عَتادُكَ أنْ تشنَّ بها مغارا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
عَتادُكَ أنْ تشنَّ بها مغارا | فقُدْها شُزَّباً قبَّاً تَبَارى |
كأنَّ أهِلَّة ً قَذفَتْ نُجُوماً | إذا قدحت سنابكُها شَرارا |
وَهَلْ مَنْ ضَمَّرَ الجُردَ المَذاكي | كَمَنْ جَعلَ الطِّرادَ لها ضِمارا |
كأنَّ الليلَ موتورٌ حريبٌ | يحاوِلُ عندَ ضوءِ الصُّبحِ ثارا |
فليسَ يحيدُ عنها مستجيشاً | على الإصباح عثيرها المُثارا |
أخَذْنَ بِثأْرِهِ عَنَقاً وَرَكْضاً | مددنَ على الصباحِ بهِ إزارا |
وقد هبتْ سيوفُكَ لامعاتٍ | تُفرِّقُ في دجنتهِ نَهارا |
أمَا والسابقاتِ لقدْ أباحتْ | لَكَ الشَّرَفَ المُمَنَّعَ وَالْفَخَارا |
فزُرْ حلباً بكلِّ أقبًَّ نهدٍ | فَقَدْ تُدْنِي لَكَ الْخَيْلُ الْمَزارا |
وكلِّفْ ردَّها إن شئْتَ قسراً | عَزائمَ تَستَرِدُّ المُستعارا |
فأجْدِرْ بِالمَمالِكِ أنْ تراها | لمنْ كانتْ ممالكَهُ مِرارا |
وإنْ ولدَتْ لكَ الآمال حظّاً | فما زالَتْ مواعدُها عِشارا |
إذا عايَنْتَ مِنْ عُودٍ دُخاناً | فأوشِكْ أنْ تُعايِنَ منهُ نارا |
ويأبى اللَّهُ إنْ أبَتِ الأعادي | لِناصرِ دِينهِ إلاَّ انتصِارا |
وما كبُرَتْ عليكَ اُمورُ مجدٍ | إذا أصْدَقْتَها الهممَ الكِبارا |
وما هممُ الفَتى إلاَّ غُصُونٌ | تَكونُ لها مَطالِبُهُ ثِمارا |
ألسْتَ ابنَ الذي هطلتْ يداهُ | ندى ً سرَفاً لمنْ نطقَ اختصارا |
وأعطى الأفَ لمْ تُعْقَرْ بنَقْصٍ | وما غُنِّي ولا شَرِبَ العقارا |
وأشْبَعَ جُودُهُ غَرْثى الأمانِي | وَرَوَّى بأسُهُ الأسَلَ الحِرارا |
وقَادَ إلى الأعادِي كُلَّ جَيْشٍ | تَقُودُ إليْهِ رَهْبَتُهُ الدِّيارا |
وَلَوْ قُلْتُ ابنُ مَحْمُودٍ كَفَتْنِي | صِفاتُ عُلاكَ فَضْلاً واشتِهارا |
وهلْ يخفى علَى السَّارينَ نَهجٌ | إذا ما البَدْرُ في الأُفُقِ استنارا |
مِنَ القَوْمِ الأولى جَادُوا سِرارا | وَعادَوْا كُلَّ مَنْ عادَوْا جِهارا |
وما كتَمُوا الندى إلا ليَخْفى | ويأْبى الْغَيْثُ أنْ يَخْفى انْهِمارا |
بُدُورُ الأرضِ ضاحية ً عليها | وأطيَبُ مَنْ ثوى فيها نُجارا |
إذا ما زُلْزِلَتْ كانوا جِبالاً | وإنْ هِيَ أمْحَلَتْ كانوا بِحارا |
وأنْتَ أشدُّهُمْ بَأساً وَأنْدا | هُمُ كفَّا وأكثرهمْ فخارا |
وأوفاهمْ إذا عقدوا ذِماماً | وَأحْمَاهُمْ إذا حَامَوْا ذِمارا |
وأمْرَعُهُمْ لِمُرْتَادٍ جَناباً | وأمنعهمْ لمطلُوبٍ جِوارا |
لَقَدْ لَبِسَتْ بِكَ الدُّنْيَا جَمالاً | فلو كانتْ يداً كنتَ السِّوَارا |
يُضِيءُ جَبِينُكَ الوَضَّاحُ فيها | إذا ما الرَّكْبُ في الظَّلْماءِ حارا |
فما يدري أنارُ قِراكَ لاحَتْ | لهُ أمْ بَرقُ غيثكَ قد أنارا |
تَمَلَّ أبا القِوامِ شَرِيفَ حَمْدٍ | رفعْتُ بهِ على الدُّنْيا مَنارا |
ثناءٌ ما حَداهُ الفِكْرُ إلاّ | أقامَ بِكلِّ مَنْزِلَة ٍ وَسارا |
إذا أُثْني بحمدَ قالَ قومٌ | بِحَقِّ الرَّوْضِ أنْ حَمِدَ القِطارا |
غَفَرْتُ ذِنُوبَ هذا الدَّهْرِ لَمَّا | أصارَ إليَّ رُؤْيَتَكَ اعْتِذَارا |
وردَّ ليَ الصِّبا بنداكَ حتّى | خلعتُ لديهِ في اللهوِ العِذارا |