لمْ أكنْ أعلمُ أنَّ البَدْرَ عاشِقْ |
ولهُ فِي صَدْرهِ سِرٌ وَخافِقْ |
قبلَ إحْدَى الأمْسِيَاتْ |
حِينما زرْتُ البُحَيْرَهْ |
|
كنتُ أمضِي كالفراشاتِ عَلى غيرِ هُدَى |
حَامِلا حُزنا بهِ القلبُ شَدَا |
تتبارى في خيالي الهاجساتْ |
رائحاتٍ غادياتْ |
ملأت فكريَ حيرَهْ |
كلُّ ما حَولِي سُكونْ |
يملأ القلبَ شجونْ |
غيرَ ضِحْكاتِ الينابيعِ الصَّغِيرَهْ |
وَنَقيقٍ يوقِظُ النَّفسَ الشَّرودْ |
وَحَفيفٍ مِنْ بعيدْ |
حَمَلتهُ نَسَمَاتٌ عَابرَاتْ |
جائلاتْ |
مَعَ أطيابِ الوُرودْ |
|
وَأَطَلَّ البَدْرُ نَحوي سابحاً فوقَ التخومْ |
وغلالاتِ الغيومْ |
أحْمَرَ الوَجْناتِ مَحْزوناً بَدَا |
يَسْفحُ النورَ على مَرْجِ المَدَى |
مازجاً زرقتهُ بالزعفرانِ |
وَبِعَينَيهِ اكتِئابٌ وَوُجُومْ |
لم يكن يبسمُ لي مما شجاني..! |
كانَ يَرنو بعيونٍ هائمهْ |
مِنْ شَبابيكِ الغُصُونِ النائِمَهْ |
كانَ يُصْغِي لِحَكايَا ناعِمَهْ |
ترسمُ البَسْمَةَ فِي المَاءِ المُمَوَّجْ |
كانَ يَبْكي فوق أزهار البنفسجْ |
لمْ أكنْ أعلمُ أنَّ البَدْرَ يَبْكي أو يَهيمْ..! |
قبلَ أنْ ألمَسَ دَمْعَهْ |
كانَ يَبكي بدُمُوعٍ تتوَهَّجْ |
أطلقَ الناسُ عليها اسْمَ النَّدَى |
سَقطتْ فوْقَ جَبينِي مِنهُ دَمْعَهْ |
لمْ أكنْ أعلمُ أنَّ البَدْرَ عَاشِقْ..! |
وَ لهُ في صَدْرِهِ سِرٌّ وَخافقْ..! |
قبلَ إحْدَى الأمْسِيَاتْ |
حينما زرْتُ البُحَيْرَهْ |
. |
1960 |