بِنَفْسِي عَلى قُرْبهِ النَّازِحُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
بِنَفْسِي عَلى قُرْبهِ النَّازِحُ | وإن غالَنِي خطبُهُ الفادِحُ |
تصافَحَ تربتُهُ والنَّسمُ | فنشْرُ الصَّبا عطِرٌ فائحُ |
كأنَّ المُغَرِّدَ فِي مَسْمَعِي | لِفَرْطِ اكْتِئابِي لَهُ نائِحُ |
أَيا نازِلاً حيثُ يَبْلى الجديدُ | ويذْوِي أخُو البهجة ِ الواضِحُ |
ذكرتكَ ذكرى المُحبِّ الحبيبَ | هيَّجَها الطَّلَلُ الماصِحُ |
فما عزَّني كَبِدٌ تلْتظِي | وَلا خانَنِي مَدْمَعٌ سَافِحُ |
مُقيمٌ بحيثُ يصمُّ السميعُ | ويعْمى عنِ النَّظَرِ الطامِعُ |
يَرِقُّ عَلَيكَ العَدُوُّ المُبِينُ | وَيَرْثِي لَكَ الْحاسِدُ الكاشِحُ |
كأنْ لَمْ يَطُلْ بِكَ يَوْمَ الفَخارِ | سَرِيرٌ وَلا أجْرَدٌ سابِحُ |
وَلَمْ تَقْتَحِمْ غَمَراتِ الخُطُوبِ | فَيُغْرِقَها قَطْرُكَ النّاضحُ |
سقاكَ كجودِكَ غادٍ علَى | ثَراكَ بِوابِلهِ رائِحُ |
يدبِّجُ في ساحتَيْكَ الرِّياضَ | كَما نمَّقَ الكَلِمَ المادِحُ |
أرى كُلَّ يَوْمٍ لَنا رَوْعة ً | كما ذُعِرَ النَّعَمُ السارحُ |
نُفاجا بجدٍّ منَ المُعضِلاتِ | كأنَّ الزَّمانَ بِهِ مازِحُ |
نُعَلِّلُ أنْفُسَنا بالمُقَامِ | وَفِي طَيِّهِ السَّفَرُ النَّازِحُ |
حَياة ٌ غَدَتْ لاقِحاً بالحِمامِ | ولا بُدَّ أنْ تُنتجَ اللاقِحُ |
وكُلُّ تمادٍ إلى غاية ٍ | وإنْ جَرَّ أرْسانَهُ الجامِحُ |
وما العُمْرُ إلاّ كمهوى الرِّشاءِ | إلى حيثُ أسلمَهُ الماتِحُ |
لقدْ نصحَ الدهرُ منْ غرَّهُ | فحتامَ يتهمُ النّاصحُ |
حمى اللهُ أروعُ يحمِي البلادَ | مِنَ الجدْبِ معروفُهُ السّائحُ |
أغَرُّ يزينُ التُّقى مجدَهُ | وَيُنْجِدُهُ الحَسَبُ الوَاضِحُ |
أيا ذا المَكارِمِ لا رُوِّعَتْ | بِفَقْدِكَ ما هَدْهَدَ الصّادِحُ |
فَما سُدَّ بابٌ مِنَ المَكْرُماتِ | إلاّ وأنْتَ لَهُ فاتِحُ |
أبى ثِقَة ُ المُلْكِ إلاّ حِماكَ | حمى ً والزَّمانُ بهِ طائحُ |
وَما كُلُّ ظِلٍّ بِهِ يَسْتَظِلُّ | مَنْ شَفَّهُ الرَّمَضُ الّلافِحُ |
طَوى البَحْرَ يَنْشَدُ بَحْرَ السَّمَاحِ | إلى العَذْبِ يُقْتَحَمُ المالِحُ |
فبادرتَ تخسأُ عنهُ الخطوبَ | دِفاعاً كَما يَخْسأُ النَّابِحُ |
تَرُوعُ الرَّدى والعِدى دُونَهُ | كما رَوَّعَ الأعْزَلَ الرَّامِحُ |
عَطَفْتَ عَليهِ أبِيَّ الحُظُوظِ | قَسْراً كَما يُورَدُ القامِحُ |
وباتَ كَفيلاً لَهُ بالثَّراءِ | والعزِّ طائِرُكَ السّانِحُ |
صَنائِعُ لا وَابِلُ المُعْصِراتِ | نَداها ولا طَلُّها الرّاشحُ |
وأقسمُ لوْ أنَّ عزّاً حمى | مِنَ المَوْتِ ما اجْتاحَهُ جائِحُ |
ولكنَّ أنْفُسَ هذا الأنامِ | منائحُ يرتَدُّها المانحُ |
وأيُّ فَتًى ساوَرَتْهُ المَنُونُ | فمي يردهِ روقُها الناطِحُ |
سَبَقَتَ إلى المَجْدِ شُوسَ المُلُوكِ | كَما سَبَقَ الْجَذَعَ القارِحُ |