لَم أَصحُ مِن لَذَّةٍ لا لا وَلا طَرَبٍ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لَم أَصحُ مِن لَذَّةٍ لا لا وَلا طَرَبٍ | وَكَيفَ يَصحُ قَرينُ اللَهوِ وَاللَعِبِ |
نَفسي تُنازِعُني اللَذّاتَ دائِبَةً | وَإِنَّما اللَهوُ وَاللَذّاتُ مِن أَرَبي |
كَم لَيلَةٍ بِتُّ مَسروراً وَمُغتَبِطاً | جَذلانَ مُنغَمِساً في اللَهوِ وَالطَرَبِ |
إِذا دُعيتُ إِلى لَهوٍ أَجَبتُ وَإِن | لَم أُدعَ لِلَّهوِ وَاللَذاتِ لَم أُجِبِ |
وَشادِنٍ قالَ هاكَ الكَأسَ قُلتُ لَهُ | هاتِ اِسقِني مِن نِتاجِ الماءِ وَالعِنَبِ |
فَقامَ يَسعى إِلى دَنٍّ فَسَلَّلَها | حَمراءَ بِكراً لَها عَشرٌ مِنَ الحِقَبِ |
مَحجوبَةً عَن عُيونِ الناسِ لَيسَ لَها | في غَيرِ بَيتِ بَني ساسانَ مِن نَسَبِ |
كَأَنَّها وَصَبيبُ الماءِ يَقرُعُها | دُرٌّ تَحَدَّرَ مِن سِلكٍ عَلى ذَهَبِ |
لَم يَغذُها بِمَصيَفِ القَيظِ بائِعُها | وَلا غَذاها بِحَرِّ الشَمسِ وَاللَهَبِ |
كانَت ذَخيرَةَ دِهقانٍ يَضِنُّ بِها | مَكسوبَةً مِن حَلالٍ غَيرَ مُكتَسَبِ |
يُدعى أَباها وَيُغذاها فَيا عَجَبا | مِن اِبنَةٍ صَيَّروها غَذيَةً لِأَبِ |
كَأَنَّما ضُمِّنَت مِسكاً يَفوحُ بِهِ | أَو عَنبَرَ الهِندِ أَو طيباً مِنَ السَخَبِ |
يَكادُ أَن تَتَلاشى كُلَّما مُزِجَت | في الكَأسِ لَولا بَقايا الريحِ وَالهَبَبِ |
مُميتَةٌ لِهُمومِ القَلبِ مُحيِيَةٌ | لِلبِشرِ نافِيَةٌ لِلفِكرِ وَالوَصبِ |
يَسعى بِها مُخطَفُ الأَحشاءِ مُختَلَقٌ | قَد تَمَّ في حُسنِ تَركيبٍ وَفي أَدَبِ |
لا شَيءَ أَحسَنُ مِنها حينَ نَشرَبُها | صِرفاً وَنَبدَأُ بَعدَ الشُربِ بِالنُخَبِ |
لا تُكذَبَنَّ فَلا جودٌ وَلا كَرَمٌ | إِلّا بِكَفَّيكَ يا رَيحانَةَ العَرَبِ |
كَم نِعمَةٍ لَكَ لا تَنفَكُّ مُوَجِبَةً | شُكراً وَمِن نِعمَةٍ لَم تَنجُ مِن عَطَبِ |
إِذا العِدا أَوقَدوا ناراً لِفِتنَتِهِم | أَطفَأتَها بِزُجاجِ الخَطِّ وَالقُضُبِ |
فَمَن يُرِدكَ لِحَربٍ يَجتَنَ عَطَباً | وَمَن أَتاكَ لِبَذلِ العُرفِ لَم يَخِبِ |
مُستَذعِنينَ وَمُستَنجِدينَ يَجمَعُهُم | رَجاً إِلَيكَ دَعاهُم غَيرُ مُنشَعِبِ |
بَعَثتَ جوداً وَفَضلاً فيهِمُ فَمَضى | لَم يَترُكا كُربَةً تَبقى لِذَي كُرَبِ |
وَفي عَدُوِّهِمُ سَيفاً يُحاكِمُهُم | فَقَد أَبَدتَهُمُ بِالقَتلِ وَالهَرَبِ |
أَنتَ الأَمينُ الَّذي عَمَّت مَكارِمُهُ | مَن حَلَّ في الأَرضِ مِن عُجمٍ وَمِن عَرَبِ |
فَاِسلَم عَلى الدَهرِ وَالأَيّامِ مُحتَفِظاً | مِنَ الكَريهاتِ مَحجوباً مِنَ الرَيبِ |
يا زَينَ آلِ قُصَيٍّ وَاِبنَ سَيِّدِهِم | خَليفَةَ اللَهِ يا اِبنَ السادَةِ النُجُبِ |
إِنّي أَنا الناصِحُ المُبدي نَصيحَتَهُ | ما شُبتُ نُصحاً بِإِبطالٍ وَلا كَذِبِ |
فَاِقبَل مَديحِيَ فيهِم وَاِستَمِع نَسَقاً | في وَصفِ أَغلَبَ مِن أَشعارِ مُنتَخِبِ |
ما كَاِبنِ عَمِّكَ في نُصحٍ وَلا أَدَبٍ | مِن ذي قَرابَتِكُم أَو غَيرَ مُقتَرِبِ |
يَهوى هَواكَ فَما تَكرَه فَمُطَّرَحٌ | ما قَد كَرِهتَ إِلى مُستَنبَتِ القَصَبِ |
فَتىً إِذا هُزَّ في نُصحٍ أُصيبَ لَهُ | صِدقُ السَريرَةِ فيما كانَ مِن سَبَبِ |
إِن زِدتَهُ رُتبَةً تَبغي زِيادَتَهُ | في النُصحِ أَعطاكُمُ عَشراً مِنَ الرُتَبِ |
لَو كانَ تُبتاعُ أَو تُشرى مَوَدَّتُهُ | لَاِبتاعَها مِنكُمُ المَأمونُ بِالرَغَبِ |
فَاِشدُد بِهاشِمَ كَفّاً إِنَّ فَضلَهُمُ | فَضلُ الدَرورِ عَلى مَنزورَةِ الحَلَبِ |
ما مِثلُهُم في جَميعِ الناسِ كُلِّهِمِ | لا لا وَكَيفَ يَكونُ الرَأسُ كَالذَنَبِ |