إذا استشرفت عيانك جانب تَلعةٍ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
إذا استشرفت عيانك جانب تَلعةٍ | جَلَت لك أُخرى من رُبَاها جوانبا |
يُضَاحِكُنا نَوَّارها فكأنَّما | نُغَازل بين الرَّوض منها حَبَائبا |
تبَسَّم فيها الأُقحوَان فخِلتُهُ | تلَقَّاكَ مرتاحاً إِليكَ مُدَاعِبا |
وَحَلَّ نقاب الوَردِ فاهتزَّ يَدَّعى | بواديه في وَردِ الخدود مَنَاسبا |
أقولُ وما في الأرضِ غيرُ قرارةٍ | تُصافحُ رَوضاً حَولها متقارباً |
أباتت يَدُ الأستاذِ بين رياضها | تَدفَّقُ أم أهدَت إليها سَحَائبا |
أألبسَها أَخلاقَه الغُرَّ فاغتدَت | كواكبها تَجلُو علينا كَوكَبا |
أَوشَّت حواشيها خَوَاطرُ فكرِهِ | فأبدَت من الزهر الأَنيق غَرائبا |
أَهَزَّ الصَّبا قُضبَانَهَا كاهتزازه | إذا لَمَست كفَّيه كَفَّك طالبا |
أَخالته يصبُو نحوها فتزيَّنَت | تؤمِّل أن يختارَ منها مَلاعبا |
وما الشِّعرُ إلا ما استَفَزَّ ممدَّحاً | وأَطربَ مُشتَاقاً وأَرضى مُغاضبا |
أطاع فلم تُوجّد قوافيه نُفَّراً | ولم تأتهِ الألفاظُ حَسرَى لَواغَبَا |
وفي الناس أَتبَاعُ القَوَافِي تراهُمُ | يبثُّونَ في آثارهن الَمقَانبَا |
إذا لَحَظُوا حرفَ الرَّوي تَبَادَرُوا | وقد تركوا الَمعنى مع اللفظ جَانِبا |
وإن مُنِعُوا حُرَّ الكَلامِ تَطَرَّقوا | حَوَاشيها فاجتَاحوا الضَّيعفَ الُمقَاربَا |
ولكنني أرمي بكلِّ بديعةٍ | تَبتنَ بأَلباب الرجالِ لَوَاعِبَا |
تسير ولم تَرحل وتدنو وقد نَأَت | وتكسب حُفَّاظَ الرِّجال المراتبا |
ترى النَّاس إمَّا مُستَهَاماً بِذِكرِهَا | وَلُوعاً وإمَّا مُستَعيراً وغاصِباً |
أَذودُ لَئام الناسِ عنها وأتقي | على حَسَبي إن لم أَصُنهَا الَمعَايبا |
وأعضُلُها حتى إذا جاء كُفؤُها | سمحتُ بها مستشرفات كواعبا |
وَأَيُّ غيورٍ لا يجيبُ وقد رأى | مكارمَك اللاتي أَتَينَ خواطِبا |
ألم تَرَ أنواَء الربيع كأنما | نَشَرنَ على الآفا وَشيَاً مُذهّبا |
فمن شجرٍ أظهرنَ فيه طَلاقَةً | وكان عَبُوسا قبلَهُن مُقَطَّبا |
ومن روضَى قَضَّى الشتاء حِدَادهَا | فَوشَّحنَ عطفَيهَا مُلاءً مُطَيَّبا |
سقاها سُلافُ الغيثِ رَيَّاً فأصبَحت | تَمايَلُ سُكراً كلما هَبَّت الصبَّا |
كأنَّ سجَايا شيرزاد تَمدُّها | فقد أمنت من أن تُحولَ وتَشحُبا |