عُوجوا عَلى تُونسَ الخَضراءِ وَاِبتَهِجوا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
عُوجوا عَلى تُونسَ الخَضراءِ وَاِبتَهِجوا | وَأَشفوا الظماءَ بِما تَحيي بِهِ المُهَجُ |
وَشاهِدوا في مَعالي المَجد بَدرَ هُدىً | أَعلامُهُ مِن حِبالِ النورِ تَنتَسِجُ |
هُناكَ صادَحَةٌ في الأُفقِ يَطرِبَكُم | عِندَ اِستِماع الثَنا مِن لَحنِها هَزَجُ |
تَثني مُلوك البَرايا وَالشُعوب عَلى | مَولى لِسانُ العُلى في مَدحِهِ لهجُ |
الصادِقُ الفاضِلُ الفَردُ الَّذي اِنتَشَرَت | صِفاتُهُ فَغَدا يُستَنشَقُ الأَرجُ |
شَمسٌ مِن الغَرب قَد مَدَّت أَشِعَّتُها | فَأَصبَحَ الشَرقُ يُبديها وَيَبتَهِجُ |
قَد أَسَّسَ الهَدءَ في الأَقطارِ مُحتَفِظاً | عَلى العِباد فَلا طَيشٌ وَلا هَوَجُ |
وَشادَ لِلعَدلِ صَرحاً في مَعالِمِهِ | فَشيَّدَ الحَقَّ لا زيغٌ وَلا عِوَجُ |
في خَدِّ صارِمِهِ المَصقول مَنصله | ماءُ الجَمالِ بِماءِ المَوتِ مُنَدَمِجُ |
وَفي فَمِ القَلَمِ المَرفوعُ قائِمُهُ | ماءُ الحَيوةِ بِماءِ الرُشدِ مُمتَزِجُ |
طَوراً بِبَسط الهَنا تَجري إِرادَتُهُ | وَتارَةً بِالقَضا المَحتوم تَندَرِجُ |
في بَطنِ راحَتِهِ الأَقدارُ قَد كَتَبَت | يا مَن بَغَى فَرَجاً هَذا هُوَ الفَرَجُ |
وَفي سَما وَجهِهِ الهادي بِرَونَقِهِ | صُبحُ الرَجاءِ إِلى الأَفكارِ مُنبَلِجُ |
رِجالُهُ زانَتِ الأَعصارَ إِذ نُخِبَت | مِن كُلِّ شَهمٍ بِهِ العَلياءُ تَبتَهِجُ |
وَجيشُهُ الكاسِرُ الجَرّارُ عَسَكرُهُ بَحرٌ | جُيوشُ المَنايا خَلفَهُ لَججُ |
عِندَ الطرادِ طُيورٌ لا ثَباتَ لَها | وَفي الثَباتِ قِلاعٌ لَيسَ تَنزَعِجُ |
أَحيى المَعارفَ وَالآدابَ يَنشُرُها | فَاِرتَدَّ للعَربِ ذاكَ الرَونَقُ البَهجُ |
نورُ التَمَدُّن في آفاقِهِ سَطَعَت | عَلى البَريَّةِ مِنهُ لِلهُدى سرُجُ |
يا صادِحاً في أَعالي الكَون يُطرِبُهُ | هَذي فَضائِلُهُ حدّث وَلا حَرَجُ |
فَقَد تَفَرَّدَ في الإِفضالِ مُرتَقياً | عَلى أَثيرٍ لَدَيهِ تَقصرُ الدرَجُ |
يَحيي البَرايا نَداهُ وَهُوَ مُنسَكِبٌ | وَمِن رِضاهُ بلايا الخُلقِ تَنفَرِجُ |