْبِ مَنْهَلٍ | حمتْ شهدهُ نجلُ الرِّماحِ النّواهلِ |
بحيثُ تحوطُ الأسدُ مربض باغمٍ | وَتُوقِظُ طَرْفَ الْمَوْتِ دَعْوَة ُ صَاهِلِ |
وَمَا مَوْرِدِي عَذْبٌ إِذَا لَمْ أَرَ الْظُّبَى | تَشُوبُ نُضَاراً فِي لُجَيْنِ الْمَنَاهِلِ |
سقى اللهُ قوماً خيّموا أيمُنَ الحمى | وَحَيَّا بِشَرْقِيِّ الْغَضَا كُلَّ وَابِلِ |
وللهِ أيّمُ السرورِ وحبّذا | مواسمُ لذّاتِ الليالي الأوائلِ |
أَمَا آنَ أَنْ تَدْنوالدِّيَارُ فَيَنْجَلِي | ظَلاَمُ التَّنائِي فِي صَبَاحِ التَّوَاصُلِ |
فحتّامَ تستجدي النّوى يمَّ مقلتي | فيرفدها درُّ الدّموعِ الهواملِ |
أَكَانَتْ جُفُونِي كُلَّمَا اعْتَرَضَ النَّوَى | بَنَانَ عَلِيٍّ وَالنَّوَى كَفَّ سَائِل |
جوادٌ إذا ضنَّ الغمامُ على الورى | توالتْ يداهُ بالغيوثِ الهواطلِ |
شَرِيفٌ مُحَلَّى التَّاجِ فِي حَلْيِ فَضْلِهِ | تزانُ صدورُ المكرماتِ العواطلِ |
لهُ راحة ٌ لو ترضعُ المزنُ درّها | سَمَتْ بِالّلآلِي مُعْصِرَاتُ الْحَوَامِلِ |
أحاطت بأوساطِ الدّهورِ ووشّحت | حظوظَ الورى منها خطوطُ الأناملِ |
تلذذهُ بالبأسِ والعفوِ والتّقى | وَبَذْلِ الْعَطَايَا لاَ بِطِيبِ الْمَآكِلِ |
يَهُزُّ افْعُوَانَ الْرُمْحِ فِي كَفِ ضَيْغَمٍ | ويمسكُ هزَّ السيفِ في بحرِ نائلِ |
يقلّبُ فيهِ الدّهرُ أجفانَ حائرٍ | وَيَرْنُو إِلَيْهِ الْغَيْثُ فِي طَرْفِ آمِلِ |
هُمَامٌ يَصِيدُ الأُسْدَ ثَعْلَبُ رُمْحِهِ | إِذَا الرُّبْدُ زُفَّتْ فِي بِرَازِ الْجحافِلِ |
فما صارَ شيءٌ من عداهُ بأرضهِ | سِوَى مَا سَرَى مِنْ لَحْمِهِمْ في الْحَوَاصِلِ |
لِطَاعتِهِ قَامَتْ عَلَى سَاقِهَا الْوَغَى | وَنَكَّسَ ذُلاًّ رَأْسَهُ كُلُّ بَاسِلِ |
وَشُدَّتْ عَلَى الأَوْسَاطِ مِنْ خَدَمِ الْقَنَا | لديهِ زنانيرُ الكعوبِ العواملِ |
وَلَيْسَ اضْطِرَابُ الرِّيحِ خُلْقاً وَإِنَّمَا | رَمَتَهْا دَوَاعِي ذُعْرِهِ بِالأَفَاكِلِ |
يرى زورة َ العافي ألذَّ منَ الصّبا | وأحسن من وصلِ الحبيبِ المماطلِ |
هو المصقعُ اللّسنُ الّذي لبيانهِ | بِنَظْمِ الْقَوَافِي مُعْجِزَاتُ الْفَوَاصِلِ |
وموضوعُ علمِ الفضلِ والعلمُ الّذي | عليهِ وجوباً صحَّ حملُ الفواصلِ |
يُعدِّي فِعَالَ الْمَكْرُماتِ بِنَفْسِهَا | إِلَى آمِليهِ لاَ بِجَّرِ الْوَسَائِلِ |
مضى فعلهُ المشتقُّ من مصدرِ العلا | فصحَّ لهُ منهُ اشتقاقُ اسمُ فاعلِ |
تَكَادُ الْقَنَا قَسْراً بِغَيْرِ تَثَقُّفٍ | يُقَوِّمُ مِنْهَا عَدْلُهُ كلَّ مَائِلِ |
وإن تنحني حنيُ الأساورِ قضبهُ | لِمَا أَثْقَلَتْهَا مِنْ دُخُولِ الْقَبَائِلِ |
فلا تطلبوا ياحاسديهِ اغتيالهُ | فتخطفكم غولُ الخطوبِ الغوائلُ |
ولا تنزلوا أرضاً بها حلَّ سخطهُ | فَتَنْزِلَ فِيْكُم صَاعِقَاتُ النَّوَازِلِ |
تولّى بلادَ الحوزِ فليخلُ بالها | وَتَفْرَغَ مِنْ بَعْدِ الْهُمُومِ الشَّوَاغِلِ |
لقد قرَّ طورُ المجدِ فيها مكانهُ | وَقَدْ كَانَ دَكّاً قَبْلَهُ بِالْمَنَازِلِ |
وَفَكَّ عَنِ الْمُلْكِ الْوِثَاقَ فَأَصْبَحَتْ | شَيَاطِينُهُ مِنْ قَهْرِهِ فِي سَلاَسِلِ |
وزالَ ظلامُ لبغيِّ عن نيِّرِ الهدى | وَحُكِمَ سَيْفُ الْحَقِّ فِي كُلِّ بَاطِلِ |
فحسبكَ يا بكرَ العلا مفخراً فقدْ | تزوّجتَ منهُ بالكرامِ الحلائلِ |
فيا ابنَ حسامِ المجدِ والعاملِ الّذي | بهِ انصرفت قسراً جميع القبائلِ |
لقدْ فقتَ آباء الكرامِ بوالدٍ | بِهِ خُتِمَتْ غُرُّ الْكِرَامِ الأَفَاضِلِ |
محلُّ سماكِ الفضلِ مركز شمسهِ | مَقَرُّ دَرَارِي غَامِضَاتِ الْمَسَائِلِ |
صفوحٌ صدوقٌ حاكمٌ متشرِّعٌ | عفيفٌ شريفٌ ما لهُ من مماثلِ |
فقيهٌ حكيمٌ عالمٌ متكلّمٌ | ينصُّ على أحكامهِ بالدلائلِ |
مناقبُ فخرٍ حزتها يا ابنهُ وحسـ | ـبكَ فخراً ما بهِ من شمائلِ |
فَلاَ زِلْتَ قُطْباً ثَابِتاً فِي الْعُلاَ وَلاَ | بَرِحْتَ هِلاَلاً كَامِلاً غَيْرَ آفِلِ |