مَنْ يَا تُرى يهواكَ ؟
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
مَنْ يا تُرى ، | يهواكَ في البلد المخبئ عنوةً في الذاكره ؟ | مَطَرٌ على شُرُفاته | يَنْسابُ عِطْراً ، يعتلي وجهَ الرصيفِ ، للحظةٍ ، | حيناً وحيناً يستظلُ بمقبره. | والراحلون كما الأماكن ، يلهجون قصيدةً | كُتِبَتْ على طيفٍ تساقطَ في فناء الدارِ | جاءَ بهِ الخريفْ. | والبيتُ ، ذاك البيتُ ، يومَ تركتَهُ | ضاقتْ بهِ العبراتُ ، ارتجتْ جوانبُهُ ، | وفارقَ بابَهُ صوتٌ لضيفْ. | ودموعُ أمِكَ ، | قد روتْ شجرَ الحديقةِ ، | واكتوتْ حزناً ، ولاكتْ في غصاصتها الرغيفْ. | والليلُ ، هذا الليلُ ، | منذُ بدا النهارُ يغيبُ بينَ مصاطب المتسولين ، | يلمُّ أحزانَ العتابْ. | ويشدُّ من أزرِ الغيابْ. | ويسيرُ ما بين الأزقةِ ، | طارقاً باباً ببابْ. | يصغي لدقاتِ القلوبِ ، | الهائجاتِ كما السُحابْ. | يصغي لأصواتٍ | تغيثُ ويستغيثُ بها الخطابْ. | والبيتُ منذُ تركتَهُ | سكنتْ على حيطانهِ لغةُ الترابْ. | مَنْ يا تُرى ، | يأتيكَ ، يطرقُ بابَكَ الورديِّ في بلدٍ غريبْ. ؟ | مَنْ يا تُرى ، | يأتيكَ بالقدر المفرقع دهنه بيضاً وتمراً | عند ساعات المغيبْ. ؟ | مَنْ يأتي باللبن المحبب والحبيبْ.؟ | مَنْ يا تُرى ، | يهواكَ في البلد الذي قد جئت بين ظلاله ، | تشكو متاهات النصيبْ. | ولسانُ حالكَ ، لا يجيبْ. | فارقد ، هنا ، زمناً ومُتْ حجراً | على شرفات بيتكَ ، | لا تفارقْ ! | فالريحُ دفتركَ القديمْ. | والبيتُ من زمنٍ يراكَ بحلمهِ ، | طيفاً يجيء به النسيمْ. | حجرٌ تكون على طلال البيت دهراً ، | لا تفارقْ. ! | فالظلُّ يبقى قائماً ، | كفناً يظلُّ ولا يفارقْ. | فارقد هنا ، | حتى يجيء الصبحُ ملهوفاً يعانقْ. | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (مالك الواسطي) .