ما الرّاحُ إلا روحُ كلِّ حزينِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ما الرّاحُ إلا روحُ كلِّ حزينِ | فأزل بخمرتها خمارَ البينِ |
واستجلها مثلَ العروسِ توقّدت | بِعُقُودِهَا وَتحلْخَلَتْ بِبُرِينِ |
واقطف بثغركَ وردَ وجنتها على | خدِّ الشّقيقِ ومبسمِ النّسرينِ |
والثم عقيقة َ مرشفيها راشفاً | مِنْهَا ثَنَايَا اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ |
رُوحٌ إِذَا فِي فِيكَ غَابَتْ شَمْسُهَا | بَزَغَتْ مِنَ الْخَدَّيْنِ والْعَيْنَيْنِ |
قبسٌ يغالطنا الدّجى رأد الضّحى | فِيهَا وَيَصْدِقُ كَاذِبُ الْفَجْرَيْنِ |
ما زفَّها السَّقي بطائر فضَّة ٍ | إلا وحلَّق واقعَ النَّسرين |
حَاكَتْ زُجاجَة ُ كَأْسِهَا الْقِنْدِيلَ إِذْ | مشكاتُها اتَّقدت بلا زيتونِ |
تَبْدُو فَيَبْدُو الأُفْقُ خَدَّ عَشِيقَة ٍ | وَاللَّيْلُ لِمَّة َ عَاشِقٍ مَفْتُون |
مَبْنِيَّة ٌ بِفَمِ النَّزِيفِ مَذَاقُهَا | كرضابِليلى في فمِ المجنونِ |
بكرٌ إذا ما الماء أذهب بردها | صَاغَ الْحُبَابُ لَهَا سِوَارَ لُجَيْنِ |
لو كان في حوض الغمام محلُّها | لَجَرَى العَقِيقُ مِنَ السَّحَابِ الْجُونِ |
أو لو أريقت فوق يذبل جرعة | منها لأصبح معدن الرَّاهون |
وَمُضَارِعٍ لِلْبَدْرِ مَاضٍ لَحْظُهُ | مُتَسَتِّرٌ فِيهِ ضَمِيرُ فُنُون |
رشأ غدت حركات كسر جفونه | تبني على فتح السُّهاد جفوني |
روحي له وقف والف يمينه الـ | ـمَمْدُودُ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ حَنِينِي |
مهموز صدغ كم صحيح جوى غدا | بلفيفه يشكو اعتلال العين |
مُتَفِقّهٌ بِوصَالِهِ مُتَوَقِّفٌ | ويرى القطيعة من أصول الدين |
رؤياه مفتاح الجمال وخصره | تلخيص شرح مطوَّل التحسين |
حَيَّا بِزَوْرَتِهِ خُلاَصة َ صُحْبَة ٍ | وبدا فأبرز مشرق الشمسين |
وَافْتَرَّ مُحْتَسِياً لَهَا فَأَبَانَ عَنْ | برقين مبتسمين عن سمطين |
وشدا وطاف بها فأحيا ميت الـ | ـعُشَّاقِ فِي رَاحَيْنِ بَلْ رُوحَيْنِ |
من لي بوصل مهاة خدرٍ فارقت | عيني وظبي أفلتته يميني |
لله أيام الوصال وحبذا | سَاعَاتُ لَهْوٍ فِي رُبَى يَبْرِينِ |
مَغْنى ً بِحُبِّ السَّاكِنِينَ يَسُوغُ لِي | نَظْمُ النَّسِيبِ وَنَثرُ دُرّ شُؤُونِي |
لاَ زَالَ يَبْتَسِمُ الأَقَاحُ بِهِ وَلاَ | بَرِحَ الشَّقِيقُ مُضَرَّجَ الْخَدَّيْنِ |
أحوى كأن مياهه ريق الدمى | وَهَوَاهُ أَنْفَاسُ الْحِسَانِ الْعِينِ |
ضَاهَى عُيُونَ الْغَانِيَاتِ بِنَرْجِسٍ | وسما على قاماتها بغصون |
فَلَكَمْ رَشَفْتُ عَلَى زُمُرُّدِ رَوْضِهِ | زَمَنَ الشَّبَابِ عَقِيقَة الزَّرَجُونِ |
وَأَمِنْت بَأْسَ النَّائِبَاتِ كَأَنَّمَا | بركات أمسى كافلي وضميني |
سامي الحقيقة لا يحس نزيله | بِحَوَادِثِ التَّقْدِيرِ وَالتَّكْوِينِ |
بشَرٌ يُرِيكَ الْبَحْرَ تَحْتَ رِدَائِهِ | والبدر فوق سريره الموضون |
