أرشيف الشعر العربي

تحولاتُ العاشقِ في نصٍ مفتوح

تحولاتُ العاشقِ في نصٍ مفتوح

مدة قراءة القصيدة : 3 دقائق .

(المتن)

{ اشتدَّ الحُزْنُ عَلِيه وطارحَتْهُ المنايا ، فاسْتَجارَ بصَوتٍ قَريبٍ مِنْ أُذُنيهِ، غَيْرَ أنَّ المسافاتِ قد فارقتْ شَكلَها وامتداداتها عَادتْ هباء. فاحتَمى سَاعةَ الافتراق عَنِ الحُزنِ بطيفِ المكان. فحارتْ به الدنيا وحارَ بها وقالَ قولاً لَمْ يَسْمَعْه

***

(النص)

كانَ الوقتُ سجيناً ،

يَحْتَضِنُ الغائبَ في غيبتِهِ ،

يَنْسِجُ آهاتِ مَحَبَّتِهِ ،

يَتَجلَّى في اللاتكوينْ.

يَتَمدَّدُ في البُعْدِ وفي اللابُعد ،

لا شكلاً يؤويه ، لا وطناً يعرفُ ماضيه ،

كان الوقتُ سجيناً ،

يتناثرُ في الحكمةِ ظلاً ،

يأتي مغروساً بأنينْ.

تخنقهُ الظُّلمةُ في الحُبِّ وفي اللاحبِّ ،

يطوفُ قليلاً في الاثنين ،

يتماها في كُلِّ جنين.

سالَ الوقتُ ،

وكادَ الصمتُ شروداً في كلِّ يقين.

صارَ الوقتُ دهيناً ، خشناً ،

يتلفلفُ في وجعِ التكوين.

والحزنُ الكامنُ في العينين ،

وطنٌ وسحابْ ،

يا ورقَ العنابِ

ترجلْ !

فالأطفال نيامُ والشارعُ يسكنه الخوفُ

وأبي المترحلُ نحو دمشقَ ،

يتقصى أخبارَ الدولة في التلفازْ

والربُّ القابعُ في خزانِ الماءْ

ينضحُ عرقاً ، يتوارى في كل رداءْ

يتصاغرُ في أفواه الصبيةِ ،

يتباكى في كُلِّ سماءْ.

***

يا ورقَ العنابِ ،

مِنْ أينَ سيبدأ هذا التاريخُ

الملفوفُ على أحزمةٍ ناسفةٍ ؟

من وجعي !

أم مِنْ كُتُبِ الأجدادْ !

أم مِنْ حُبٍّ غافٍ فوقَ حروفِ الضادْ !

كان الوقتُ عفيفاً

مكتئباً في الترقينْ.

فاضَ الوقتُ،

وكان الحبُّ ضياءاً

يمنحَهُ الخالقُ للمخلوقْ

ثياباً لا يسكنُها البردُ

مساءاً ، لا يعرفُها غير العاشقِ والمعشوقْ.

***

حجرٌ في الطريقِ المؤدي إلى الربِّ ،

يصغي لوقعَ الخطى ،

يرتدي ما تبقى من الليل ثوباً ،

يفرُّ بجرحِ المسافةِ ،

يفتحُ في الظِّلِّ ذاكرةً ،

تستحمُ ببردِ الضحى ،

حجرٌ في الطريقِ المؤدي إلى الربِّ ،

بيتٌ بظلِّ الفراتْ ،

يسكنُ الموتُ أيامَهُ ، يحتمي بالمتاهاتِ ،

يبكي بكُلِّ الصفاتْ.

والفراتْ ،

كانَ قبل الفراتْ ،

مأتماً قابعاً في الفجيعةِ ،

بيتاً لكُلِّ اللغاتْ.

والفراتْ ،

مسكنٌ للمهاجرِ نحو المطرْ ،

حجرٌ عالقٌ في رمادِ الحجرْ.

***

صار صوتٌ لفريدريش

غابةً للبكاءْ

راقداً في سرير الفجيعةِ ،

شاكياً للطبيعةِ ،

حزنَ هذا المساءْ ،

زارعاً وجهه في المرايا ،

زهرةً ،

تنسجُ الكبرياءْ.

صار صوتٌ لفريدريش

منزلاً للقصيدة ،

يتقرى تجاويفها والشقوقَ ،

جُرحُها في بلاد المتاهات طيفٌ حزينْ ،

صوتُها ،

جسدٌ يلبسُ الدهشةَ ،

في شقوقِ القبور الوديعةِ ، يغفو

على الظِّلِّ حيناً ،

وحيناً يفيقُ بصوتٍ حنين.

***

يا ورقَ العنابِ

ترجلْ !

فالوقتُ ضبابْ ،

وأنا الغَارقُ في الأنساب ،

ضِعْتُ وضَيَّعَنِي الأصحَابْ ،

مذهولٌ بالصمتِ الطالعِ من تاريخٍ ،

يتكدسُ أوراقاً وسرابْ.

وأنا العاشقُ ،

أبحثُ في لغةِ الأحباب ،

عَن ضَوءٍ يأتي ، عَن وَطنٍ يسكنُهُ العُنَّابْ.

فدموعُ العاشقِ جرحٌ للمعشوقِ

تَغفو تَتهامسُ في الدَّهشةِ

يَسكُنها صُبحٌ وغِيابْ.

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (مالك الواسطي) .

ليلة في شتاء بارد

* زينبُ

تحولاتُ العاشقِ في نصٍ مفتوح

بيني وبينك

نطالبُ بحقِ اللجوء لهذا الوطن


ساهم - قرآن ٢