أرشيف الشعر العربي

طوفان تسونامي

طوفان تسونامي

مدة قراءة القصيدة : 6 دقائق .
زَلْزِلـي يا " بِحَار " وابْتَلِعي الأرْ ضَ وأَلْـقي مِـنْ جَـوْفِكَ الأَهْـوالا
أطْـلقي الموْجَ كالجبـال تَـدَافعْـ ـنَ جِـبالاً تَـعْلُو وتَـهْوي جِـبالا
واعْصفي يا " بِحَارُ " بالموتِ هُبِّي بـالأعاصـير تَـسْحـقُ الأجْـْيـالا
هـاهُنا أمْـسِ كـان خلْـقٌ كثيرٌ أيـنَ غـابـوا ؟! فكـلّ شـيءٍ زالا

* * **** * *

فـاجَـأتْـهُمْ عواصِفٌ فاسْتَداروا لِنَـجـاةٍ فَـمَـا أَصَـابُـوا مَـنَـالا
والتطامُ الأمْواج ! يَـجْرُفُ دُنْـيَا هُـمْ ! وعَـصْفُ الآفـاق هاجَ وجالا
ودويٌّ تَـراهُ يَـزْحَـفُ بـالْمَـوْ تِ فَـيُـلْقِـي الـهـلاكَ والأَوْجـالا
أيّ زَحْـفٍ تَـرَاُه يَقْـتَلِـعُ البُنْيَـ ــانَ والأهْـلَ ! يَخْـطَفُ الآجَـالا
يـا لَهَـوْلٍ تَـرَاهُ يَجْـتَاحُ أَقْـطا راً وَيَـمْـتـدّ فِـتْـنَـةً ونَـكَــالا
مَـلأَ الـهَـوْلُ كُـلَّ دارٍ أَتَـاهـا أَنْـدُنِـسْيا والهِـنْدَ والـصُّـومـالا
ورَوابِـي سِـرْلَنْك ! تيْلندَ ! تَبْكِي كُـلُّها الـدَّارَ والـرُّبَـى والـرِّجالا
فُـجِّـرَتْ تِلْـكُمُ البِحـارُ وجُـنَّتْ غَـضَبـاً جَـاوزَ الـرُؤى والخَـيالا
ورَمَـى جَـوْفُهـا القـذائِفَ أَمْوا جـاً تَـوالَتْ وَ أَعْـوَلَـتْ إِعْـوالا
وَعَـلَـتْ فـي الفـضاءِ أيّ عُلوٍّ حَـمَلـتْ فـي عُـلُـوِّها الأحْـمَالا
وَهَـوَتْ تَـنْشُـر البـلاء بَـلاءً حـيـث تَـهْـوي وتَـنْـثُُرُ الأطْلالا
وتَـراهـا كَـأنَّهـا البَرْقُ مـرَّت تَـخْـطفُ الخَـلْقَ والنُّفوسَ اغتيالا
تَـنْزِعُ النَّاسَ للفـضاءِ وترمـيْ يــا لَـهْـولٍ يُــرَوِّعُ الأهْــوالا
مُـزِّقِـوا ثُمَّ غُيِّـبِوا بيـن أَطْـلا لٍ يُـنَـاجُـون تِـلْكُـمُ الأطــلالا
وأَمَـانٍ تَـنَـاثَـرَتْ وتَـنَـاءَتْ وهـي تَـبْـكـي دِيَـارهــا والآلا
وطُلُـولٍ مَـن المـنـازِل ألْـقَتْ بَـيْنـها مـا حَـوتْـه والأثْـقَـالا
وبَـقـايـاالأجسام! واخْتَلط الشـ ـيء مـع الشيء ! لا تـرى أَشْكالا
وزوايـا مِـن الأثـاث ، وأحْْجَـا رٌ ، وشــيء تَـظَـنُّـه أَسْـمـالا
مِـنْظـر يَخْـطَفُ النُّفوس ويُلْقي بـين أحَـنَائهـا أسىً وابْـتهـالا
وخُشَـوعاً وخَشْيةً يَرْجفُ القلـ ـبُ لـديْـها وعَـبْرةً تَـتَـوالـى

