إذا لمْ يكنْ مِنْ حادِثِ الدَّهْرِ موئِلُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
إذا لمْ يكنْ مِنْ حادِثِ الدَّهْرِ موئِلُ | ولمْ تُغنِ عنكَ الحزنُ فالصبرُ أجملُ |
وأهونُ ما لاقيتَ ما عزَّ دفعهُ | وقدْ يصَعُبُ الأمرُ الأشَدُّ فيَسْهُلُ |
وما هذه الدنيا بدارِ إقامة ٍ | فيَحْزَنَ فِيها القاطِنُ المُتَرَحِّلُ |
هِيَ الدَّارُ إلاَّ أنَّها كَمَفَازَة ٍ | أناخَ بِها رَكْبٌ وَرَكْبٌ تَحَمَّلُوا |
مُنينَا بِها خَرْقَاءَ لا العَذْلُ تَرْعَوِي | إليهِ ولا محضَ النصيحَة تقبلُ |
لَنا وَلَها فِي كُلِّ يَومٍ عَجائِبٌ | يَحَارُ لَها لُبُّ اللَّبِيبِ ويذْهَلُ |
يَطُولُ مَدَى الأفْكارِ فِي كُنْهِ أمْرِها | فَيَنْكُصُ عَنْ غَاياتهِ المُتَوغِّلُ |
وإن لمنْ مرِّ الجديدينِ في وغى ً | إذا فرَّ منهَا جحفلٌ كرَّ جحفلُ |
تجرِّدُ نصلاً والخلائقُ مفصِلٌ | وَتُنْبِضُ سَهْماً والبَرِيَّة ُ مَقْتَلُ |
فَلا نَحْنُ يَوماً نَستَطِيعُ دِفَاعَها | وَلاَ خَطْبُها عَنَّا يَعِفُّ فيُجْمِلُ |
وَلاَ خَلْفَنَا مِنْها مَفَرٌّ لِهارِبٍ | فكيفَ لمنْ رامَ النجاة َ التَّحيُّلُ |
وَلا نَاصِرٌ إلاَّ التَّمَلْمُلُ والأسَى | وماذا الذي يُجدِي الأسى والتململُ |
نبيتُ على وعدٍ منَ الموتِ صادقٍ | فمنْ حائنٍ يقضى وآخرَ يُمطلُ |
وَكُلٌّ وإنْ طَالَ الثَّواءُ مَصِيرُهُ | إلى موردٍ ما عنْهُ للخلقِ معدِلُ |
فَوا عَجَبا مِنْ حَازِمٍ مُتَيَقِّنٍ | بأنْ سَوْفَ يَرْدى كَيْفَ يَلْهُو ويَغْفُلُ |
ألا لاَ يَثِقْ بالدَّهْرِ مَا عَاشَ ذُو حِجى ً | فَما وَاثِقٌ بالدَّهْرِ إلاَّ سَيَخْجَلُ |
نَزَلْتُ علَى حُكْمِ الرَّدَى في مَعاشِرِي | ومن ذا على حُكمِ الردى ليس ينزلُ |
تبدَّلتُ بالماضينَ منهُمْ تعلَّة ً | وأيْنَ مِنَ المَاضِينَ مَنْ أتَبَدَّلُ |
إذَا ماءُ عَيْنِي بَانَ كَانَ مُعَوَّلِي | علَى الدَّمْعِ إنَّ الدَّمْعَ بِئْسَ المِعَوَّلُ |
كفى حزَناً أن يُوقِنَ الحيُّ أنهُ | بسيفِ الردى لا بُدَّ أنْ سوفَ يُقتلُ |
لِيَبْكِ جَمَالَ الدَّوْلَة ِ البَأسُ والنَّدَى | إذا قلَّ مَنَّاعٌ وأعوزَ مُفضِلُ |
فَتى ً كَانَ لاَ يُعْطِي السَّواءَ قَسِيمَهُ | إباءً إذا مَا جاشَ لِلْحَرْبِ مِرْجَلُ |
ولاَ يعرِفُ الإظماء في المحلِ جارُهُ | سَماحاً وَلَوْ أنَّ المَجَرَّة َ مَنْهَلُ |
فمنْ مُبلِغُ العلْياءِ أنِّيَ بعدَهُ | ظمئْتُ وأخلافُ السحائِبِ حُقَّلُ |
فَوا أسفَا مَنْ لِلطَّرِيدِ يُجْيرُهُ | إذا نَاشَهُ نابٌ مِنَ الخَوْفِ أعْصَلُ |
