عِندَمَا تذوي شعَاعَاتُ المَغيبْ |
ثمَّ تسوَدُّ وُرُودُ الشفق ِ |
في مروجِ الغَسَقِ |
يَنشرُ الليلُ سُكونَهْ |
وعيونَهْ |
وَيَنامُ الناسُ كلُّ الناسِ فِي حِضنِ المَدينَهْ |
غيرَ إنسَانٍ غريبْ |
سَاهِمِ الطرْفِ كئيبْ |
شاردِ اللبِّ، وفي واحة كفَّيهِ يُقيمْ |
دفترُ الشعرِ الحبيبْ |
• |
فتحَ الشبَّاكَ لليلِ البَهيمْ |
ثمَّ ألقى جسْمَهُ المَهْمُومَ فِي مقعَدِهِ |
فوْقَ كرْسِيٍ مِنَ القشِّ قديمْ |
واضعاً دفتره من يدهِ |
ناظراً نحوَ النجومْ |
• |
رَأسُهُ فِي رَاحَتيهِ |
وَسَحَابَاتُ دُخانٍ صَعَدَتْ مِنْ شفتيهِ |
مَدَّ عَينيهِ إلى الأفقِ الرَّحيبْ |
وَيْحَهُ..! مَاذا يَرَى عَبْرَ الظلامْ..؟ |
كلَّمَا حَدَّقَ هَامْ |
وَمَشَى الهَمُّ إليهِ.. |
وَسَرَى فِي مُقلتيهِ.. |
مَوْكِبُ الحُزْنِ الرَّهيبْ |
• |
ليْسَ فِي صَمْتِ الدُّجَى صَوْتُ نشيدْ |
من قريبٍ أو بعيدْ |
وَهوَ يُصْغِي لِتَراتيلَ حَزينَهْ |
ذِكرَياتٍ ردَّدَتها النَّفسُ كانَتْ في دَياجيها دَفينَهْ |
شاردَ الأفكار والعينين في الأفق المديدْ |
هَذِهِ غرْفتهُ تحْتضِنُ الصَّمْتَ الكئيبْ |
وَسَريراً غاصَ فِي الرُّكنِ القريبْ |
بادياً مختفياً خلفَ الستائرْ |
وَقصَاصَاتِ كتابْ |
خَطَّهُ قبلَ سُوَيْعَاتٍ وَأَعْقابَ سَجَائِرْ |
وَذبَابَاتٍ غفتْ فوْقَ شريطِ الكهْربَاءْ |
قبْلَ أنْ يُزعِجَهَا صَمْتُ المَسَاءْ |
قبلَ أنْ يُدْركهَا حُزْنُ المَسَاءْ |
• |
أيُّها السَّاهِرُ وَالناسُ نيامْ |
حَرَمَ النوْمَ فؤاداً وعيونْ |
وَهُمُ فِي دَعَةٍ مُستسلِمُونْ |
لِلرُّؤى تحْمِلُ آمَالَ الحَيَاةْ |
أيُّها الشَّاربُ ماءَ العَبَراتْ |
وتباريحَ السَّقامْ |
في لياليهِ بأكوابِ المُدامْ |
أيُّها السَّائرُ فِي دَرْبِ الضَّبَابْ |
أيُّها الشَّاعِرُ لِمْ هذا العَذابْ..؟ |
إن في الدنيا زلالاً وفُراتْ..! |
• |
عِندَما ترقصُ أشْبَاحُ الظلامْ |
لفؤادِ المُستهامْ |
عندما تَلبسُ حورُ اللَّيلِ أَثوابَ الحِدادْ |
وَجلابيبَ السّوادْ |
وتحومْ |
فَوقَ كُثبانِ الرَّمادْ |
وحُصَيّاتِ النُّجومْ |
ثمَّ يَمْضِي البَدْرُ، يَعْدو خلفَ قطعانِ الغمَامْ |
بَعْدَ أنْ لمْلمَ مِنْ كُلِّ الشَّبابيكِ شُعَاعَهْ |
يَنشُرُ الليلُ شراعَهْ |
فوقَ أمواجِ السكينَهْ |
وَيَنامُ الناسُ كلُّ الناسِ فِي حضنِ المدينَهْ |
غيْرَ إنسَانٍ غريبْ |
ساهِمِ الطرْفِ كئيبْ |
مدَّ عينيهِ إلى الأفْقِ الرَّحيبْ |
كلمَا حدَّقَ هَامْ |
وَمَشَى الهَمُّ إليْهِ |
عبرَ أسدافِ الظلامْ |
وَسَرَى فِي مُقلتيهِ |
مَوكِبُ الحُزْنِ الرَّهيبْ |
. |
1964 |