أتذيلُ دَمعك كُلُّه إن بانوا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أتذيلُ دَمعك كُلُّه إن بانوا | صُن بعضَهُ فوراك الأوطانُ |
حَقّ الديار كحقِّ من عاشرتَهُم | فيها كذا حكَمت به الفتيانُ |
سَلني أقفك على الهوى وشروطهِ | لا عار أن يستسقي الظمآنُ |
أُبدي السُلوَّ عو الأحبَّة إن نأوا | عمداً وأنأى منهمُ السلوانُ |
غالطتُ عاذلتي بذاك ولم يزَل | لي في مُغالطةِ العواذل شانُ |
ومن البليَّةِ انّ كتمانَ الهوى | دأبي وإن اودي بيَ الكتمانُ |
ومَلولةٍ ألِفَت فنافعُ بذلها | شرٌ وضائرُ مَنعِها إعلانُ |
وقف الجنون على جنان مُحبّها | انّ المجانةَ عندها مجَّانُ |
غازلتُها سَحَراً وقلتُ لها اسحري | قد طالما سَحَرَتني الغزلانُ |
عِينُ الصَّريم عُيونُهنَّ صوارمٌ | مسلولةٌ أجفانها الأجفانُ |
فَخُذي الى ديوان عطفِك وقّعي | يُكتَب لنا من مُقلتيك أمانُ |
أمن الحبيب تعلُّلٌ وتعزّزٌ | ومن الرقيب تهدُّدٌ وهوانُ |
فتبسَّمَت واستعجلَتها عَبرةٌ | واضاء دُرٌّ واستهلَّ جُمانُ |
وقفَت تعضُّ على الوشاة بَنانَها | فاخُطُّ خدّي والدموعُ بَنانُ |
تشكو الصَّبابةَ بامتداد تَنَفُّسٍ | تشكو غوائل حرِّه النيرانُ |
حَرٌّ لو انَّ المشركين بلوا به | فيما مضى لم تعبدِ الأوثانُ |
فكم التصبّرُ والوداع حقيقة | وكم التجلّدُ والفراق عيانُ |
وكم امتعاضُ الكاشحينَ من النَّوى | كانوا هُمُ سَبَبُ النوى لا كانوا |
وأعِزَّةٍ قد كنتُ دِنتُ بحبّهم | ولذاك سائرهم بحبّي دانوا |
كنتُ المُفَدَّى بينهم ولديهم | بحياةِ رأسي كانت الإيمان |
فَسَعى الأعادي بالنمائم بيننا | حتى تنافرنا فبنتُ وبانوا |
نَأَت المسافةُ والتذكّر حظّهُم | منّي وحظي منهُمُ النسيانُ |
دعوى الاخاء على الرجاء كثيرةً | بل في الشدائد تعرف الأخوانُ |
الدمعُ وافٍ إن وفوا أو أخلَفوا | والشوقُ راعٍ إن رَعَوا أو خانُوا |
مالي على الأيّام إن بخلوا يدٌ | وعلى الزمان اذا نبوا سُلطان |
كالموج اثر الموج ليس بفاترٍ | فقدانُ إلفٍ اثرَهُ فقدانُ |
ولقد فرى حالي بمخلب ضيمه | ليثٌ خلى عن مثله خفَّانُ |
يُبدي الشجاعةَ في اقتناص ذوي النُّهى | وعن اقتناص المقترين جَبانُ |
نَزع الغني عنّي ليصدأ شيمتي | عَجَباً له هل يصدأ العِقيانُ |
وأهانني والمسكُ طيبُ نسيمِه | يزداد تحت السحق حين يُهان |
لمّا حُرِمتُ به الثَّراَء حَرَمتُهُ | منّي الثناَء فَعَمَّنا الحرمانُ |
أربِح بصفقة تاجرٍ يبتاعني | ولمن سعى في بَيعي الخسرانُ |
مثلي يُضَنُّ به ويحمل جاهُه | طوعاً على حَدَقِ العُلى ويُصان |
وأنا الذي أضنَتهُ هِمَّةُ نَفسِه | لا الهَمُّ أضناهُ ولا الاحزانُ |
عطل المروَّةِ خَانَهُ إمكانُه | إنَّ المروَّة حَليُها الامكانُ |
واذا أَحَبَّتني العراقُ فَهَيِّنٌ | عندي إِذا نشزَت عليَّ عمانُ |
سَيُعيدُ أيامي كأيّام الصِّبا | حُرٌّ أعَزُّ من الملوك هجانُ |
قمراً يُسامرُ فكره تحت الأجى | في المكرمات هجانُ |
وينام حين ينام غِبَّ سُهادِه | والمجدُ بين ظلوعه يقضان |
أرضى ملوك بني بُوَيه بِنُصحِه | والنجحُ جسمٌ روحُه الايمان |
ولو انّ أمر الملك نيطَ بغيره | أبت الاسرَّةُ والتِّيجانُ |
بَشَّرتَ آمالي ببشرك انَّه | لكتاب ادراك الغنى عنوانُ |
أيّامُ فخر الملك أكثر بهجةً | من أن يقومَ بوصفهنَّ لسانُ |