تَقَمُّصاتُ رَجُلٍ وَحيد
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يَتَقَمَّصُ الرجُلُ الغريبُ طُيوفَهُ، | ويَبيتُ مُتَّكئاً على | أنْقاضِ نِسْياناتِه الكُبْرى، | يُلاحِق في دُروبِ الليلِّ | قطْعانَ الهواجسِ، | يَذْرَعُ البيتَ القَليلَ كَضِحْكَتَيْنِ، | ويَنْطَوي كَمُحارِبٍ | ألقى مَفاتيحَ المدينةِ | للغزاةِ القادمين مِنَ العواصفِ | وانْهَزَمْ | ضَجِرٌ | ومِنْ عاداتِهِ لَيْلاً | يُحَدِّقُ في العَدَمْ | هو ليس مُكْتَئباً تماماً، | رُبَّما غَنَّى قليلاً، | رُبَّما أسْدى لِجارَتِهِ البَدينَةِ حانِقاً | بعضَ الشتائمِ، | أو يكونُ مُعارِضاً | لوْ لَحْظَةً | يَهْجو الحُكومةَ في الخَفاءِ | ويَبْتَسِمْ | ولَدَيْهِ للنَّجْوى رِفاقٌ خُلَّصٌ: | * فأرٌ جَريءٌ | غَيْرُ مُكْتَرِثٍ بَتاتاً | باحْتِدامِ مِزاجِهِ الليْليِّ، | * أشباحٌ بِقاماتٍ طِوالٍ | تَحْرسُ الشُّبَّاكَ، | * تِلْفازٌ مُضيءٌ صامتٌ، | * والهاتفُ النّقّارُ مِنْ حِينٍ لآخَرَ | لا يَكفُّ عنِ الطَّنينِ: | (رسالةٌ مِنْ شاعِرٍ قَلِقٍ | يُلَمِّعُ في مكانٍ ما | مَدائحَهُ البليغَةَ | في التناسُلِ والكُحولِ | وفي مَنامِ الأرصفةْ) | يَقِظٌ بما يَكْفي ليُرْبِكَ عاصِفَةْ | ورسالةٌ أُخْرى تَرِنُّ: | "غداً ختامُ الشهْرِ، | هلْ تنْوي المُكوثَ لِمُدَّةٍ أخرى عزيزي؟" | ـ طَيِّبٌ هذا المُؤجِّرُ، | رغْمَ ضيقٍ في الهواءِ وفي المنامْ | وفي وصولي للكلامْ | لكِنَّهُ المِسْكينُ | يُمْسِكُني بِمَعْروفٍ، | يُسَرِّحُني بإحْسانٍ، | ويَمْنَحُني الخَيارَ | بأنْ أضيقَ كما بلادٍ | أو أموتَ بلا صفةْ | رَجُلٌ بِرُمَّتِهِ | يُحَدِّقُ نَحْوَ مُفْتَتَحِ العبارةِ | مُنْذُ أزمِنَةٍ | لكي يَصِفَ العلاقةَ | بينَ فُسْتانِ القصيدةِ | والمطرْ | ويُعِدُّ مائدةً | بُكِلِّ نُعاسِها، | يَدْعو الفَراشَ ويَنْتَظِرْ | يَتَكاثَرُ الرجلُ الوحيدُ | على المقاعِدِ والرُّفوفِ، | وكلما يدْنو مِنَ المرآةِ | يَضْحَكُ خِلْسَةً، | تبْدو نَواجِذُه المُصابةُ بالتآكلِ، | تَسْقُطُ المِرآةُ في جِهَةٍ مُحايِدَةٍ، | فَتَنْبُتُ هِجْرَتانِ على يَديْهِ | ويَنْكَسِرْ! | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (حسن المطروشي) .