كأنكِ أقفرتِ كي تمنحي ماء جرحي الحياة: |
"فخبي دموعَكِ |
و امتهني البسم إن عصفت بك ذكرى |
و قولي لجرحِكِ: |
إن ارتعاش الحقيقة بين جفون المنايا سرابٌ |
و إن التحام السراب بعود الحياةِ |
يؤوب إذا طرف الدهر لحظتها" |
... |
رأيتُكِ حين ابتدينا |
كريشة سحر.. |
تخط على لوحة الفجر إشراقها كل صبحٍ |
و تسرد بين روابي المساء حكايا الجدودِ |
عن "الإنجليز" .. "عرابي" .. "الخديوي" |
و جدي الكبير الذي مات شهما.. |
و تطبع طابع حب على وجنتي |
فأسافر للنوم.. |
ثم أؤوب على طابعٍ للحياة جديدٍ |
رأيتُكِ حين ابتدينا |
تبطن كف المنون تجاعيد وجهكِ |
يتلو الزمان على ضفتيها عصا البحرِ |
تزداد فرقًا كطودٍ عظيمٍ |
... |
رأيتُكِ حين انتهينا |
- و قد تُرِكَ البحر رهوًا- |
تَبَسَّمُ في مرج وجهكِ |
غابات شوق.. أسى.. سأمِ |
أم حنين تكبدتِ أعوامَه الغابراتِ؟ |
و حين انتهينا إلى لحظة الحسمِ |
كان القضاء يخبئ مقصلتَيْنِ |
و محكمة الموت تلفظ حكم الفراقِ |
و حين خبا أملٌ في اللقاءِ |
عزفتُ على كبوة الذكريات مرارة جرحي |
تعانقت الروح في جوف عودي |
بروح كمنجات وردٍ |
توضأ من ساحة منكِ أضْحَتْ ثرى |
هل طواك الحنين إلى عالم الروحِ؟ |
أم أرغمتكِ السنون انتعال حياة القذى؟ |
أخبريني.. |
فقد ضاقت الأرض ما رحبتْ |
هل وجدته.. |
ما وعد الله حقًّا؟ |
... |
و حينَ أطل بوجه السلام على شفتيكِ |
أسافر للنوم.. ثم أؤوب |
أقول سيرجع طابعها يصقل القلبَ |
يحفر فِيَّ هويتيَ المستباحةَ مثل معاقل فكري |
يمر المساءُ.. |
أسافر للنومِ |
لم أزرِ "الإنجليز" .. "عرابي" .. "الخديوي" |
و جدي الكبيرَ الذي مات شهمًا.. |
و أهرب منكِ |
تحاصرني وحشة الكون دونكِ |
رسمك فوق ملامح أمي |
و في لون عيني |
أناديك في الأفق المرمري بساحة دارك |
أسمع صوتك، يلسعني الشوق.. كنتِ تنادينني "مَرْمَرًا" |
فأقول: الرخام! |
تقولين: عندي هو المرمر الساحلي بضفة عينيكِ. |
أهذي: |
"أمن أمِّ أوفى" ؟؟ |
و منكِ المُجيب بألا جوابٍ |
بألا جوابٍ |
بحومانةٍ أو بوجه إياب |
و طب الخديعة يحترف العجزَ عند الرجاء.. |
أعيركِ دهري و عمري |
فرديه لي نظرةً إن لقيتُكِ |
في سرمدية بوحي إلى الليل حين يؤوب |
يخر الوجود إلى ربهم سجدًا |
و أؤوب.. |
إلى معقل الروح |
حين يرتقها برد ذكرى |
فأصفَرُّ مثلك.. |
حين تظل المشاعر ذكرى!! |
أؤوب إليَّ |
لأبصر أني أؤوب إليك |
________ |
13 نوفمبر 2006م |