لمْ أقُلْ إلا القليل
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أنا لَمْ أَقُلْ إلا القليلْ | أنا لَمْ أَقُلْ لكَ ما أريدُ، | ولمْ أُغادِرْ بَعْدُ حُنْجُرَتي | ولو حتى مُصادَفَةً، | ولا لُغَتي تُغادرُ رَمْلَها، | ما بيْنَنا خوفٌ قديمٌ للكلامِ، | وثَمَّ شّكٌّ وارتيابٌ | في الحكايةِ والهواءِ، | وبيْنَنا الليلُ الطويلْ | ضِدَّان نَرعى خَيْلَنا | في ضِفَّتّيْنِ نَقيضَتَيْنِ، | تَحُدُّنا هذي الجهاتُ/ الهاوياتُ، | ودونَنا يَمْتَدُّ نهرٌ مُستحيلْ | أنا لَمْ أَقُلْ شيئاً | لجارَتيَ الجميلةِ | مُنْذُ أعوامٍ سِوى: | "أهلاً .. صباحُ الخيرِ"، | ثُمَّ ألوذُ بالصبرِ الجميلْ | أنا لَمْ أَقُلْ شيئاً | سِوى ما قال جُنْديٌّ صريعٌ، | وهْوَ يَنزعُ مِنْ جَوانِبِه الرصاصَ: | أنا سَقَطْتُ، | فأبْلِغوا أُمّي السلامَ، | وهيِّئوا قبْري دليلْ | أنا لَمْ أَقُلْ شيئاً، | لأنك لَسْتَ تَسْمَعُني، | ولَمْ أُطْلِقْ عَويلَ الروحِ | في صوتي بما يكْفي، | ولَسْتُ بسامِعٍ ما يَقْرَعُ الطوفانُ | مِنْ أبواقِهِ في مُقْلَتَيْكَ، | كأننا عُمْيٌ على هذا الرحيلْ | أنا لَمْ أَقُلْ شيئاً، | خُلِقْنا صامِتَيْنِ، | كما تَمُرُّ على المرايا الكائناتُ، | كلامُنا حَجَرٌ هُلاميٌّ، | عواطفُنا غُبارٌ عاطِلٌ، | بَسَماتُنا خَشَبٌ، | وعُزْلَتُنا صهيلْ | أنا لَمْ أَقُلْ شيئاً، | توقَفْ في مكانٍ ما لِتَسْمَعَني، | لأُصْبِحَ شاهدَ المعنى الوحيدِ | على الضجيجِ الآدميِّ، | مُبَعْثراً ألْقاهُ ناسٌ مِثْلُنا، | وتَفَرَّقوا كالطيرِ كُلٌّ في سبيلْ | أنا لَمْ أَقُلْ شيئاً، | فأيّ ضَحِيَّتَيْكَ الآن ترْثي | حين تَدْفِنُني: النبيَّ أَم القتيلْ؟! | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (حسن المطروشي) .