أرشيف الشعر العربي

رجل وإمرأة وغياب

رجل وإمرأة وغياب

مدة قراءة القصيدة : دقيقتان .

في طاولةٍ ،

وأنا الرجلُ المحضُ ،

وحيداً أجلسُ ..

أوْدَعَنِي الّليلُ

على طاولةٍ وحدي .

وهي امْرةٌ مَحْضٌ ،

تغزِلُ عمرَ الحبِّ وتنقُضُهُ ،

ثُم تعودُ وتغزِلُهُ ..

طاولتي ،

أوسعُ من كأس ٍ فارِغةٍ

ويدٍ تمتدُّ إلى الوهم ِ

وأضيقُ مما أحملُ ..

يا امْرأةً

تنثُرُني في الكون ِ

لتجمعني ،

رجلاً مَحْضاً

لا يكتبُ ،

إلا في عينيها

الشاردتينِ

الغاضبتين ِ

الناعستين ِ

الباحثتين ِ عن الحبّ

بعينيّ

الشاردتين ِ

الغاضبتينْ .

ترمُقُني من بُعدٍ ..

فأراها خلفَ بحارِ الدنيا

مملكةً ،

لا يدخُلُها غيري .

أضعُ السيفَ

وكلّ عتادِ الحربِ

وأخلعُ نعليَّ

لأدخُلَ مملكتي .

مملكتي ،

تُشهرُ سيفَ الحبّ بوجهي

وتقولُ تأخّرتَ ..

تأخّرتُ

تأخّرتُ

لأنّي ..

- لاعُذرَ لديكَ ، تأخّرتَ ،

وعُد من حيثُ أتيتَ .

فعُدتُ إلى طاولةٍ

أوسعُ من كأسٍ فارِغةٍ

ويدٍ تمتدُّ إلى الوهم ِ .

كتبتُ الفصلَ الأوّلَ

من قصّتنا :

رجُلٌ محضٌ ،

وامرأةٌ محضٌ ،

وغيابٌ يجمعُ بينهُما ..

ليعودا ،

قلبين ِ

بعيدين ِ

قريبين ِ

حبيبين ِ

غريبينْ .

قصّتنا أطوَلُ

من هذا الليلِ،

وأوسعُ من طاولتي ..

كيفَ أُريقُ الحبرَ على طاولةٍ

لا تحملُ إلا كأساً فارغةً

ويداً تمتد إلى الوهم ِ ؟

وكيفَ أُحمّلُ هذاالليلَ القاصِرَ

فيضَ جنوني ؟

سأعودُ إلى الغُرفةِ ،

كي لا يسخرَ هذا البردُ القارصُ

من عَرَقِي ..

فالمشوارُ طويلٌ

واللغةُ العربيةُ لا تُسعِفُني

حتى في الغُرفةِ ..

يبدو أن فرنسا لا تفهمُني !

لا بأسَ

كِلانا لا يفهمُ صاحبهُ .

لكن حبيبةَ قلبي ،

لا تفهمُني أيضا ..

- تلكَ مُغامرةٌ أخرى

في لغةِ العشق ِ

وثرثرةِ المهزومينْ .

الحربُ هنا ،

باردةٌ جداً ..

ليس بها غيرُ الصمتِ ،

وبعض ِ الكلماتِ المدروسةِ

حتى الموتْ .

ما أصعبَ أن تكبُرَ

فيكَ اللغةُ العربيّةُ

ثمّ تشيخَ

وتُصبِحَ لغةً أخرى ..

تلك أُصولُ اللُّعبةِ ،

- جَمِّلها بقليلٍ مما تضعُ

الباريسيّاتُ إذا شِخْنَ

على أوجُهِهِنَّ ،

وقُل : هذي لُغتي ..

- هذا كذبٌ

لُغتي طفلٌ ،

لا يُنهِكُهُ الحبُّ .

سأحملهُ في الصدرِ

وأسقيهِ بقلبي

حتى ينفُذَ جورِياً في خدّيها ..

وأقول لها :

هذي لُغتي .

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (إبراهيم محمد إبراهيم) .

ياسين

قلبي بين يديك

الطريد

هل أنت مثلي

السوق


ساهم - قرآن ١