أرشيف الشعر العربي

سَكِّن فُؤادكَ لا تَذهَب بِكَ الفِكَرُ

سَكِّن فُؤادكَ لا تَذهَب بِكَ الفِكَرُ

مدة قراءة القصيدة : 4 دقائق .
سَكِّنْ فُؤادكَ لا تَذهَب بِكَ الفِكَرُ ماذا يُعيد عَلَيكَ البَثُّ وَالحذرُ "1"
وَازجُرْ جُفُونك لا تَرضَ البُكاءَ لَها وَاِصبِر فَقَد كُنتَ عند الخطب تَصْطَبِرُ
وَإِن يَكُن قَدرٌ قد عاق عَن وَطَرٍ فَلا مَرَدَّ لما يأتي بِهِ القدَرُ
وَإِن تَكُن خيبَةٌ في الدَّهرِ واحِدَةٌ فَكَم غَزوتَ وَمن أشياعك الظَّفَرُ
إِن كُنتَ في حيرَةٍ مِن جُرمِ مُجتَرِمٍ فَإِنَّ عُذرك في ظَلمائِها قَمَرُ
كَم زَفْرَةٍ في شِغافِ القَلبِ صاعِدَةٍ وعَبرةٍ مِن شؤون الدَّهر تَنحَدِرُ
فَوِّض إِلى اللَه فيما أَنتَ خائِفُه وَثقْ بِمُعتَضِدٍ بِاللَهِ يَغتَفِرُ
وَلا تَرُعكَ خُطوبٌ إِن عدا زَمَنٌ فاللَه يَدفَع، وَالمَنصورُ يَنتَصِرُ
وَاِصبر فَإِنَّكَ مِن قومٍ أُولي جَلَدٍ إِذا أَصابَتهُم مَكروهَةٌ صَبَروا
مَن مِثلُ قَومِك ، من مثلُ الهُمامِ أبي عمرو أَبيك، لَه مجدٌ وَمُفْتَخَرُ
سَمَيذَعٌ يَهبُ الآلافَ مبتدِئًا وَيَستَقِلُّ عَطاياهُ وَيَعتذرُ
لَهُ يَدٌ كُلُّ جَبّارٍ يُقَبِّلها لَولا نَداها لَقُلنا إِنَّها الحَجَرُ
يا ضَيغَماً يَقتُلُ الفُرسان مُفتَرِساً لا توهِنَنّي فَإِنّي الناب وَالظُفْرُ
وَفارِساً تَحذَرُ الأبطالُ صَولَتَهُ صُن عبدَك القِنَّ، فَهوَ الصّارِمُ الذّكرُ
هُوَ الَّذي لَم تَشِمْ يُمناك صَفحَتَهُ إِلّا تَأتّى مُرادٌ وَاِنقَضَى وَطَرُ
قَد أَخْلَقتني صُروف أَنتَ تعلمُها وغالَ موردَ آمالي بها كَدرُ"2"
فالنَفسُ جازِعَةٌ، وَالعَينُ دامِعَةٌ وَالصَوتُ مُنخفضٌ، والطّرفُ مُنكسِرُ
وحُلتُ لونًا وما بالجسم مِن سَقَمٍ وشِبتُ رأسًا، وَلَم يبلُغني الكِبَرُ
وَمُتُّ إِلّا ذَماءً فيَّ يُمسكه أَنّي عَهدتُكَ تَعفو حينَ تَقتَدِرُ
لَم يأت عبدُك ذنبًا يَستَحِقُ به عُتبًا، وَها هُوَ قد ناداكَ يَعتَذِرُ
ما الذَّنبُ إِلّا عَلى قَومٍ ذَوي دَغَلٍ وَفَى لَهُم عهدُك المعهودُ إِذ غَدروا
قَومٌ نَصيحتُهُم غِشٌّ وحبُّهم بُغضٌ، وَنَفعُهُم -إِن صَرَّفوا- ضَرَرُ
يُمَيَّزُ البُغض في الأَلفاظِ إِن نَطَقوا وَيُعرَفُ الحِقدُ في الأَلحاظ إِن نَظَروا
إِن يَحرِقِ القَلبَ نَفثٌ مِن مَقالهمُ فَإِنَّما ذاكَ مِن نارِ القِلى شَرَرُ
مَولاي دعوةَ مَملوكٍ بِهِ ظمأٌ بَرْحٌ وَفي راحَتَيكَ السَّلْسَلُ الخَصِرُ
أَجِب نِداءَ أَخى قَلبٍ تملَّكهُ أَسًى، وَذي مُقلَةٍ أودَى بِها السَّهَرُ
لَم أُوتَ مِن زَمَني شَيئًا ألذُّ بِهِ فلستُ أَعهَدُ ما كأسٌ وَلا وتَرُ
وَلا تَمَلَّكَني دَلٌّ وَلا خَفَرٌ وَلا سَبى خَلَدي غُنج وَلا حَوَرُ
رَضاكَ راحَةُ نَفسي لا فُجِعتُ بِهِ فَهوَ العَتادُ الَّذي لِلدهر يُدَّخرُ
وَهوَ المُدامُ الَّتي أَسلو بِها فَإِذا عَدِمتُها عَبِثَتْ في قَلبيَ الفِكَرُ
أَجَل وَلي راحَةٌ أُخرى كَلفتُ بِها نَظمُ الكُلى في القَنا وَالهامُ تَنتَثِرُ
ما تركيَ الخَمرَ مِن زُهدٍ وَلا وَرَعٍ فَلَم يُفارِق -لَعَمري- سِنّيَ الصغَرُ
وَإِنَّما أَنا ساعٍ في رِضاك فَإِن أَخفَقتُ فيه فَلا يُفسَح ليَ العُمُرُ
ما سَرّني وَأحاشي عَصر عَطفِكمُ يوم أخل به في عيني القصَرُ
كَم وقعة لي في الأَعداء واضِحَةٍ تَفنى اللَيالي وَما يَفنى لَها الخبرُ
سارَت بِها العيسُ في الآفاقِ فاِنتَشَرَت فَلَيسَ في كُلِّ حَيٍّ غَيرها سَمَرُ
لازلتَ ذا عِزّة قَعساء شامِخَةٍ لا يَبلُغ الوَهمُ أَدناها وَلا البَصَرُ
وَلا يَزل وَزَرٌ مِن حُسنِ رأيك لي آوي إِلَيهِ فَنِعمَ الكَهفُ وَالوَزَرُ
إِلَيكَ رَوضَةَ فِكر جادَ مَنبتها نَدى يَمينك، لا طَلٌّ ولا مَطَرُ
جَعَلتُ ذكركَ في أَرجائِها زَهَرًا وكُلُّ أَوقاتِها لِلمُجتَني ثَمَرُ

----------------------------------

(1) في قلائد العقيان والمجموع: " لا تذهب به "

(2)في المجموع "وَقالَ موردها ما لي بِها صدرُ"

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (المعتمد بن عباد) .

أَغائِبَةَ الشَّخصِ عَن ناظِري

أَبا الوليد تجاوزْ

لَكِ اللَهُ كَم أودَعتِ قَلبيَ مِن أَسى

انظرهما في الظّلام قد نجَما

حَكَّمَهُ في مُهجَتي حُسنُهُ


روائع الشيخ عبدالكريم خضير