أرى العلياءَ واضحة َ السبيلِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أرى العلياءَ واضحة َ السبيلِ | فما للغُرِّ سالِمَة َ الحُجُولِ |
إلى كَمْ يَقْتَضِيكَ المَجْدُ دَيْناً | تحيلُ بهِ على القدِر المَطُولِ |
وأيُّ فتًى تَمرَّسَ بِالمَعالِي | فلم يهجمْ على خطرٍ مهولِ |
وإنَّ عِناقَ حَرِّ المَوْتِ أوْلَى | بِذِي الإمْلاقِ مِنْ برْدِ الْمَقِيلِ |
وما كانتْ مُنى ً بعدتْ لتغلُو | بطولِ مشقَّة ِ السيرِ الطَّويلِ |
فكيفَ تخيمُ والآمالُ أدْنى | إليكَ منَ القداحِ إلى المجيلِ |
وقدْ نادى النَّدى هلْ مِنْ رجاءٍ | وقالَ النَّيْلُ هَلْ مِنْ مُسْتَنِيلِ |
وَلَمْ أرَ قَبْلَهُ أمَلاً جَواداً | يُشارُ بِهِ إلى عَزْمٍ بَخِيلِ |
علامَ تروِّضُ الحصباءُ خِصْباً | وَتَجْزَعُ أنْ تُعَدَّ مِنَ المُحُولِ |
وَكَيْفَ تَرى مِياهَ الفَضْلِ إلاَّ | وقَدْ رُشِفَتْ بِأفْواهِ العُقُولِ |
لقدْ أعطتكَ صحتَها الأمانِي | فَلا تَعْتَلَّ بالحَظِّ العَلِيلِ |
وَما لَك أنْ تَسُومَ الدَّهْرِ حَظًّا | إذا ما فُزتَ بالذِكْرِ الجميلِ |
إذا أهْلُ الثَّناءِ عَلَيْكَ أثنوَا | فسِرْ فِي المَكْرُماتِ بلا دليلِ |
أرَى حُلَلَ النَّباهَة ِ قَدْ أظَلَّتْ | تُنَازِعُ فِيَّ أطْمَارَ الخُمُولِ |
فَيا جَدِّي نَهَضْتَ وَيا زَمانِي | جَنَيْتَ فَكُنْتَ أحْسَنَ مُسْتَقِيلِ |
وَيا فَخْرِي ـ وَفَخْرُ المُلْكِ مُثْنٍ | عليَّ - لقدْ جَرَيْتُ بلا رَسِيلِ |
تَفَنَّنَ فِي الْعَطاءِ الجَزْلِ حَتَّى | حبانِي فيهِ بالحمْدِ الجزِيلِ |
فَها أنا بينَ تَفْضِيلٍ وَفَضْلٍ | تبَرُّعُ خيرِ قوّالٍ فَعُولِ |
غريبُ الجُودِ يحمدُ سائليهِ | وفَرْضُ الحمْدِ ألْزَمُ للسَّؤُولِ |
سقانِي الرِّيَّ مِنْ بشرٍ وجودٍ | كَما رَقَصَ الْحَبابُ عَلى الشَّمُولِ |
وَأعْلَمُ أنَّ نَشْوانَ العَطايا | سيخمَرُ بالغِنا عمّا قليلِ |
أما ونَداكَ إنَّ لَهُ لَحَقًّا | يُبِرُّ بِهِ ألِيَّة َ كُلِّ مُولِ |
لئنْ أغربْتَ في كرمِ السَّجايا | لقدْ أعربْتَ عنْ كرمِ الأُصولِ |
ألا أبلِغْ مُلوكَ الأرضِ أنِّي | لَبِسْتُ العَيْشَ مَجْرُورَ الذُّيُولِ |
لدى ملكٍ متى نكَّبْتَ عنهُ | فَلَسْتَ عَلَى الزَّمانِ بمُسْتَطِيلِ |
ولمّا عزَّ نائلُهُمْ قياداً | وَهَبْتُ الصَّعْبَ مِنْهُمْ للِذَّلُولِ |
وطلَّقْتُ المنى لا العزمُ يوماً | لهُنَّ وَلا الرَّكائِبُ لِلذَّمِيلِ |
وَلَوْلا آلُ عَمّارٍ لَباتَتْ | تَرى عرْضَ السماوة ِ قيدَ ميلِ |
أعَزُّونِي وأغْنُونِي وَمِثْلِي | أعِينَ بكُلِّ منّاعٍ بَذُولِ |
وَحَسْبُكَ أنَّنِي جارٌ لِقَوْمٍ | يُجِيرونَ القَرَارَ مِنَ السُّيُولِ |
أَلا للهِ درُّ نَوى ً رمَتْ بِي | إلى أكنافِ ظلِّهمِ الظَّليلِ |
وَدَرُّ نَوائِبٍ صَرَفَتْ عِنانِي | إلَى تِلْقائِهِمْ عِنْدَ الرَّحِيلِ |
أُسَرُّ بِأنَّ لِي جَدًّا عَثُوراً | وَعمّارُ بْنُ عمّارٍ مُقِيلِي |
وَلَوْلاَ قُرْبُهُ ما كُنْتُ يَوْماً | لأشْكُرَ حادِثَ الخطْبِ الجليلِ |