* * **** * *

لَهفَ نفسي ! على المناظِرِ تَطْوي شَـبَـحَ الـمـوتِ رَهْـبَةً وجَـلالا
هَـا هُـنا كَـانت الدُّروب ضَجيجاً بيْـنَهـا النَّـاس يَلْهثُـون عِـجـالا
ويـحَ نـفسي كَـأنَّهمْ في سباقٍ أَطْـلـقـوا فـيه للهـوى الآمـالا
هـا هنا كانـت العـمائر تَعْـلُـو نـاطـحاتٍ تَـتِيـهُ فيـه اختـيـالا
جَـهِلوا أنَّ فـي الحيـاة غيـوباً تـفـجـأُ النَّـاسَ رهْـبَةً ووَبَــالا
كـلُّ أَمْـرٍ يدورُ في الكَوْن يَمْضي قَـدراً غَـالِـبـاً وأوفـى مـنَالا(1)

* * **** * *

هـا هُنـا كـانتِ الحياةُ رِغَـاباً هَـائِجَـاتٍ وشَـهْـوَةً تَـتَـوالـى
مُتَـعٌ في الحياةِ هَـيَّجْنَـها أشـ ـعَلْنَ فيـها أَشـواقَـهـا إشـعـالا
أسْـكَـرتْهُـمْ مَعَ الهَوى شَهَواتٌ وَرَمَتْـهـمْ فـي تِـيِهـها جُـهَّـالا
فَـنَسُوا غـايـةَ الحيـاة وضجُّوا بَـيْـنَ سَاحـاتِ لَـهْوِهـمْ أَرْتَـالا
فـإذا حُـمَّ فـي الـدِّيارِ قَـضاءٌ أَخـذَ الـصَّـالحـيـن والـضُّـلالا
أخـذَ الصَّالحـين لمَّـا تغَـافَـوْا عـن وَفـاءٍ وَأَغْـفَـلُـوا إِغْـفَـالا

* * **** * *

أَقْـبلَ الـمَوْجُ بالهلاك وضَجّـتْ مِـنـهُ سَـاحٌ وزُلْـزِلَــتْ زِلْـزالا
لَمْ يَـدَعْ دونَه على الأرض شيئاً خَـلَّـفَ الأرضَ كَـوْمـةً وَتِــلالا
ودَنَـا زَحْـفُـهُ هُـنالـكَ حـَتَّى بَـان لله مِـسْـجـدٌ يَـتَـعـالــى
مِـسْجـدٌ مُشْرِقٌ على الأرض آيٌ يَنْـشُر الـنُّـور والهُـدى والجَمالا
كُـلُّ شَـيءٍ سِـواه أَضْحَى يَبَاباً وهُـو بـالحـقِّ نُـورُه يـتَـلالا
هَـدَأتْ دونـه الأعـاصيرُ والمَوْ جُ وأَهْــوَتْ أَمَــاَمَـه إجْــلالا
وتـنحَّـتْ عَنْه هُـنَاك وَ غَـابَتْ ثُـمَّ رَاحَـتْ تُـحــدِّثُ الأَجْـيـالا
إنَّـهـا آيـةٌ مـن الله حـقَّــاً صَـدقَـتْ عِـبْرَةً وصَحّـَتْ مقـالا

* * **** * *

حَـدَِّثـي " إتشُ " ما دهاكِ فَأْلقى فـيـك شـرَّاً يَسْـتفْحِل استفـحالا
أَيـنَ أبْـناؤكِ الـذيـن تَـولَّـوا ثُـمَّ غَابُـوا واسْـتُؤْصِلوا اسْتِئْصالا
أَمِــئاتُ الألـوف غَابُوا مَعَ الموْ جِ شُـيـوخـاً ونِـسْـوةً ورجـالا
وشَبـابـاً ! والـموت يَبْـتلعُ النَّا سَ ويُـرْدِي الـشَّـبـاب والأطْـفَالا
كَمْ يتيمٍ يـتيهُ فـي الأرض يَلْقَى دونَـهُ يُـتَّمـاً قَـضَـوْا وثـكـالى

