أرشيف الشعر العربي

الشعاع الخابي

الشعاع الخابي

مدة قراءة القصيدة : دقيقتان .

لاحَ لي من جانب الأفق شعاع

بينما أخبطُ في داجي الظلام

في صحارى اليأس أسرى في ارتياع

حيث تبدو موحشات كالرجام

،

حيثُ يسري الهول فيها واجما

ويطوف الرعب فيها حائما

والفناء المحض يبدو جاثما

،

وترى الأشباح في رأس التلاع

كالسعالى ، أو كأشباح الحمام

فاغرات تتشهّى الابتــلاع

تنهش اللحمَ ، وتفري في العظام

***

فتلفّتّ على الضـوء يلوح

مثلما تلمعُ عينُ الساهرِ

أو كما تهمس في الأجداث روح

أو كمعنى شاردٍ في الخاطرِ

،

قد تلفتّ بقلب مستطار

شفّه الذعر وأضناه العثار

طالما رجّى تباشير النهار

،

ثم أزمعتُ إلى الأفق الصبوح

أرتجي فيهِ أمـان الحائرِ

أصعد الرابي وأهوى في السفوح

وكأني طيف جنّ نافر

***

ثم ماذا ؟ ثم قد ساد الحلك !

فجأة والقبس الهادي خبا

ثم أحسست بدقات الفلك

لاهثات تتراخى تعبا !

،

رجفةُ الخائف أضناهُ العياء

وهو يعدو لاهثاً عدو الطلاء

قبلما يلحقها غول الفناء

،

وإذا قلبي خفوق منتهك

ليس يدري لخلاص سببا

حولهُ الظلمةُ في أيّ سلك

حيث ينسى الهاربون الهربا

***

قلتُ ماذا ؟ قال لي رجع الصدى

إيه ماذا ؟! قلتُ للوهم علاما !

قال لي اخشع أنت في وادي الردى

حيث يطوى الضـوء طرا والظلاما!

،

ها هنا تثوي الأماني ، ها هنا

في مهاوي اليأس في كهف الفنا

كل شيء هالك ، حتى أنا !

،

ثم ضاع الصوت يفنى بددا

وتلاشى تاركا منه التماما

وإذا بي عدت أسري مفرداً

لا أرى شيئاً ، ولا أدري إلاما ؟!

*

1932

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (سيد قطب) .

خبيئةُ نفسي

النفس الضـائعة

التجارب

الغد المجهول

إلى الشـاطئ المجهول


مشكاة أسفل ١