أغنـّي لزينب |
تلك التي اشتعلت بين كل النجوم |
وتلك التي خطفت من جميع الشواطئ زينتها |
واستراحت على الرمل |
مثل عروس على صدرها الأغنيات تحوم |
أغني لها وأعيد الغناء |
أعيد النشيد |
إلى أن أبدد من حولها سرّ هذا الوجوم |
وزينب قال المغني: |
الربيع الذي لم تطلـْه العيون ُ |
ولم يلتفت نحوه الانتظار ُ |
النشيد الذي قاله شاعر مرة |
ثم أسقطه بين أوراقه . . فطوته السنون |
وزينب أغنية في الشفاه . . |
وصفصافة في المهب |
وأمنية تنحني للصلاة . . |
وتغريدة المغترب .. |
* * * |
وكانت تحدثهم بالعيون |
وتشرح أحزانها للقوام الذي ينتظر |
وكانت تعلـّم أحلامـها |
كيف يمكنها أن تظل ّ . . ولا تنكسر . . |
وكانت إذا أبصرت عاشقين |
بكت |
وراحت تشـْيعهما بالنظر * * |
وكانت إذا عبرت شارعا . . |
أشعلت جسمها فتنة ودلال |
ونادت بهم : هؤلاء الرجال ُ |
فأين المحبـّون . . |
أين الدموع التي كالمطر ؟ |
أنـا زينب الأغنيه |
أنـا آخر امرأة بقيت في المدينة |
ترثي النساء اللواتي تهدّ من كالأبنيه |
تأخرت عن رحلة العمر |
مر الرجال، ولم اختطف واحدا |
لم أعلق سوى أمنية |
و ها إنني أطلع الآن من بينكم كالشجر |
وأدعوا الرجال، جميع الرجال |
إلـى جسد لـم يعد ينتظر * * |
* * * |
ما الذي تفعل امرأة بالقصيدة |
أو بقلوب الرجال ؟ |
غير ما فعلت هذه الطفلة / النهر ُ |
هذي السماء التي نشرت في المدى |
نجمة وهلال |
ما الذي تفعل امرأة |
غير ما فعلت زينب بالرجال . . |
إنها الطفلة الساحلية |
تلك التي أخذت كل ما في الشواطئ |
من فتنة ودلال |
وتلك التي من ضفائرها |
تنسج السفن مرساتها |
ومن صدرها يستضيء الجمال . . |
* * * |
ما لذي يجعل امرأة لا تنام . . |
ما لذي يجعل القلب مرتبكا بين عشاقه |
هاهي الآن تجفل من بينهم |
دون أي كلام . . . . |
وتترك من صدرها سحره الأنثوي |
ومن قلبها زفرات الهيام . . |
هي ذي امرأة |
كلما عبرت شارعا أو زحام . . |
تركت كل شيء بـه . . |
يتذاوب من شوقه للغرام . . |
* * * |
وقفت أمها تترقب عودتها |
وقف الشارع الوطني، الرصيف ، الشبابيك |
كل هنا واقف في انتظار .. |
أين كنت ؟ |
أعلت اليتامى، وهدهدت أنفاسهم |
ثم علمتهم بعض ما علمتني الحياة . . |
وهذا المسار . . |
ثم ماذا ؟ |
عرجت إلى جهة كان فيها محبون |
قد هد هم قلق الانتظار . . |
فمسـّحت من حزنهم، ثم قلت لهم فرحا |
سيجيء النهار . . |
ولكن متى متى يا ابنتي .. |
..متى سيجيء النهار ؟ ؟ |
هكذا يسأل الأبوان . . |
وزينب قرب الثلاثين أو بعدها |
أجمل امرأة صافحتها يدان . . |
إذا عبرت مجلسا |
تركت بين أحضانه قامة |
من شذى العنفوان . . |
وزينب ماذا تريد ؟ |
إنـها لا تريد سوى أن يكون لها حبـّها |
سيدا في صنوف الهوى . . ومصان . . |
إنـها لا تريد سوى أن يعود الهوى |
( مثلما كان ) نافذة للأمان .. |
* * * |
إنـها تختفي الآن كي لا يراها أحـد |
وكي لا تعذبـها نظرة |
أو لعاب الجموح الذي في الجسد . . |
إنـها تختفي الآن |
لا تسألوا قمرا هل رآهــا . . |
ولا تسألوا أي غصن سواهـا . . |
إسألو ا الشعر |
هل ثمة امرأة قد يغني لها شاعر في البلد |
هل ثمة امرأة - غير زينب – |
تلك التي وفقت بين شمس الا لـه |
وبين تراب الجسد ؟ * |