* * **** * *

وَرَضـيـعٌ مَضـى تَقـاذَفَهُ الموْ جُ ! وأُمُّ تُـصَــارِعُ الأَهْـــوالا
حَـمَلَـتْه الأَمْـواجُ حـتَّى رَمَتْه فـوقَ لـوحٍ فَـظـلََّ آمَـنَ حــالا
ثُـمَّ أَلْـقَـتْهُ للشَّـواطئ ! لا يَـدْ ري أَيَـلْــقـى أُمَـومــةً أو آلا
قـد رَعَتْـهُ عِـنايةُ الله ! تَرْعَى كُـلُّ شــيءٍ إذا غَـفَـا أو جَـالا
إنَّـهـا آيــةٌ مـن الله تُلْـقِـي نُـذُرَاً لِـلْـوَرَى وتُـوقِـظُ بــالا

* * **** * *

لـو تَـرى الطَّفلَ كَيْف يَقْذِفُه الموْ جُ فَيَلْـقـى مـن الحيـاة مَـجـالا
حَـمَـلتْهُ عِـنـايـةُ الله حَـتَّى أَسْـكَنَـتْهُ بيـنَ الغُـصـونِ ظِـلالا
آيـةٌ بـعـدَ آيـةٍ فـي السَّمـوا تِ وفـي الأرض لـم تَـزَلْ تَتَوالـى
قَـدَرٌ غـالـبٌ وحكـمـةُ خَـلا قٍ وعــدْلٌ يُــقَــدِّرُ الأحْــوالا
سُـنَّـةُ اللهِ فـي الحـيـاة تراها كَـمْ تـسـوقُ الآيــاتِ والأمثـالا

* * **** * *

ذِكْـريـاتُ الطُّوفان غابتْ كأنْ لَمْ يَـذُقِ النَّـاسُ عِنْـدَهــا الأنْكـالا
خَـدَرٌ فـي العُـروقِ يُنْسِي ولَهْوٌ يَـطْرَحُ الـنَّاسَ نُـوَّمـاً وكُـسَالى
يَـنْزِعُ العَـزْمَ مِنْ نُفوسٍ ويُبْقي بَـيْـنَ أَحْـنائِـهـا الهَـوانَ وَبَالا
أيُّ شـيءٍ أشَـدُّ هَـوْلاً أَطُوْفـا نٌ يَـبُـثُّ الـدَّمــارَ والأطـلالا ؟!
أمْ تُـراه الطُّوفانُ يَنْشُر فـي الأرْ ضِ فَـسَـاداً وفِـتْنـَةً وضَـلالا ؟!
فِـتْنَةُ النَّاسِ عن هُدى اللهِ تُلْـقي فـيـهِـمُ فـِتْـنَـةً أشــدَّ نَكَـالا

* * **** * *

مَـنْ تُـرَاهُ يَـهُبُّ للنَّاس يُـلْقي فَـيْـضَ أَحْـنَـائِـهِ يَـداً ونَـوالا
مَنْ يُغيثُ الملْهُوفَ في خَشْيَةٍ للّـ ـهِ يَـرْجُـو إلـى النَّـجَـاةِ مَـآلا
مَـنْ تُـراهُ يَـردُّ دَمْـعةَ طِـفْلٍ أوْ يَـتـيـمٍ مُـشَـرَّدٍ قَـدْ عَــالا
مَـنْ تُـراهُ يَـسُدُّ جـوع فَقـيرٍ أَوْ يُــدَواي الـقـلُوبَ والأحْـوالا
لـيسَ كـالمؤمن التـقيِّ مُغـيثاً لِـعـيال الرَّحْـمَـنِ يُـصْـلِحُ بَـالا
إِنَّـما الخَـلْقُ كُـلُّهُـمْ أَيُّـها النَّا سُ عِـيـالٌ للهِ فَـارْعَـوْا عِـيـالا
كَيْـفَ تـدعو للهِ تُـغْدِقُ بالْوَعْـ ـظِ ولا تُـوهِـبُ النُّفـوسَ وِصَـالا
كَـيْفَ لا تكْسب القـلوبَ بِمَعْـرُو فٍ وإِحْسَـانٍ يَـفْـتَـحُ الأقْـفَـالا
أَيُّـها المؤمنونَ أَنْتُمْ أَحَـقُّ النْـ ـناسِ أوفُـوا الـعُهـودَ والآمـالا

* * **** * *

الرياض

1/1/1426هـ

10/2/2005م

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (عدنان النحوي) .


فهرس موضوعات القرآن