غَيْثٌ بِنُوَّارِ الشَّقِيقِ إِذَا سَمَا | تزهو رياض المقتر الديون |
قَاضٍ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَة ِ عَالِمٌ | بقواعد الإرشاد والتبيين |
عدل تحكَّم في البلاد فقام في | مَفْرُوضِ دِينِ اللهِ وَالْمَسْنُونِ |
بَلَغَ الْكَمَالَ وَمَا تَجَاوزَ عُمْرُهُ | عشرا وحاز الملك بالعشرين |
خطب المعالي بالرماح فزوجت | بكر العلا منه بليث عرين |
تَلْقَى الْعِدَا وَالْوَفْدُ مِنْهُ إِذَا بَدَا | تِيْهَ الْعَزِيزِ وَذِلَّة َ الْمِسْكِينِ |
سمح لمن طلب الإفادة باسط | بِبَنَانِهِ وَبَيَانِهِ كَنْزَيْن |
مَا مَدَّ رَاحَتَهُ وَجَادَ بِعِلْمِهِ | |
إِلاَّ الْتَقَطْنَا لُؤْلُؤَ الْبَحْرَيْنِ | |
لو بالبلاغلة للنوبة يدعي | لغدا وما قرآنه بغضين |
مِنْ مَعْشَرٍ لَهُمُ عَلَى كُلِّ الْوَرَى | شرف النجوم على حصى الأرضين |
سامٍ لمنصله وشسعي نعله | فَخْرُ الْهِلاَلِ وَرِفْعَة ُ الشَّرَطَيْنِ |
هَمَسَتْ بِأَصْوَاتِ الطُّغَاة ِ فَكَادَ أَنْ | لاَ يَسْتَهِلَّ بِهِمْ لِسَانُ جَنِينِ |
وتيقَّنت بالتُّكل بيضهم فلو | قَدَرَتْ لَمَا سَمَحَتْ لَهُمْ بِبَنِينِ |
غصَّت جلالته العيون وربما | نَظَرَتْ إِلَيْهِ فَحِرْنَ فِي أَمْرَيْنِ |
قبس جرى بيديه جدول صارم | وغمامة حملت شهاب رديني |
عَفُّ الْمَآزِرِكَمْ ذُكُورُ نِصَالِهِ | فِيهِ اسْتَبَاحَتْ مِنْ فُرُوجِ حُصُونِ |
قَيْلٌ يُصَانُ لَدَيْهِ جَوْهَرُ عِرْضِهِ | لكبا بسابقة عثار حرون |
يمسي الفقير إذا أتاه كانما | غصب الغنى من راحتي قارون |
مَوْلى ً يَلُوذُ الْمُذْنِبُونَ بِعَفْوهِ | وَيَفُكُّ قَيْدَ الْمُجْرِمِ الْمَسْجُونِ |
يَا حَادِيَ الْعَشَرِ الْعُقُولِ وَثَانِيَ الدَّ | هْرِ الْمَهُولِ وَثَالِثَ الْقَمَرَيْنِ |
والثابت المغوار والقرن الذي | لاَ تَسْتَقِرُّ سُيُوفُهُ بِجُفُونِ |
فلقد أنار الله فيك نهارنا | وجلا الظلام بوجهك الميمون |
وَكَسَا بِكَ الدُّنْيَا الْجَمَالَ وَزَيَّنَ ا | لأَيَّامَ مِنْ عَلْيَاكَ فِي عِقْدَيْنِ |
وأبان رشد عباده بك فاهتدوا | بعد الضلال بأوضح النَّجدين |
فتهنَّ بالعيد المبارك واغتنم | أجر الصيام وبهجة الفطرين |
وألبس جلابيب العلا وتدرَّع الـ | ـنَّصْرَ الْعَزِيزَ وَحُلَّة َ التَّمِكْينِ |
واستجل من فكري عروساً مالها | كفؤ سواك بسائر الثقلين |
وَأَبِيكَ يَا مَنْ حُكِّمَتْ بِيَمِينِهِ | بيض العطايا في رقاب العين |
لَوْلاَ حَيَا كَفَّيْكَ مَا حَيَّا الْحَيَا | روضي ولا ساحت بطاح معيني |
كلا ولا نلت النَّعيم ولا نجت | روحي العزيزة من عذاب الهون |
بَلَغَتْ مَدَى الأَقْصَى لَدَيْكَ مَطَالِبِي | وَأَصَابَتِ الْغَرَضَ الْبِعِيدَ ظُنُونِي |
لِي فِي مَعَانِيكَ اعْتِقَادُ وِلاً فَلَوْ | كُشِفَ الْغِطَامَا ازْدَادَ فيكَ يَقِيِني |