صباحُكَ أَزهَى .. |
دَعِ النائِحاتِ، |
فما أنتَ أوَّلُ كبشٍ |
تُسَنُّ المُدى حولهُ .. |
لستَ إلا احتضاراً |
لهذا المساءْ. |
صباحُكَ رجعٌ |
لهمسِ القُبورِ جديدٌ، |
صهيلٌ على بابِ غَزّةَ، |
زنبقةٌ عندَ مرجِ الزُّهورِ، |
تُخَبِّئُ في صدرِها جمرةً للشِّتاءْ. |
دَعِ النائِحاتِ يُمَزِّقْنَ أَثْوابَهُن |
على شُرُفاتِ المنازِلِ، |
يُطلينَ أَوْجُهَهُنَّ بِقارِ الهزيمةِ، |
يُشْعِلْنَ في كُلِّ ناحِيَةٍ كربلاءْ. |
بلا دفَّةٍ هذه الفُلكُ تجري .. |
ونحنُ الشِّراعُ الذي مااعْتلى الفُلكَ |
إلا إلى ضَفَّةٍ وارِفةْ. |
سُدًى نَتَفَيَّأُ ظِلَّ السَّحابِ |
سُدًى نُحسِنُ الظَّنَّ بالبحرِ |
كيْ نَأْمَنَ العاصِفةْ. |
هُنا بينَ هذي الجِفانِ |
المليئةِ بالجوعِ |
يَفْتَرِشُ الفُقراءُ الزمانَ. |
هنا حيثُ تَنْتَصِبُ الخَيْمَةُ القُرَشِيةُ |
تَنْتَصِبُ الضِّفتانِ، |
بيوتاً وأَرْصِفةً ومآذنَ |
تَسْتَشْرِفُ الفَجْرَ |
خَلْفَ الجِبالِ القَريبةِ. |
توغِلُ في الصَّمْتِ |
شَيْئاً فَشيْئاً، |
فَثمَّةَ قطرةُ زيتٍ هُنالِكَ |
تُشْعِلُ كُلَّ المَصابيحِ، |
كُلَّ القُلوبِ التي نالَ منها الظلامُ. |
استعِرْ أَيها الحَنفِيُّ المُكبَّلُ بالحُزنِ |
فالحربُ أَوَّلُها السِّلمُ، |
أَوَّلُها وقفةٌ عند مَفْرَزَةِ الجُندِ، |
طَرْقٌ على رَأْسِ هذا الغُثاءِ، |
استعِرْ أيها المُتَحَفِّزُ مُنذُ الوِلادةِ |
فالصُلْحُ والمَلَكِيَّةُ والنفطُ |
جِسْرٌ لأحْذِيةِ العابرينْ. |
أتيتَ غريباً منَ العُمْقِ، |
لكنَّهمْ يُدرِكونَ الحقيقةَ |
أنَّ الذي يَتَعَقَّبُ أَوْثانَهُمْ |
كان يوماً هُنا، |
نالَ من هذهِ الأرضِ شُرَّتَها |
واسْتَقى الأَبْجَدِيَّةَ في الحُبِّ |
منْ صَدرِها |
جُرعَةً للطَّريقْ. |
وهُم يُدركونَ |
بأن الطُّيورَ تعودُ |
إذا حانَ موسِمُها |
والعناقيدُ تَدنو من الأرضِ |
في ألقٍ، |
واحتضارُ المساءِ بشيرٌ |
بما تعدُ الشَّمسُ حين تَفيقْ. |
كأَنِّي بِهمْ |
يَضْرِبونَ المساميرَ حولَ المساجِدِ |
فالفجرُ يقتربُ الآنَ، |
والقهْوةُ اليمنِيَّةُ |
تغْلي كشارِعِ غَزّةَ، |
والنّيلُ ينفضُ عن كتفيهِ الزبَدْ. |
أجلْ إِنَّها الطَّلْقَةُ الفَصْلُ |
تُكْمِلُ دَوْرَتَها اليومَ، |
فالشَّارِعُ الرَّطْبُ |
واللاّفِتاتُ القديمةُ |
تُنْبِئُ عن جيفةٍ |
سوفَ يَحْمِلُها النَّسْرُ |
هذا الصباحْ . |