يا نصيرَ الضُّعفاءْ |
يا حبيبَ الفُقراءْ |
يا مُجيرَ الدُّخَلاءْ |
يا عفيفاً, ألْبَسَ الرّغْبَةَ عِقداً من نِساءْ |
يا شريفاً جَعَلَ الذمةَ قوتاً |
والمروءاتِ حساءْ |
يا مُضِلَّ الأتقِياءْ |
زِدْ على ظَهرِيَ سَوْطاً |
إنك اليومَ أسيري |
كلما أنزلتَ سَوطاً فوقَ ظَهْري |
زاد رأسي كبرياءْ. |
أيها المسكينُ فوقَ الأرض ِتحبو |
إن نورَ الحقِّ يسري في الفضاءْ |
فانتفْخ ما شئتَ كِبراً وعُتوّاً |
ليس في وِسعِكَ إطفاءُ السماءْ |
ليس في وسعِكَ أن تحجبَ صَوتي |
إن صوتَ البُلبل ِالغِرّيدِ |
يَعلو فوقَ صوتِ الببغاءْ |
لن أريك البسمةَ الصفراءَ حتى تَنتشِي |
بل لنْ أواري الاستياءِ |
لا تُساومني على بيع ِيَراعى |
إنُه أرضي, وعِرضي, ومَتاعِي |
لَنْ أَخُطَّ اليومَ إلا ما أشاءْ |
لا تَسلْ عن مذْهبي |
لا تَسلْ عن مأْربي |
لا تَسلْ عن كُتبي |
لا تَسلْ عن حلم ِأُمّي وأَبي |
لا تَسلْ من كانَ جدّي |
إنَّ جدّي, |
جَدُّ كل الأبرياءْ |
كان يوماً علماً |
كان يوماً حلماً |
كان يوماً قلماً |
كان يوماً, |
شوكةً في حَلقِكَ الموبوءِ من مصِّ الدِّماءْ |
كان شعباً, يستريحُ المجدُ في أضلاعِهِ |
كان غَيثاً يزخُرُ التاريخُ من أوجاعِهِ |
كان نوراً في جبين ِالكون ِقُدسِيَّ الضَّياءْ. |
لاتسل عنه, فلن تدري بهِ |
لم يكن يوماً وسيطاً بين تجار ِالضميرْ |
لم يكن يوماً أجيرْ |
لا تسل عنه, فلن تدري بهِ |
لم يعشْ في الأرض ِجلاداً |
على الناس ِخفيرْ |
كل ما يملكُ جدي |
نخلةٌ, |
وبعيرٌ صَيْعَرِىٌّ وحَصيرْ |
رغم هذا صادروا أحلامَ جدي |
ماتَ جدي, |
بعدَ أنْ جاء أبي |
يحملُ الثأرَ صغيراً, |
وهو لا يدري إلى أينَ المصيرْ. |
وحملت الثأر بعدَهْ |
وشرِبتُ الصبر عندَهْ |
علّني أبلُغُ مجدَهْ |
ثم ألقيتُ بأحلامي, وآلامي إلى قلبِ عُميرْ |
ذلك الطفلُ الصغيرْ |
عَلّهُ يُصبحُ جَدّاً مثلَ جدّي |
علّهُ يصبحُ شَْعباً |
هل عرفتَ الآن جدّي؟ |
إنه الطفلُ الصغيرْ |
إنه الكهلُ الكبيرْ |
إنه الماردُ يسرى في فضاءاتِ الضميرْ |
إنه الفتحُ المؤزّرْ |
إنه النّصر الأخيرْ |
فانتبهْ يا سيدي, |
إن جدّي لا يجيدُ الطّعنَ في الخلفِ, |
ولا يُتقنُ صُنعَ الأقنعةْ |
فهو رجعِيٌّ, أصوليٌّ قديمْ |
لا يُبالي بالشعاراتِ الحديثةْ |
وهو شرقيٌّ |
يرى في كلِّ وجهٍ مستعارٍ |
وجهَ شيطانٍ رجيمْ |
عد الى أصلِكَ دَرءاً للفِتَنْ |
وانصرِ الأوطانِ ينصرْكَ الوطنْ |
وانتظرْ من أرضكَ الحُبلى رِجالاً |
خُدِّروا في كهفِها المشؤوم ِأعواماً طوالا |
لا نريدُ اليومَ جاهاً |
لا نريدُ اليومَ مالا |
لا نُريدُ اليومَ الا عزّةً, |
تلبسُ ثوباً وعِقالاً |
آن للمنبوذِ في أوطانِهِ, |
أن يستعيدَ اليوم دورهْ |
فأعد للثوبِ عِزّهْ |
وأعد للعِز ثَوبَهْ |
آن أن نعلنَ جَمعاً, في عيون ِالصبح ِتَوْبةْ |
آن أن نقبلَ صيحات ِالتحدي, |
آن أن ننبتَ في الأرض ِوإلا.. |
برقابِ الذل أولى سيفُ جَدى |
لا تقفْ كالعارِ تَجْترُّ الخطيئَةْ |
والقلوبُ البيضُ بالثأرِ مليئَةْ |
ليس منا, من يُوارى رأسُه وسط الزحامْ |
ليس منا, من يقول القهرُ في أرض ِالنبوءاتِ مشيئَةْ |
كلنا عزمٌ, وحزمٌ, وإرادَةْ |
كلنا كالصبح ِأحلامٌ جريئَةْ |
كلنا, أصحابُ حق ٍفي أراضينا وأصحابُ سِيادَةْ |
لا لِترْميمِ المآسي |
لا لتأصيل ِالعرُوضاتِ المُعادَةْ |
إنما.. كي نطبع التاريخ حُرّاً |
فوق هاتيكِ القِلادَةْ |
كُلّما هبتْ علينا غضبةُ الغربِ ركعنا |
فجرتْ, كالطبع ِفينا |
لطمةُ الأعقابِ عادَةْ |
آه يا عصرَ التناسِى |
آه يا عصرَ التغاضِى |
آه يا عصر البلادَةْ |
تَسخرُ الأحداثُ منا, يالقومي, |
فَقَدَ الجمرُ اتّقادَهْ |
أي ماءٍ, ذلك الملعون قد أوهى عنادَهْ |
أيها الجد الذي قد ضاعَ منا |
لا تسلْ عن حالِنا.. |
عد إلى الأصنام ِ, أبْشِرْ بالإِفادَةْ |
هذه البقعةُ غَصّت بملايين ِالجرادْ |
هذه البقعةُ ضَاقتْ بالعِبادْ |
هذه البقعةُ غاصَتْ في متاهاتِ الجليدْ.. |
آه يا عَصرْ الرمادْ. |
زلزلي يا أرضُ, ذوبي يا جِبالْ |
فعسى أن يسطعَ الفجرُ الجديدْ |
وعسى أن تسقطَ الأشباحُ من تحتِ الحبالْ |
وعسى, أن يبعثَ الإحساسَ فينا |
ماردُ الجد الحفيدْ. |