أنت الطريق..
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا فـارسَ الوطـن المَسْـلوب مَعْذِرَةً | حان الوَداع و عـاد الدَّمْعُ يعْتَذِرُ |
قد لا تَخُـطُّ يَدي شَيـْئًا أَكُـفُّ بهِ | عنكم زُؤامَ الرَّدى إن شاءَه القَدَرُ |
رأيـت ثغـرَكَ وَضّـاءً يغـالِبُـهُ | وَهْجُ الحنين،ِ و برْقُ العُمْرِ ينحَدِرُ |
و حـولك النّاس لا تـدري لأيِّ أَبٍ | تشكو و قد أضْرَمَتْ ألْبابَها الصُّوَرُ |
رأيت وجهَـك و الأسقـام تَلُفَعُـهُ | و الجسم راقَ على جَنْباته العُـمُرُ |
و العـينُ ذابِلَـةٌ و الشَّـوْقُ يحمِلُها | و الجَفْنُ راعِشَةٌ في شفْرِهِ العِـبَرُ |
ماذا دهـاكَ؟ يطير القـلب يَلْثُـمُها | قبلَ الرَّحيـل، و أضْنى عينَه النَّظَرُ |
و جـال بين روابـيها يعـانـقُـها | و اشْتَد َ يذرُفُ أشـواقًا و يَعْتَصِرُ |
ماذا دهـاك؟ لمـاذا جئـت تنظرها؟ | لمّا طـواكَ على ديـوانه الـسَّفَرُ |
ألن تعـود؟أَتَقْـوى أن تُفـارِقَـها؟ | رقْـراقَةً في جراح العُرْبِ تُحْتَضَرُ |
ألن تعود؟و عين القـدس راعـفـةٌ؟ | و كيف ترحلُ؟ من للقدسِ ينتَصِرُ؟ |
ألن تعـود؟ صلاة العـيد جـامِعَةٌ | في صخرة القدس، ذاكَ الجمعُ ينتَظِرُ |
كَـذَّبْت إحسـاسًا بالبَـيْنِ راوَدَني | حتّى تَيَقَّـنَ منه السَّمْعُ و البَصَرُ |
حتى رأيـتك دمـعًا في العيـون بها | تنعـاك أفئِدَةٌ، تُكْوى و تعتـصرُ |
قـد كنت بحرًا تعالت فيه أشْـرِعَتي | وكنت صبري إذا ما ضاقَ بي الصَّبَرُ |
و كنتَ لي ثـورَةً و الحَـقُّ يوقـِدُها | فأنت عزمي، و أنت النّارُ و الشَّرَرُ |
قُمْ و انْزَعِ اليَـأْسَ من عينَيَّ و ارْمِ بِهِ | عنّي فإنَّ شِـراع الحـُلْمِ ينكَسِرُ |
قم و ارْدَعِ الظُّـلْمَ أن يطـغى بعُصْبَتِهِ | جَحافِـلُ البَغْيِ لا تُبْقي و لا تَذَرُ |
فمجلـِسُ الأمن ِ أشْبـاحٌ تعـاوِرُنا | و مجمعُ العُرْبِ أبْواقٌ لما قَـدَروا |
قم و انْهَ عنّا، جُموعُ الكونِ قد نَشَبَتْ | أظْفارَها، و ارْعَوى عن نصرنا البَشَرُ |
ماذا أقول؟ خيـولُ الـكفـرِ ثائِرَةٌ | و عادَتِ الرّوم و الأحْزابُ و التَّتَرُ |
و الحربُ تزأرُ في الأقصى تُضَعْضِعُهُ | و حوله البغيُ و الإرهـابُ يَنفجِرُ |
عُـدْ و انْهَ عـنّا، فإنَّ المسلمين غُثا | و خيْبَرٌ ما بَقى من مجْـدِها أَثـَرُ |
و الكون يزحَفُ و الهَوْجـاءُ تتبَعُهُ | والعُرْبُ رانَ على أسيافها العَكَرُ!! |
جَحـافِلٌ أقبَلَتْ و الكفرُ وَحَّـدَها | فَمَن بِرَبِّكَ يا إسْـلامُ يـنتَـصِرُ؟ |
فالخَيْلُ واللَّيْلُ والبَيْـداءُ قـافِيَةٌ | والسَّيْفُ و الرُّمْحُ في أشعارهم صُوَرُ |
يا فارِسَ العُرْبِ ما نامـت رجولتُنا | يومًا و لا فَتـَرَ الإيمـانُ و الشَّرَرُ |
لكِنَّـها شُـرِيَتْ و الذُّلُّ أثْمَـنَها | من بعدما افتَرَشَتْ ألحادَها الضَّمَرُ |
يا فارس العُرْبِ أخبِرْني بأيِّ رُؤىً | تمضي سفينَتُنا، والـموج ُ يَسْتَعِرُ |
و كيف أعـزف أحـزاني و أغنيتي | و قد تَكَسَّرَ بعدي العودُ و الوَتَرُ؟ |
يا فارس الوطن المسلوب طِبْتَ لَنا | و عاد رَمْسُكَ يَحْدوهُ الصَّبا العَطِرُ |
أنت الطَّريقُ سَتبقى في دمي أَمـلاً | و في الفُـؤادِ رَحيـلاً هَدَّه السَّفَرُ |
أنتَ الطريق إلى الأقصى سنقطَعُها | إن طالت الأرض و الأزمان و العُمُرُ |