فِي هَـدْأَة الليـلِ وَالنَّجْمَـاتُ شـارِدَة |
والغَيـمُ فَـوقَ جَبيـنِ الأُفـقِ مُنتثـرُ |
والجَدْوَلُ الطِّفلُ تُغري الصَّمْتَ ضِحْكَتُهُ |
وَالبَـدرُ رَاحَ عَـلى التَّـلاتِ يَنحـَدِرُ |
ألقى عَلى بَسْـمةِ الأمْـوَاجِ أَشـرِعَةً |
مِـنَ السَّـنى تَنطَوي حيـناً وَتَنكَسِـرُ |
فِـي هَـدْأةِ الليـلِ وَالأزْهـارُ نائِمَـة |
وَعِطرُها مِنْ جُيُـوبِ الرَّوضِ ينتشِـرُ |
وَكلُّ مَنْ فِي الدُّنى أغفى سِـوَى مُقَـلٍ |
قد رشَّ أهدابَهـا من كُحلِـهِ السـهرُ |
.. |
قالتْ لَـهُ وَخَيَـالُ الحُـبِّ يُـلهمُهـا: |
إنَّ الـزَّمَـانَ عَـدُوٌّ غـادِرٌ جَـائِـرْ |
فالقَـلبُ مُـرْتَعِشٌ فِـي خَفقِـهِ أَبَـداً |
وَ كلُّ عِرقٍ بِجِسـمِي خائِـفٌ حَائِـرْ |
.. |
فَهَـلْ صَحـيـحٌ إذا مِـتُّ وَنامَ فـي ثَغـرِيَ الصَّمْـتُ |
سَـيَنبُتُ الحُـبُّ مِـنْ بَعْدِي وَيَنتشِـي الفُـلُّ وَ الرَّيْحَـانْ |
أمْ سَوْفَ يَطوي الهَوَى عَهْدِي يَرميهِ فِي هُـوَّةِ النِّسْـيَانْ..؟ |
.. |
فغنّى بصوتٍ يَضوعُ حَنانـاً وَفِي مُقلتيـهِ دُمُـوعٌ سَخينَهْ |
نشيداً يُذيـبُ فُـؤادَ الدُّجى وَيَملأُ بِالحُـزنِ قَلبَ السَّكينَهْ: |
" لماذا يَعيثُ بِثَغـرِكِ هَـذا السُّؤالُ فتبقينَ دوْمًا حَزينهْ..؟ |
.. |
إذا الدَّهْـرُ فَـرَّقَ أغصَانَنا وَ أضْحَيْتِ طيَّ جُفونِيَ حُلمَا |
سَـيَبْقى هَـوَاكِ يَرِفُّ بِقَلبي وَأَبقى أُلاقيـكِ طَيفاً وَ وَهْمَا |
إلى أنْ يُقرِّبَني المَـوْتُ يَوْمَا وَأَقضِي بِحُبِّيَ حُزنـاً وَغَمَّا |
.. |
فإنْ أنعشَ الحُبُّ روحِيَ قبْلاً سيُذوي الفِرَاقُ رَبيعَ الشَّبَابْ |
خُلِقنا حَبيبَيْـنِ بَيْـنَ الوَرَى وَ نَبقى حَبيبَيْنِ تَحتَ التُّرابْ |
و َيَغدُو هَوَانا حكايـا تُعـادُ وَإنْ لمْ يَعُدْ للعُهُـودِ إيـابْ |
.. |
فإنْ شَدَتْ بَعْدَنا طيُورٌ وَفتـَّحَ الفُلُّ وَ الرَّيْحَانْ |
فليْسَ ذاكَ سِوَى هَوَانَا يَعُودُ فِي خاطِرِ الزَّمَانْ " |
.. |
1961 |