وقدْ يهوى المحبُّ العذْلَ شوْقاً | إلَى ذِكْرِ الأحِبَّة ِ لا العَذُولِ |
لَهُ كَرَمُ الغَمامِ يَجُودُ عَفْواً | فيُغْنِي عنْ ذَرِيعٍ أو وَسِيلِ |
وَما إنْ زِلْتُ أرْغَبُ عَنْ نَوالٍ | يُقَلِّدُنِي يداً لِسوَى المُنِيلِ |
تَجُودُ بِطيبِ رَيّاها الخُزَامى | وَيَغْدُو الشُّكْرُ لِلرِّيحِ الْقَبُولِ |
وغيرِي منْ يُصاحِبُهُ خُضُوعٌ | أنَمُّ مِنَ الدُّمِوعِ عَلى الغَلِيلِ |
يعُبُّ إذا أصابَ الضَّيْمُ شَرْباً | وَبَعْضُ الذُّلِّ أوْلَى بِالذَّلِيلِ |
ترفَّعَ مطلَبي عنْ كُلِّ جُودٍ | فَما أبْغِي بِجُودِكَ مِنْ بَدِيلِ |
وَمَالِي لا أَعافُ الطَّرْقَ وِرْداً | وقدْ عرضَتْ حِياضُ السَّلْسَبيلِ |
وَقَدْ عَلَّمْتَنِي خُلُقَ المَعالي | فما أرْتاحُ إلاّ للنَّبيلِ |
ولِي عندَ الزَّمانِ مُطالَباتٌ | فما عُذْرِي وأنْتَ بها كَفِيلي |
وإنَّ فتى ً رآكَ لهُ رجاءً | لهْلٌ أنْ يُبَلَّغَ كلَّ سُولِ |
ورُبَّ صَنِيعَة ٍ خُطِبْت فزفَّتْ | إلى غَيرَ الكَفِيءِ مِنَ البُعُولُ |
أبِنْ قدرَ اصطناعِكَ لي بنعُمى | تبُوحُ بسرٍّ ما تُسْدِي وتوُلِي |
إذا ما رَوَّضَ البَطْحاءِ غَيْثٌ | تَبَيَّنَ فضْلُ عارِضِهِ الهَطُولِ |
وأعلِنْ حُسْنَ رأْيكَ فيَّ يرجَحْ | عَدُوِي فِي المودَّة ِ مِنْ خليلِي |
فَلَيْسَ بِعائِبِي نُوَبٌ أكلَّتْ | شَبا عزْمِي ولَمْ يَكُ بالكَليلِ |
فإنَّ السَّيفَ يُعْرَفُ ما بَلاهُ | بما في مضرِبيهِ منَ الفُلُولِ |
وكَائِنْ بالعَواصِمِ مِنْ مُعَنّى ً | بِشَعْرِي لا يَرِيعُ إلى ذُهُولِ |
أقَمْتُ بأرْضِهِمْ فحللْتُ مِنْها | محَلَّ الخال في الخدِّ الأسيلِ |
وَلَكِنْ قَادَنِي شَوْقِي إلَيْكُمْ | وحُبِّي كُلَّ معدومِ الشُّكُولِ |
فَأطْلَعَ فِي سَمائِكَ مِنْ ثَنائِي | نُجُومَ عُلًى تَجِلُّ عَنِ الأُفُولِ |
سوائِرُ تَمْلأُ الآفاقَ فضْلاً | تُعِيدُ الغُمْرَ ذَا رَأيٍ أصِيلِ |
قَصائِدُ كالكَنائِنِ فِي حَشاها | سِهامٌ كالنُّصُولِ بَلا نُصُولِ |
نزائِعُ عَنْ قِسِيِّ الفكرِ يُرمى | بِها غَرَضُ المَوَدَّة ِ والذُّحُولِ |
وَكُنَّ إذا مَرَقْنَ بِسَمْعِ صَبٍّ | أصَبْنَ مَقاتِلَ الهَمِّ الدَّخِيلِ |
إذا ما أُنْشدتْ في القومِ رقَّتْ | شمائِلُ يَوْمِهِمْ قَبْلَ الأَصِيلِ |
تَزُورُ أبا عَلِيٍّ حَيْثُ أرْسَتْ | هضابُ العزِّ والمجدِ الأَثِيلِ |
وَمَنْ يَجْزِيكَ عَنْ فِعْلٍ بِقَوْلٍ | لقد حاوَلْتَ عيْنَ المستحيلِ |
وَكَيْفَ لِي السَّبِيلُ إلى مَقالٍ | يُخفِّفُ محملَ المنِّ الثَّقيلِ |
فَلا تَلِمُ القَوافِيَ إنْ أطالَتْ | قطيعَة َ برِّكَ البَرِّ الوَصولِ |
هَرَبْتُ مِنَ ارْتِياحِكَ حِينَ أنْحى | عَلَى حَمْدِي بِعَضْبِ نَدى ً صَقِيلِ |
ولمّا عُذْتُ بالعلْياءِ قالَتْ | لَعَلَّكَ صاحِبُ الشُّكْرِ القَتِيلِ |
فيا لَكَ مِنَّة ً فضحَتْ مَقالِي | ومِثْلِي في القَريضِ بلا مَثِيلِ |
فعُذْراً إنْ عجزْتُ لِطُولِ هَمِّي | عَنِ الإسْهَابِ والنَّفْسِ الطَّوِيلِ |
فإنْ وجى الجيادِ إذا تمادى | بها شفل الجياد عن الصّهيل |