يصيخُ للنبأة ِ أسماعهُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يصيخُ للنبأة ِ أسماعهُ | إصاخَة َ النّاشِدِ للمُنْشِدِ |
و تمتْ إلى أجوازها وتقلقلتْ | قلائدُ في أعناقها لم تقضبِ |
فلـماً فنى ما في الكَنائِنِ ضَارَبُوا | ووازَنَّ من شَرقِي سَلمَى بِمَنْكِبِ |
كأنَّ على أعطافهَ ثوبَ مائح | وإن يُلقَ كَلبٌ بين لِحْيَيْه يَذْهَبِ |
أَنَخْنَا فَسُمْنَاهَا النّطافَ فَشَارِبٌ | قَليلاً وآبٍ صَدَّ عن كُلِّ مَشْرَبِ |
إذا انْصَرَفَـتْ من عَنَّة ٍ بَعْدَ عَنَّة ٍ | وَ جرسٌ على آثارها كالمؤلبِ |
كأن سَدَى قُطْنِ النَّوادِف خَلفَهـا | إذا اسْتَودَعَتْهُ كُلَّ قَـاعٍ ، ومِذْنَبِ |
وَفِينا تَرى الطُّوْلَى وكُلَّ سَمَيْدَعِ | يُرَادَى به مَرْقَاة ُ جِذْعِ مُشَذَّبِ |
إذا هَبَطَـتْ سَهْلاً كأنَّ غُبَـارَه | بجانبه الأقصى دواخنُ تنضبِ |
تصانعُ أيديها السريحَ كأنها | كلابُ جميعٍ غرة َ الصيفِ مهربِ |
كَأنَّ رِعَالَ الخَيْلِ لـمَّا تَبَدّدَتْ | بَوَادِي جَرَادِ الهَبْوَة المُتَصَوَّبِ |
و شدَّ العضاريطُ الرحالَ وأسلمتْ | إلى كُلِّ مِغْوَارِ الضُحَى مُتَلَّببِ |
وَهَصْنَ الحَصَى ، حتَّى كأَنَّ رُضَاضَة َ | ذُرَى بَرَدٍ من وَابِلٍ مَتحلِّبُ |
إذا انقلبَتْ أدتْ وُجُوْهاً كريمة ً | مُحَّببـة ً ، أدَّيْـنَ كُلَّ مُحَّبـبِ |
فلمْ يرها الراوون إلاَّ فجاءة ً | بِوَادٍ تُناصِيـه العِضَاهُ مُصَوَّبِ |
يُبَـادِرْنَ بِالفُـرْسَانِ كُلَّ ثَنِيَّـة ِ | جنوحاً كفراط القطا المتسربِ |
ضوابعُ تنوي بيضة َ الحيَّ بعدما | أذَاعَتْ بِريْعَانِ السَّوَامِ المَعزَّبِ |
خدتْ حولَ أطنابِ البيوتِ وسوفتْ | مراداً وإن تقرعْ عصا الحربِ تركبِ |
و عارضتها رهواً على متتابعٍ | شَدِيدِ القُصَيْرَى خَارِجِـيٍّ مًحَنَّبِ |
رَأى مُجْتَنُو الكُرَّاثِ من رَمْلِ عَالِجٍ | رِعَالاً مَطَتْ من أَهْلِ سَرْحٍ وتنضُبِ |
كأن على أعرافهِ ولجامه | سنا ضرمٍ من عرفجٍ متلهبِ |
فألوتْ بغاياهمْ بنا ، وتباشرتْ | إلى عرضِ جيشِ غيرَ أن لم يكتبِ |
فقالوا ألا ما هؤلاءِ وقد بَدَتْ | سوابقها في ساطع منتصبِ |
فقال بَصيرٌ يَسْتَبينُ رَعالَها : | همُ والإلهِ منْ تخافين فاذهبي |
على كلَّ منشقًّ نساها طمرة | و منجردٍ كأنهُ تيسُ حلبِ |
يذدنَ ذيادَ الخامساتِ وقد بدا | ثرى الماءِ من أعطافها المتحلبِ |
وقِيلَ : اقدَمِي واقدَمْ وأخِّ واخِّرِي | و هلْ وهلاَ واضرخْ وقادعها هبِ |
فما بَرِحُوا حتَّى رأوا في دِيَارِهم | لِـواءً كَظِلِّ الطَّائِـرِ المُتَقَلِّبِ |
رَمَتْ عن قِسِيِّ الماسخِيِّ رِجَالُنَا | بأجْوَدَ ما يُبْتَاعُ من نَبْل يَثْرِب |
كأنَّ عَراقيـبَ القَطَا أُطُـرٌ لها | حَدِيثٌ نواحِها بَوَقْـعٍ وصُلَّبِ |