(إلى أبي رحمه الله) |
. |
. |
. |
كان يَحيَا كَمَا النَّسمَةُ الحَانية |
حينَ تَعبُرُ في وقدةِ القيظِ فوقَ الجِباهْ |
يلوحُ لنا باسِماً – رغم ضيقَ مَعيشَتِهِ – |
مُفعَماً بالحياهْ |
كان يأتي فَنَجلِسُ |
نَلْتَفُّ حَولَ حِكَايَاتهِ |
نَستَضِيءُ بأنوارِ حِكمَتِهَا |
ثُمَّ نَغفو .. ونَصحو فلا نلتقيهِ |
إذا راحَ كالطَّيفِ بينَ أقاصيصِهِ أو رؤاه ! |
إن يجيءَ المساءُ يعودُ وقد غَضَّن الجهدُ جَبهَتَهُ |
وعلى وَجهِهِ أثَرٌ من غبارِ الكِفاح |
وطيفُ ابتِسامٍ مريرْ |
أحَبَّ الحياةَ على قَدرِ ما أتعبَتهُ الحياةْ ! |
كُنتُ أجثو بجانِبِ وقفته في رحاب الخُشوع |
يصلي بعينينِ رُقرِقَتَا بالدُّموع |
ووجهٍ يَفِرُّ الأَسَى مِن رِضَاه |
قَالَ لِي مَرَّةً " فلتَغَب يا بُني عن الكونِ |
كي تَلتَقي رُوحَكَ المُرتَجاة ْ ! |
غِب عن الجَسَدِ المُنتَهي |
خابَ من ظَنَّ أنَّ الحياةَ اقتناءٌ وجاهْ " |
رُحتُ أَنهَلُ من فَيضِ حكمتِهِ |
وأراهُ يعيشُ على الأرضِ دَفقةَ ضوءٍ |
إذا راح يعملُ مُجتَهِداً |
يُخلَصُ النُّصحَ للناس .. يرفقُ لينً بأبنائهِ |
يُسعِدُ الزَّوجةَ الصابِرة |
يستضيفُ الغريب |
ويقنع بالرِّزق مُبتَهِجاً – رّغمَ قِلَّتِهِ – |
بابتسامِ رَضا |
قَرَّ فوقَ الشِفاهْ |
ذات يومٍ مضى قاصِداً رِزقَهُ |
باكِراً كالطيور |
يسيرُ على الأرضِ في أُلفَةٍ باسِماً للصباح |
حينَ لاحت على البُعدِ سيَّارةٌ |
تَنهَبُ الأرضَ لاهِثةً |
كانَ يَعبُرُ نَهرَ الطريقِ |
وفي لحظةٍ كان مُلقىً |
................................ |
................................ |
................................ |
وفَرَّ الجُناةْ ! |
------------------------------- |
" كيفَ حالُكَ يا وَلدي ؟ " |
قالها واحِدٌ حاوَل الآنَ أن يدفِنَ السِّرَ في صوتِهِ |
ولكِنَّني كُنتُ أقرأُ فاجِعتي في عيونِ النُّعاهْ ! |
صارت الحكمةُ الواثِقة |
سكوناً طويلاً |
وعشقُ الحياةْ |
ذبولاً |
وصار أبي رَقماً |
في مِلفَّاتِ قيدِ الوفاهْ ! |
------------------------------- |
الحياةُ انتَهَت |
غير أنَّ أبي لم يَمُت ! |
لا يموت الذين يعيشونَ لا يُخفِضُونَ الجِباهْ |
عَلَّهُ الآن يَعْمُقُ إحساسُهُ |
- بعدَما قد مَضت روحُهُ عن لهاثِ الجَسَد – |
بالسكون الذي رامَهُ عبر أيَّامِه |
السُّكون النَّجاهْ ! |