أرشيف الشعر العربي

أسئلةٌ .. على مَشاجبِ الصّمتْ

أسئلةٌ .. على مَشاجبِ الصّمتْ

مدة قراءة القصيدة : 5 دقائق .

حَــذِراً سأدخُلُ

لا تسلني كيف حقّقتُ التّـواصلَ

والدُّروبُ على اخْتِــلافْ

إذْ ليسَ عنديَ

غيرَ ما بيّــنتُهُ سلَفاً

مُعــيداً دورةَ التّاريخِ

عكسَ دميْ

لعلّيَ – مُحرجاً –

اسْـــطيعُ إنكار التّشتّتِ

و الخِـــلافْ

أوْ ربّما اسْـــطيعُ إثباتَ التّوحّدِ

في التّجزّئِ

مُبصراً جُرْحاً

تنكّرَ بُرْؤُهُ لبلائِهِ دوماً

و عافْ

قدّمتُ ما قد شمتَهُ

مَندوحةً لكَ من سكوتِ الحرفِ

حين تجفُّ أقلامٌ

و تُـطوى على حزنٍ ..صِـحافْ

كُلُّ الّـذى قد قلتُـهُ ..

مــوجٌ

تـعصّى أن يظـلَّ على هـدوءٍ

حين تقلقهُ الضّــفافْ

حرفٌ سيدخُلُ بيتَهُ

حزناً سيُخرجُ شعرهُ

فلمَ انتظارُ العُـــهْرِ

من بابِ العفافْ

كُلُّ القصائدِ في دمي

نظرتْ مقامكَ

مُحزنٌ ذهبُ الّـذي

خصّ العيونَ بريقُها

والكفَّ علّمها الكفافْ

فاستيقنتْ

أنْ ليسَ فيها للغناءِ مــآربٌ

حلّتْ إزارَ الصّمتِ

قصداً

يا لها

وتعلّمتْ لغةَ الهُتافْ

فافتح لها يا قلبُ درباً

ربّما أبهظتها حبّــاً كريماً

حين لامستِ الشغافْ

فتحدّرتْ

دمعاً بدائياً يُقالُ

أهكذا رسمتْ دموعُكَ

خرطةَ الأشياءِ

واستلفتْ عيونَكَ للمطافْ

* * *

مسكينةٌ هذى العُيونُ

إذِ الدُّخـــانُ يصيبُها

فتسائلُ القطنَ

المُبلّلَ بالرُّعـــافْ

عن كيف يحتملُ الدُّمـــوعَ

تغيّرتْ أشكالُ هندسةِ الدُّمــوعِ

دماً تخــثّرَ

حين رتّــلـنا .. إيلافْ

من كُلِّ بابٍ

يُستفــزُّ رتاجُهُ

شأنَ السّلاسلِ

كيف جــزنا ؟

لست أعلمُ

بيد أنّ البابَ .. خافْ

إذْ كيف ما صنعوا لنا بيتاً

من النّــزقِ المقيتِ

و بيتُ من ..

هذا اليطوفُ

و لا يُطافْ ؟

قلْ لىْ

- أبيتَ اللّعنَ –

حشوُ سؤالنا لغةٌ من الأضْــدّادِ

و البوحُ ائتلافْ

من أيّ بابٍ قد نجوزُ الآنَ

محضُ تشكّلٍ

فأئمّة الوضعِ الجديدِ

على خـــلافْ

* * *

دعني ..

فما هيّئْتُ صوتيَ

كىْ أباشرَ أغنياتٍ

صاحَ فيها الشعرُ بخساً

و ارتجافْ

قد كنتُ أرتقُ في قميصِ الصّدقِ

كى ألقــيـهِ

في وجهِ من باعوا هواناً للضّعافْ

هلْ يبصرون حقيقةً

مخذولةٌ كُلُّ البصائرِ

إنْ طمسنَ هويةً لبصيرةً

عرفتْ فنونَ الصّدقِ

و القولِ الجُــزَافْ

* * *

أنا خارجٌ من كونِهمْ

في ذاتِ لحظةِ

أنْ يضيقَ القــبرُ بالأكـــفانِ

يُعلنُ موتنا في الصمتِ

من فرطِ الهزالْ

أوَ لمْ يحنْ بَـعْدُ الحديثُ

عنِ الفجيعةِ في السّلامِ

يُظــلُّهُ خورُ المَـــــآلْ ..؟

أوَ لمْ يكنْ في دمْعِها

ما يستُــرُ السّوءاتِ

يكشفُ ما توارى

أوْ تنامى

في دهاليزِ التّماحُكِ ..

و الجدالْ ..؟

أمْ هكذا ..

