النفس الضـائعة
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أئنّـي أنا ؟ أم ذاك رمزٌ لغابرِ | لأنكرتُ من نفسي أخصّ شعائري ! |
لأنكرتُ إحساسي وأنكرتُ منزعي | وأنكرتُ آمالي ، وشتّى خواطري |
وأنكرتُ شعري : وهو نفسي بريئةٌ | ممحضة من كل خلطٍ مخامرِ |
وتفصلني عما مضى من مشاعري | عهـود وآباد طوال الدياجرِ ! |
وأحسبها ذكرى ، ولكنّ بُعدها | يخيل لي : أن لم تمر بخاطري ! |
*** | |
أنقبُ عن ماضيّ بين سرائري | فألمحهُ كالوهمِ ، أو طيف عابرِ |
أعيشُ بلا ماضٍ كأنيَ نبتةٌ | على السطح تطفو في مهب الأعاصر |
وما غابرُ الإنسان إلا جذورهُ | فهل تمّ نبتٌ دون جذرٍ مؤازر ؟ |
وقد يتعزّى المرء عن فقد قابلِ | فكيف عزاء المرء عن فقد غابرِ ؟ |
*** | |
أنقب عن نفسي التي قد فقدتها | بنفسي التي أحيا بها غير شاعرِ ! |
وأطلبها في الروض إذ كان همها | تأمله يفضي بتلك الأزاهر |
وفي الليل إذ يغشى ، وكانت إذا غفا | تيقّظ فيها كل غاف و سادر ! |
وفي الليلة القمراء إذ تهمس الرؤى | وتومئ للأرواح إيماء ساحرِ |
وفي الفجر والأنداء يقطرن والشذى | يفوح ، ويشجى سمعَهُ لحن طائر |
وفي الحب إذ كانت شواظا وحرقة | ومهبط آمال ومطمح ثائر |
وفي النكبة النكباءُ والغبطة التي | تجود بها الأقدار جود المحاذرِ |
ولكنني أيئستُ أن ألتقي بها | وتاهت بواد غامر التيهِ غائر |
سأحيا إذن كالطيف ليست تحسه | يدان ولا يجلوهُ ضـوء لناظرِ ! |
* | |
1934 |