كانت عيناها تتَجوَّلُ في أعماقي |
عبرَ زِحام القاعة .. والمائدة الخاوية الأطباقْ |
ترقبُ وجهي في جلستيَ المُنطويةِ |
تنبشُ بالأحداقْ .. |
.. في طَيَّاتِ الرُّوحِ |
عساها تكشفُّ سِرَّاً يبرقُ في عينيَّ |
وتُخفيهِ الأعماقْ |
كنتُ أُراوِغُ مِخلبَ عينيها |
حتَّى جاءت |
مَرَّت عبرَ الحَشد كموسيقى تنقِلُها الرِّيحُ إليَّ |
مَضت تسألُني |
- لا أعرِفُكَ .. فَمَن أنتَ ومِن أينَ أتيت ؟ |
- يا سيِّدتي طيفٌ عابِرْ |
جِئتُ على مَتنِ السُّحُبِ العابرة فضاءاتِ الأيام |
حتَّى أهرُبَ من وحشةِ روحي بعض الوقت |
- لا تتلاعب بالكَلِمات |
أراكَ تُحِبُّ امرأةً .. وتحاولَ أن تُخفي هذا العِشقَ الآن ! |
- يا سيِّدتي لم تعشِقني من زمنٍ إلا الأحزان |
ولم يتَجوَّل في أعطافِ القلبِ شُعاعيْ حُبٍّ منذُ زمان ! |
- أنتَ تُراوِغ ! |
عيناكَ الشَّارِدتانِ تشي بالعِشق |
بامرَأةٍ يتراقَصُ طيفُ مفاتِنِها خَلْفَ شُرودِكَ |
وتُضيءُ بِلَمسِِ أَنَامِلِهَا أَعْمَاقَ الرُّوْح ! |
- سيِّدتي إني … |
- أنتَ تُضَلِّلُني ! |
- إني أشرُدُ خلف الذَِكرى حين تُباغِتُ قلبي بِنِصالِ مرارتِها |
ذكرى الأيام الخرساء تمُرُّ على جِسرِ العُمرِ بِعرباتٍ سوداء .. |
.. فتسقطُ تحتَ العجلاتِ الأقدام |
ذِكرى العشق الأول |
تتفتَّحُ أوراقُ القلبِ الخضراءَ لِمَرْآهُ |
إلى أن تَذبُلَ .. |
حين يُحّلِّقُ مُرْتَحِلاً لِنداءِ ظلام |
ذِكرى خُضر الأيِّام |
نثَرَتهَا الرِّيحُ وداسَتْهَا الأقدام |
- إني لا أفهم ! |
كيفَ تُشَدُّ لهذا التيهِ وأنتَ وقفتَ أمام ممالكَ حُسني ! |
ألا يُبهِرُكَ جمالي ؟ |
ألا أُلهِمُكَ ؟ |
- مالي والإلهام ؟ |
يا سيدتي .. لا يَعْرِفُ كيفَ يُحَلِّقُ بسمواتِ العشق |
.. من ائتَلَفَ الآلام |
فدعيني في ملكوتِ شرودي |
طيفاً يرحلُ خلفَ غيومِ الذِّكرى حين تُلَوحُ |
وعودي للأضواء .. |
.. تُرَاقَصُ بين كئوس المدعوين على صَخبِ الأنغام ! |
يا سيِّدتي |
لا يشغلُني العِشقُ الحالِمُ والإلهام |
يشغلُني أن أجِدَ خَلاصاً |
يعتقني من أَسْرِ العُمرِ |
لأُفلِتَ من مُرِّ الأيَّام |