تأمُّلات ما قبل الرحيل
وطنٌ يبايعُ ليلَهُ حتَّى يحيقَ بهِ السواد | |
وطنٌ تطايرَ كَالرَّمَاد | |
غّفَت الحقولُ بهِ على أحزانِها | |
فصَحا على إمحالِها فَرَحُ الحصاد ! | |
هانت دِماءُ بنيهِ في يُسرٍ عليهِ فخَلَّفوهُ لِما أرادَ .. | |
.. مُشَرَّدي الخطوات في تيه البِلاد | |
وطنٌ ينام بنوهُ من جوعٍ يُرافِقُ ليلَهُم | |
والمُتخَمونَ به مضوا يتناهبون حَصادَهُ | |
سرباً تكاثفَ من جَرَاد | |
نهرٌ يشُقُّ رُبُوعَهُ مُتَخَايلاً | |
ويموتُ من ظمأٍ بِهِ الفُقَراءُ .. | |
.. يمضي النَّهرُ مُتَّشِحاً بأردية الحداد | |
هَذي هِي الغِربَانُ حامت كي تنوشَ رُفَاتَهُ | |
هذا هو الليلُ الأخيرُ مضى ليُسدِلَ فوقَهُ | |
أستارَ ظُلمَتهِ الثقيلة باتِّئاد . | |
------------------------------- | |
( 2 ) | |
قلبي يُراوِدُهُ الرَّحيلُ إلى نِهَايَاتِ الغِياب | |
حُلمي تُرَنِّحُهُ الفُصُولُ فَمن لَهُ في هذه الأرضِ الجديبة | |
ترتوي الأحلامُ فيها من ينابيع السراب | |
قلبي يُراوِدُهُ الرَّحيلُ إلى اتساعاتِ المَدَى | |
هذي المفاوزُ خلفَها لاحَ النَّدَى | |
هذي المدائنُ تستحيلُ إلى خَرَاب ! | |
حُلمي يُبَعثَرُ في المرافيء والمَفَارق والدروب .. | |
.. تقاسَمَتهُ الريحُ حيث مضت | |
قدري كما قدرُ السحاب | |
وقتٌ يُلَوِّحُ للرحيل عن الجذورِ إلى الغمام | |
بلا إياب . | |
------------------------------ | |
( 3 ) | |
عيدٌ بأيةِ حالٍ عُــدتَ يا عيــدُ | بما مضى أم لأمرٍ فيكَ تجديدُ |
صَمَتَ الرِّجالُ بِها أَذِلُّهُمُ الأسـى | مَلَكَت مَقَاليدَهَا الغيدُ الأمالـيدُ |
نيلٌ يفيضُ على وديانها مُتَدَفِّقَا | ويجفُّ فوقَ ثراها الضِّرعُ والعودُ |
ظَلَمَ الولاةُ بها الجِيَاعَ وأَغلَقُوا | آذَانَهُم عَنـْهُم حَتَّى وإن نُودُوا |
هل يُقبِلُ العدلُ الشريدُ لأرضِها | أم يستبِدُّ به نَفيٌ وتشريــدُ ؟ |
ناديتُ يا مِصرَ حتَّامَ الرشادُ هُنا | مُستَعبَدٌ أبَداً والجورُ معبـودُ ؟ |
يتوارثُ الفُقَراءُ جوعاً عبرَ أزمنةٍ | يقتاتهم فيـها هَمٌّ وتسهيــدُ |
----------------------------- | |
عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟ | |
----------------------------- | |
عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟ |