---- 5/2/2007 --------- |
في الخامسِ من شهرِ شباط ... |
ولِدَتْ مريمْ ... |
ولِدَتْ فاتنةً ، |
نَضَّبَها الإشعاعُ الأمريكيُّ المُبْهمْ ... |
نَضَّبَها حَدَّ العظمِ ، |
ونَضَّبَنا حَدَّ الإحباطْ ... |
لم نَشبَعْ من رِقَّةِ خدَّيها ... |
لم نشبَعْ من زُرقَةِ عينيها ... |
لم يَشبَعْ |
من رائحةِ الصّدرِ الغضِّ |
قِماطْ ... |
ماتتْ مريمْ ... |
................... |
*** |
......................... |
لم تعرِفْ أنَّ الجَدَّ المفجوعَ بِها ، |
دَمِيَتْ عيناهُ ... |
لم تعرِفْ أنَّ أباها ، |
وهوَ يُوَسِّدُها اللَّحْدَ ، |
وتُمسِكُها بحنانٍ كفَّاهُ ... |
سَيَظلُّ يُناغي ذكراها ... |
لم تَعرِفْ أنَّ الأُمَّ المسبيَّةَ ، |
والمَحنيَّةَ فوقَ وِسادتِها ، |
تتَلَمَّسُ بعدَ رحيلِ حبيبتِها ، |
رائحةَ القمَرِ المكسورْ ... |
تتلمَّسُ وَمْضَ البرقِ الخاطفِ |
بين حناياها ... |
وبقايا العَبَقِ المغدورْ ... |
......................... |
رَحَلَتْ مريمْ ... |
........................ |
*** |
ماتتْ |
في ذكرى الحربِ القَذِرةْ ... |
وتوَقَّفَ قلبٌ غَضٌّ ، |
شَوَّهتِ الحربُ شرايينَهْ ... |
ماتتْ |
تحتَ حريقِ النَّفَسِ المخنوقْ ... |
بين الـ ( لازِكْسَ ) ، |
ومُرِّ الـ ( كابوتينِ ) المسحوقْ ... |
يا مُضغَةَ روحي |
إنَّ الناسَ سكارى |
بفجائعَ ضاريةٍ ، والعينُ سخينهْ ... |
يا مضغةَ روحي |
إنَّ النّاسَ حيارى .. |
بأطبَّاءَ يفرُّونَ من القَتْلِ السّافلِ ، |
والعصرِ الخازوقْ ... |
فتَّشْتُ عن الشّارِدِ والوارِدِ منهم ، |
في هذا السّوقْ ... |
............... |
وعجزتُ فغُفرانُكِ ، |
يا طعنةَ روحي يا مريمْ ... |
.......... |
ماتتْ مريمْ ... |
.............. |
*** |
ذبُلَتْ مريمُ |
تحتَ قناني الـ ( أُو.. تو) ، |
وأنابيبِ السَيَلانِ الباحثِ |
عن أورِدةٍ ، يبِسَتْ في كفَّيها ... |
فلِماذا لم أستَعجِلْ |
وضْعَ الأقراطِ لها ، |
وأُزيِّنْ أُذنيها ؟.. |
ولماذا لم أشبَعْ من شمِّ أصابعِها ، |
وعبيرِ سواعدِها ويَديها ؟.. |
كان الموتُ سوارْ ... |
في شهرِ النكبةِ هذا المدعو آذارْ ... |
...................... |
ماتتْ مريمْ ... |
................ |
*** |
ماتتْ في اليومِ العشرينْ ... |
قبلَ تَفَتُّحِ أحداقِ الصبحِ |
وأوراقِ الأزهارْ ... |
سأجَمِّعُ باقَةَ (صُفِّيرٍ) |
قُبَّعةً لطفولتِها ، |
وشقائقَ نعمانْ ... |
سأُجَمِّعُ باقَةَ عِطرٍ فاغِمةٍ لثَراها ... |
أُودِعُها |
فوقَ رفيفِ القبرِ النَاعِمْ ... |
في اليومِ التَّاسعِ من شهرِ النّكبةِ ، |
في نيسانَ القادِمْ ... |
.......... |
ماتتْ مريمْ .. |
................. |
هل تعرفُني يومَ أزورُ حديقَتَها |
في نيسانْ ؟.. |
كانتْ تَبْسِمُ بين خمائلِ روحي ، |
ويُسابقُني زهوُ فراشاتِ دمي |
لتمائمِها ، |
وتناغُمُ موج الألوانْ ... |
هلْ تعرفُ جَدّاً مجروحاً بالصّمتِ ، |
وشيخاً |
محشوراً في فمِ بركانْ ؟.. |
هل تعرفُ جَدّاً مكسوراً |
في دمعةِ حزنٍ ، تتحدَّرُ |
فوقَ أخاديدِ الشّيبِ بِلِحيتِهِ ، |
كي تبرَأَ لحيتُهُ |
من عُهرِ الإنسانْ ... |
نامي يا بِضعَةَ روحي |
يا مريمُ ، |
نامي يا عبَقَ النُوّارْ ... |
يا طائرَ بُشرى ، |
حطَّ على شُرفةِ بيتي ، |
في غفلةِ بيتي ، |
لم يَتَّسِعِ الوقتُ |
لأنثُرَ حبَّاتِ القلبِ لهُ ... |
حتّى فزَّ من القلبِ |
وطارْ ... |