وَوا أسَفاً مَنْ للفقيرِ يميرُهُ | إذا شفَّهُ داءٌ مِنَ الفقرِ مُعضِلُ |
تهدَّمَ ذاكَ الباذِخُ الشامِخُ الذُّرى | وأقْلَعَ ذاك العارِضُ المُتَهَلِّلُ |
فَيا مَانِعَ اللاَّجِينَ ها أنَا مُسْلَمٌ | وَيَا مُمْطِرَ الرَّاجِينَ ها أنا مُمْحِلُ |
أحِينَ احْتَبى فِيكَ الكَمَالُ وَخُوِّلَتْ | يداكَ من العلْياءِ ما لا يُخوَّلُ |
وشايعكَ العزمُ الفَتيُّ وناضَلَ النَّـ | ـوائبَ عنكَ السُّؤْدَدُ المُتكَهِّلُ |
ولمْ تُبْقِ حظاً مِنْ عُلاً تستزيدُهُ | ولا حُلَّة ً مِنْ مفخرٍ تتسربَلُ |
رَمَاكَ فأصْمَاكَ الزَّمانُ بِكَيْدِهِ | كذا تنقُصُ الأقمارُ أيَّانَ تكمُلُ |
وما كنتُ أخشى أن يَفُوتَ بكَ الرَّدى | ولمَّا يكنْ يومٌ أغرُّ محجَّلُ |
ولمَّا يَقُمْ مِنْ دُونِ ثأْرِكَ معشَرٌ | إذا عزمُوا في النَّائِباتِ توكَّلُوا |
مَناجُيدُ وثَّابُونَ فِي كُلِّ صَهْوَة ٍ | مِنَ العِزِّ قَوَّالُونَ لِلْمَجْدِ فُعَّلُ |
أتَذْهَبُ لَمْ يُشِرَعْ أمامَكَ ذَابِلٌ | لمنعِ ولَمْ يُشْهَرْ وراءَكَ مُنْصُلُ |
فهَلاَّ بِحيثُ المَشْرَفِيَّة ُ رُكَّعٌ | تُكَبِّلُ في هامِ العِدى وتُهَلِّلُ |
وألاَّ بحيثُ السمهرية ُ شُرَّعٌ | تُعَلُّ مِنَ الأكبادِ ريّا وتُنهَلُ |
كدأْبكَ أيامَ الحوادِثُ نُوَّمٌ | وجدُّكَ يقظانٌ وحدُّكَ مقصَلُ |
فَهَلْ عَالِمٌ جَيْهانُ أنَّكَ بَعدَهُ | رمى بِكَ مرماهُ الحِمامُ المُعجَّلُ |
سلكْتَ وإيَّاهُ سبيلاً غدَا بهِ | زمانُكُما في قِسمة ِ الجورِ يعدِلُ |
سقاكَ وإنْ لم يُرْضِنِي فيكَ وابِلٌ | ولوْ حلَّ لِي قُلتُ الرَّحيقُ المُسلسلُ |
مِنَ المُزْنِ مَشْمُولٌ يَرِفُّ كأنَّهُ | بِجُودِ جَلالِ المُلْكِ يَهْمِي ويَهْطِلُ |
ومهمَا هفَتْ يوماً من الجَوِّ نفحة ٌ | فَهَبَّ بِحِضْنَيْكَ النَّسِيمُ المُمَنْدَلُ |
وَلاَ عَدِمَ المَوْلَى مِنَ الأجْرِ خَيْرَهُ | وبُلِّغَ فِي أعْدَائهِ مَا يُؤَمِّلُ |
فِدَى ً لَكَ مِنْ تَحْتَ السَّماءِ وَلاَ تَزَلْ | وَمَجْدُكَ مَرْفِوعُ البِناءُ مُؤَثَّلُ |
إذَا جَلَّ خَطْبٌ غالَ هَمَّكَ عِنْدَهُ | نُهى ً تَسَعُ الخَطْبَ الجَلِيلَ وتَفْضُلُ |
وأرْغَمْتَ أنْفَ النَّائِبَاتِ بِوَطْأَة ٍ | تخِفُّ على ظهرِ الزمانِ وتثقُلُ |
وأيُّ مُلِمٍّ يَزْدَهِيكَ وإنَّمَا | بحلمكَ في أمثالِهِ يُتمثَّلُ |
غنِيتَ بما تقضي به عندَكَ النُّهى | وفضْلِكَ عنْ تعريفِ ما لَسْتَ تهجَلُ |
ومَاذَا يَقُولُ القائِلُونَ لِمَاجِدٍ | أصِيلِ الحجى في لفظة ٍ منهُ فيصَلُ |