مرثية الوطن الذبيح
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
زهرة دمي في وحشة الصحراء | |
* | |
أفي وحشة الصحراء تركض يا دمـي | وتنساب عطرا من عيوني ومن فمي؟!! |
ليخضـرَّ نخلـي فـي المـدى بأنينـهِ | ويرشفَ دمعي حيـن يجـري كبلسـمِ |
كـأنِّـي قتـيـل لا أحـبَّـةَ حـولـه | يـوارون جثمـانَ الذبيـحِ المتـيـمِ |
وهذي جراحـي صاهـلات، دموعهـا | غمـامُ شتـاء فـي تـلألـؤ أنـجـمِ |
غريـبٌ بـأرض تحتسينـي جراحهـا | كما تحتسي الذكـرى دمـوعَ مخيمـي |
طريـدٌ تسيـل النائـبـات بمقلـتـي | لهيبـا تلظـى فـي أتـونِ تضرمـي |
أذوب فلفح الوجـد يصهـرُ مُهْجَتِـي | وقلبـي تلـوَّى فـي جـراحِ تألُّمـي |
شغوفـا ينـادي أيـن منِّـي أحبَّتـي | بهذي الصحارى بين حزني ومأتمـي؟! |
وفي خافقـي مليـون سـوطٍ وطلقـةٍ | وحقـلٌ مـن الألغـام لمَّـا يـهـدَّمِ!! |
. | |
تشظَّى على الآفـاق وقـع مصائبـي | كمـا تسقـط الأشـلاء بعـد تحـطُّـمِ |
ونـزفُ اجتراحـي حبَّهـا مُتـدفـقٌ | كشـلالِ عطـرٍ فـي ترقـرق بلسـمِ |
وتلـك القبـابُ النائـحـاتُ كأنَّـهـا | طلولٌ تداعت فـوق مجـدي المهـدمِ |
تنوح ودمـع الـذلِّ يـوري نشيجهـا | نثارا من الذكرى، ونهـرا مـن الـدمِ |
فيا رحلة الصحـراء هـزِّي مواجعـي | ولمِّـي نثـاري مـن مواقـد مجثـمِ |
ذُبحـتُ وهـذا يـا بـلادي مـمـزقٌ | غزالـي الجريـح المستحـثُّ ترنمـي |
يـدور حزينـا فـي مرابـع رحلتـي | وينـزفُ مسكـا كلَّمـا قيـل: أقــدمِ |
برتنـي الليالـي فـي أتـون عذابهـا | وقالـت تقهقـرْ لا تـروَّ، وأحـجـمِ |
وآثرْ ضياعـا ليـس تبلـى جراحـهُ | فهـذا زمـانٌ فيـه ليلـى كمَنْـشِـمِ |
وهـوِّنْ فمـا عـادت دمـاءُ جراحنـا | دمـاءً، ولا أضحـتْ مَـرارةَ علـقـمِ |
ففي أي مغنى بعـد تربـك أحتمـي؟! | وفي أي صدر بعـد صـدرك أرتمـي؟ |
ومـن أي مـاء بعـد مائـك أرتـوي | فراتا، وعين القدس تنزف فـي فمـي |
أحـبُّـك لـكـنَّ الـفـؤاد مـمـزق | فضمي جراحي، واغفري لي تلعثمـي |
فإنـي ذبيـح أحتـمـي بحشاشـتـي | وصوتي توارى تحـت سقـفٍ مهـدَّمِ |
ولحنـي غريـبٌ فـي متاهـةِ جوقـةِ | تغنِّـي لـوحـشٍ فـاتـكٍ متسـنـمِ |
وفوقـي ركـامٌ مـن تناثـرِ أضلعـي | وحَولـي نثـاري بيـن ذئـبٍ وأرقـمِ |
صحبت مـن الأحـزان كـلَّ جراحهـا | فيـا دمعـة البِلَّـورِ فـيَّ تضـرمـي |
وصبِّي عذابـي فـي كـؤوس منيتـي | لتحيا الصَّحارى في هشاشـةِ أعظمـي |
أنا الوجـد، والمجـد التليـد حكايتـي | بصفصافتي سـرب الأيائـل يحتمـي |
ولي في المدى مليـارُ نجـم تمزقـت | فيا حسرتي!! في عتمة التيه أرتمـي؟ |
ودرة تاجـي حطَّـم الــذلُّ عـزَّهـا | بمنسـم حقـدٍ، فـي ضـراوةِ مجـرمِ |
فذي القدس تبكي في مصيبـة ذبحهـا | بهاء تولّـى مـن حُشاشـة موسمـي |
وبغداد تذوي، جرحُهَـا نـارُ مرجـلٍ | تلظَّـى، وفـي الأنحـاء هجعـةُ نـوّمِ |
وقلبـي خيـولٌ مـدَّ فارسهـا لـهـا | حبـال الأمانـي فاستطابـت تقدُّمـي |
أفي وحشة الصحراء تهطل يـا دمـي | ليـورق عشبـي فـي رواقِ تجهّـمِ؟! |
أنَا النَّاي، والنارنـج والنَّـار أكتـوي | بعسفِ الصحارى فـي متاهـة قمقـمِ |
فرودي حكايـات السُّـدى بعواصمـي | ولمِّي نثاري يـا عواصـف وانقمـيِ |
فما سال - بعدُ - العزم ُ ملءَ مدائنـي | ولا طابَ ذلُّ القيد – بعدُ - بمعصمـي |
17/9/2007 |