تنمو المواقفُ في اعــوجاجٍ

ثُــمّ نجلسُ للتباحثِ

في استقاماتِ الظّـــلالْ

أوَ لمْ يعُدْ ما يُحرجُ الأطفالَ

حين حجارةُ الغضبِ المُــقدّسِ

تستحيلُ متاحفاً للعرضِ

سلْــماً

لا صِــراعَ

و لا قتالْ ..؟

* * *

علّقْ سؤالكَ

في مشاجبِ صمتهمْ

ثُــمّ انتظرْ .. صمتاً

يكرّسُ للفجيعةِ في المُحالْ

فالصّمتُ أنتَ خبرتَهُ

ظلُّ ارتكازِ الغيرِ صحواً

حينَ يُحرجُهُ السّؤالْ

قد كان مرهوناً

لفكرةِ ضــدّنا

كيف استحالَ إلى التّشابُهِ

في المثالْ !!

زدهمْ مقاماً

في بشاشةِ حزننا

فرداً

تقاومُ أن تكون من الرّجالْ

هــدفٌ لخطوكَ

خرطةٌ بحدودها

تمتــــدُّ

أبعدَ من مصبّاتِ التّساومِ

هكذا ..

تبدو قريباً

في تفاصيلِ النّضالْ

تمشى ..

بغيرِ خطاكَ

ترجعُ

هكذا ..

تعبتْ صواكَ من التّلفّتِ

و الإشارةِ

أدركتْ قدماكَ

أنّ البعضَ

تلْبَسُهُ النّـــــعالْ

مملكةُ حروفِ العـــلّةْ

خُـــذْ من شخصِكَ

شخصــــاً

و افرضْ أنّكَ ..

حرفٌ مَا

سينٌ ..

شينٌ

صادٌ ..

خُـــذْ ما شئتَ

- بغيرِ حروفِ العـــلّةِ -

حرفَ هجـــاءْ

أُدخلتَ لزمنٍ

كانت فيهِ حروفُ العلّةِ

- فرضاً -

تحكُــمُ

تمنحُ لقمَ العيشِ

و جرعَ الماءْ

فقيلَ ..

و للمفرُوضِ عليهم

بذلُ الطّـــاعةِ

كلُّ السّـــذجِ

و الدّهــــماءْ

( كونوا صــــــفّاً .. )

كنّا صــفّـاً

صارَ بطولِ الوهــمِ

سرابٌ للبُسطاءْ

ها نحنُ الآن ..

بصفِّ الخبزِ

بأمرِ اليـــــاءْ

طـــالْ الوقتُ

فقالَ الضّـــادُ

و كان جريئاً جـــدّاً

( كيف نُحكّــمُ فينا حرفَ العلّةِ

حرفُ العلّةِ كالحرباءْ .. )

نظرَ إليهِ الألفُ مليّــاً

بصقَ بحقدٍ

مسحَ الذّقنَ

و رفعَ الأنفَ

وقالَ بإستعـــلاءْ :

( طابـــورٌ خامسْ ..

يا جبناءْ

يا ضادُ ..

ألستَ من المدفُوعِ إليهم

و الأجراءْ

بعتمْ شرفَ الكلمةِ

صرتم تبعاً

للدُّخــــلاءْ ! )

سكتَ الـ(كُلُّ) لزمنٍ

جاوزَ عُرفَ المُمكنِ

خطَّ الصّـــدقِ

و لامسَ عريَ الأزمةِ

و المأساةْ

من بينِ ثنايا الرّهــبةِ

طفقَ السّــينُ يحاورُ واواً

فرضَ لفرضِ الأمنِ

و عــدِّ النَّفَسِ ..

المرسلِ في الصُّـــعداءْ

( ألستَ

و لمّــا كانَ العدلُ

بحالةِ نصبٍ

قمتْ بلبسِ قناعِ الياءِ

بدونِ حيـــاءْ )

نظرَ إليهِ الواوُ ..

بطرفٍ نعسٍ

غازلَ بالألوانِ الخـــدَّ

جهاراً

هــزّ الذّيلَ

وقالَ بغــنجٍ :

( محضُ هــــراءْ ! )

صرخَ الياءُ

وأرغي

زبــداً ..

ناراً ..

حقــداً ..

شــرراً

( إنّــا ..

نحكمُ رغمَ الأنفِ

و نسحلُ حــدَّ الحتفِ

أيا جبـــناءْ

نزرعُ هـــلعاً ..

نبني سجـــــناً ..

نهتــــكُ عرضـــاً ..

نطمسُ كل ضيـــاءْ ! )

و أمرَ الألفَ

بســنِّ النّصلِ

ورفــعِ السّــــوطِ

و نصبِ مشانقَ للشُّـــــرفاءْ

قالَ السّـــينُ

و فتئ يحاورُ

( حتـــــماً سوف …. )

و لمّــــا يكملُ

جاءَ الـــردُّ

هُتـــافاً

داوٍ

يَصرخُ :

( لا ) !!

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (الطيب برير يوسف) .


مشكاة أسفل ١