أُمنِّي النفسَ وصلاً من سُعادِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أُمنِّي النفسَ وصلاً من سُعادِ | وأين من المنى دَرَكُ المُراد |
وكيف يَصحُّ وصلٌ من خليلٍ | إذا ما كان مُعتَلَّ الودادِ |
تمادى في القطيعة لا لجُرْمٍ | وأجفى الهاجِرينَ ذوُو التمادي |
يفرِّقُ بينَ قلبِي والتأسِّي | وَيَجْمَعُ بَينَ طَرْفِي والسُّهادِ |
ولَوْ بذَلَ اليسيرَ لبلَّ شوْقي | وقدْ يرْوى الظِّماءُ منَ الثِّمادِ |
أمَلُّ مَخَافَة َ الإمْلالِ قُرْبِي | وبَعْضُ القُرْبِ أجْلَبُ لِلبِعَادِ |
وعندي للأحبة ِ كلُّ جفنٍ | طليقِ الدمعِ مأسورِ الرُّقادِ |
فلا تغْرَ الحوادِثُ بِي فحَسْبي | جفاؤُكمْ منَ النّوَبِ الشدادِ |
إذا ما النارُ كانَ لها اضطرامٌ | فما الدّاعي إلى قدحِ الزنادِ |
أرى البِيضَ الحِدادَ سَتَقْتَضِينِي | نُزُوعاً عنْ هوى البيضِ الخرادِ |
فما دَمعِي علَى الأطلال وقفٌ | ولا قلْبي معَ الظُّعُنِ الغَوادي |
ولا أبْقى جلالُ المُلْكِ يَوْماً | لِغيرِ هَواهُ حُكْماً في فُؤادِي |
أُحِبُّ مَكارِمَ الأخْلاقِ مِنْهُ | وأعْشَقُ دَوْلَة َ المَلِكَ الجَوادِ |
رَجَوْتُ فَما تَجاوَزَهُ رَجائِي | وكانَ الماءُ غايَة َ كُلِّ صادِ |
إذا ما رُوِّضَتْ أرْضِي وساحَتْ | فما معنى انتجاعِي وارتيادِي |
كَفى بندى جلالِ المُلْكِ غَيثاً | إذا نزحَتْ قرارَة ُ كُلِّ وادِ |
أمَلْنا أيْنُقَ الآمالِ مِنْهُ | إلى كَنَفٍ خَصِيبِ المُسْتَرادِ |
وأغنانا نداهُ على افتقارٍ | غناءَ الغيثِ في السنَّة ِ الجمادِ |
فَمَنْ ذَا مُبْلِغُ الأمْلاكِ عَنَّا | وسُوّاسِ الحواضِرِ والبوادِي |
بأنَّا قدْ سكنَّا ظلَّ ملكٍ | مَخُوفِ البأسِ مرجوِّ الأيادِي |
صحِبَنا عندهُ الأيامَ بيضاً | وقدْ عُمَّ الزَّمانُ من السَّوادِ |
وأدرْكنَا بِعَدْلٍ مِنْ عَلِيٍّ | صلاحَ العيشِ في دهْرِ الفسادِ |
فَما نَخْشَى مُحَارَبَة َ اللَّيالِي | وَلاَ نَرْجُو مُسَالَمَة َ الأعادِي |
فَقُولا لِلْمُعانِدِ وهْوَ أشْقى | بِما تَحْبُوهُ عاقِبَة ُ العِنادِ |
رُوَيْدَكَ مِنْ عَدَاوَتِنا سَتُرْدِي | نواجِذَ ماضِغِ الصُّمّ الصِّلادِ |
ولا تحملْ على الأيام سَيْفاً | فإن الدَّهرَ يقطَعُ بالنجادِ |
فأمنَعُ منكَ جاراً قدْ رميناَ | كريمتهُ بداهيَة ٍ نآدِ |
وَمَنْ يَحْمِي الوِهادَ بِكُلِّ أرْضٍ | إذا ما السِّيلُ طمَّ علَى النجادِ |
هُوَ الرَّامِيكَ عنْ أمَمٍ وعُرْضٍ | إذا ما الرأْيُ قرطَسَ في السَّدادِ |
وَمَطَّلَعُهَا عَليكَ مُسَوَّماتٍ | تَضِيقُ بِهَمِّها سَعَة ُ البِلادِ |
إذا ما الطَّعْنُ أنحلَها العوالِي | فَدى الأعْجازَ مِنْها بِالهَوادِي |
فِداؤُكَ كلُّ مكبُوتٍ مغيظٍ | يخافيكَ العداوَة َ أوْ يُبَادِي |
فَإنَّكَ ما بَقِيتَ لَنا سَلِيماً | فما ننفَكُّ في عيدٍ مُعادِ |
أبُوكَ تَدارَكَ الإسلامَ لَمَّا | وَهَى أوْ كَادَ يُؤْذِنُ بانْهِدَادِ |
سَخَا بِالنَّفْسِ شُحّاً بِالمَعالِي | وجاهَدَ بالطَّريفِ وبالتِّلادِ |
كَيَوْمِكَ إذْ دَمُ الأعْلاجُ بَحْرٌ | يُريكَ البحرَ في حُللٍ وِرادِ |
عَزائِمُكَ العَوائِدُ سِرْنَ فِيهمْ | بِما سَنَّتْ عَزائِمُهُ البَوادِي |
وهذا المجدُ من تلكَ المساعِي | وهذا الغيث من تلكَ الغوادِي |
وأنتُمْ أهلُ معدلة ٍ سبقتُمْ | إلى أمدِ العُلى سبقَ الجيادِ |
رَعى مِنْكَ الرَّعِيَّة َ خَيْرُ رَاعٍ | كَرِيمِ الذَّبِّ عَنْهُمْ والذِّيَادِ |
تقيتَ اللهَ حقَّ تُقاهُ فيهمْ | وتقْوى اللهِ مِن خيرِ العتادِ |
كأنَّكَ لا تَرى فِعْلاً شَرِيفاً | سِوَى ما كانَ ذُخْراً لِلْمَعادِ |
مَكارِمُ بَعْضُها فِيهِ دَليلٌ | على ما فيكَ من كَرمِ الولادِ |
هَجرْتَ لَها الكَرَى شَغَفاً وَوَجْداً | وَكُلُّ أخِي هَوى قَلِقُ الوِسادِ |
غنيتُ بسيبكَ المرجوِّ عنْهُ | كَما يَغْنَى الخَصِيبُ عَنِ العِهادِ |
ورَوَّانِي سَمَاحُكَ مَا بَدَالي | فما أرْتاحُ للعذبِ البُرادِ |
إذا نفقَ الثناءُ بأرضِ قومٍ | فلَسْتُ بخائفٍ فيهَا كسادِي |
فَلاَ تَزَلِ اللَّيالِي ضَامِناتٍ | بقاءَكَ ما حَدا الأظعانَ حادِ |
ثنائِي لا يُكَدِّرُهُ عِتابي | وَقَوْلِي لاَ يُخالِفهُ اعْتِقَادِي |