صُروفُ المنايا ليسَ يُودى قَتيلها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
صُروفُ المنايا ليسَ يُودى قَتيلها | ودارُ الرَّزايا لا يَصِحُّ عَلِيلُها |
مُنِيتُ بِها مُسْتَكْرهاً فکجْتَوَيْتُها | كما يجتَوِي دارَ الهوانِ نزيلُها |
يُشهِّي إليَّ الموتَ عِلْمِي بأمْرِها | ورُبَّ حَياة ٍ لا يَسُرُّكَ طُولُها |
وأكْدَرُ ما كانَتْ حياة ُ نُفُوسِها | إذا ما صَفَتْ أذهانُها وعُقُولُها |
ومَنْ ذا الذي يحْلُو لهُ العَيشُ بعدَما | رَأتْ كُلُّ نَفْسٍ أنَّ هذا سَبِيلُها |
أَقِمْ مأْتَماً قد أُثْكِلَ الفضْلُ أهْلَهُ | وبَكّ المعالِي قدْ أجدَّ رحِيلُها |
إذا أنْتَ كَلَّفْتَ المَدامِعَ حَمْلَ ما | عَناكَ مِنَ الأحْزانِ خَفَّ ثَقِيلُها |
ويَا باكِيَ العَلْياءِ دُونَكَ عَبْرَة ً | ملِيّاً بإسْعادِ الخليلِ هُمُولها |
وَمُهْجَة َ مَخْزُونٍ تَخَوَّنَها الضَّنا | فلَمْ يَبْقَ إلاّ وجْدُها وغَليلُها |
ألا بِکلتُّقى وَکلصَّالِحاتِ مُفَارِقٌ | طَوِيلٌ عَلَيْهِ بَثُّها وَعَوِيلُها |
أصابَ الرَّدى نَفْساً عزِيزاً مُصابُها | كَرِيماً سَجاياها قَلِيلاً شُكُولُها |
فأقْسَمْتُ ما رامَتْ منيعَ حجابِها الـ | ـمَنُونُ وَفِي غَيرِ الكِرامِ ذُحُولُها |
وما زالَ ثَأْوُ الدَّهْرِ عندَ معاشِرٍ | يَشِيمُ النَّدى أيْمانَهُمْ وَيُخِيلُها |
فمَنْ يَكُ مدفُوعاً عنِ المجْدِ قوْمُهُ | فإنَّ قَبيلَ المكْرُماتِ قَبيلُها |
ومَنْ يَكُ مَنْسِيَّ الفِعالِ فإنَّهُ | مَدى الدَّهْرِ بالذِّكْرِ الجَمِيلِ كَفِيلُها |
يطيبُ بقدْرِ الفائِحاتِ نَسيمُها | وتزْكُوا الفُرُوعُ الطَّيباتُ أُصُولُها |
سَحابَة ُ برٍ آنَ مِنْها انْقِشاعُها | وأيْكَة ُ مجدٍ حانَ منها ذُبُولُها |
أوَدُّ لَها سُقْيا الغَمامِ ولَوْ أشا | إذاً كَشَفَتْ صَوْبَ الغَمامِ سُيُولُها |
وَكَيْفَ أُحَيِّي ساكِنَ الخُلْدِ بالحَيا | وَما ذُخِرَتْ إلاّ لَهُ سَلْسَبِيلُها |
سيَشْرُفُ في دارِ الحِسابِ مقامُها | وَيَبْرُدُ فِي ظِلِّ الجِنانِ مَقِيلُها |
نَلُوذُ بأَسْبابِ العزاءِ وإنَّهُ | لَيَقْبُحُ فِي حُكْمِ الوَفاءِ جَمِيلُها |
وهَلْ يَنْفَعُ المَرْزِيَّ أنْ طالَ عتْبُهُ | عَلَى الدهَّرِ والأيَّامُ صَعْبٌ ذَلُولُها |
فَلا يَثْلِمَنَّ الحُزْنُ قَلْبَكَ بَعْدَها | فَقِدْماً أبادَ المُرْهَفاتِ فُلُولُها |
وماذا الذي يأْتِي بهِ لكَ قائِلٌ | وَأنْتَ قَؤُولُ المَكْرُماتِ فَعُولُها |
إذا ابْنُ عليٍّ رامَ يوماً بحزْمِهِ | لِقاءَ خُطُوبِ الدَّهْرِ دَقَّ جَلِيلُها |
وَما زِلْتَ مَمْلُوءًا مِنَ الهِمَمِ الَّتِي | تُقَصِّرُ أيّامَ الرَّدى وتُطِيلُها |
يَنالُ مَدى المَجْدِ البَعِيدِ رَذِيُّها | ويَقْطَعُ في حَدِّ الزَِّمانِ كَليلُها |
فقدْتَ فلمْ تَفْقَدْ عزاكَ وإنَّما | يُضَيِّعُ مَأثُورَ الأُمورِ جَهُولُها |
عَلى أنَّ مَنْ فارَقْتَ بالأمْسِ لا تَفِي | بِحَقٍّ لَهُ أغْزارُ دَمْعٍ تُسِيلُها |
وَمَا عُذْرُها أنْ لا يَشُقَّ مُصابُها | عَلى الدِّينِ وَکلدُّنْيا وَأنْتَ سَلِيلُها |