عصرت معدا معك الأناة ُ المعصرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
عصرت معدا معك الأناة ُ المعصرُ | ولمثل فرقتها المدامعُ تذخرُ |
رحلت ضحى ولكلّ قلبٍ حيرة | في حسنها ولكلّ عين منظرُ |
عبث النعيمُ بها فصوَّر جسمها | خلقاً جديداً والنعيمُ يصور |
بكرت طلائعُ للمشيب بلمتي | إن المشيب إساءة ٌلا تغفر |
ويقال إن الشيء يألف شكلهُ | والبيضُ عن بيض المفارقِ تنفر |
لا نحلها فلكلّ لومِ موضعٌ | والعرف في بعض المواضع ينكر |
والشيبُ صبحٌ والسواد دُجنّة | والليلُ أصلح للوصال وأستر |
كنا نضيف إلى الغراب فراقنا | فإذا المشيب هو الغرابُ الأزهر |
كيف السبيلُ إلى لقائك في الدجى | والليلُ حيث حللتِ منه مقمر |
يتحيّف القمر المحاق تحيفاً | وهلال خدك كل وقت مبدر |
وتحلّ بالبيداء حصناً سوره | زرقُ الأسنّة والعجاجُ الأكدر |
يقتاد من ألحاظنا لوداده | فكأنها جندٌ لديه وعسكر |
تعصي قلوبُ ذوي الهوى أربابها | فيهِ فكلٌّ في هواه مسخّرُ |
وكأنهُ من يمن حيدرة َ استعا | ر النصر فهو على القلوب مظفّر |
أو من جلالته استعار جمالهُ | فعيوننا عنهُ تكلُّ وتحسرُ |
ملك لهُ في كل أرضٍ نعمة ٌ | وبكلّ معترك ثناءٌ يؤثر |
ولسيفه في كلِّ هامٍ موردٌ | ولرمحه في كل صدرٍ مصدرُ |
متقلّد من رأيهِ وحسامه | سيفين ذا يخفى وذلك يظهر |
صيغت لحيدرة بن يملولٍ يدٌ | منها المنايا والمنى تتحدّر |
يجلو إذا عبس اللئيم لوفده | وجهاً لماء البشر فيه مخبرُ |
طلقٌ كصفح السيف إلا أنه | في جانبيهِ من البشاشة جوهر |
وترى عداه إذا رأوه وحده | جيشاً لهُ ظهر الحصان معسكر |
كم ردّ دون الدارعين بنفسه | جيشاً يضيقُ به الفضاءُ الأقور |
للنَّقع فيه وللجوارح فوقهُ | ستران أدكن ذا وذاك محبر |
تعرى الوهاد وتكتسي من جنده | طرزاً وتنتقب الجبالُ وتسفر |
قسم الفلا شطرين تحت مسيره | شطراً يسير به وشطراً ينصر |
إن شئتَ أنصار الحمام فناده | والخيل تعثر بالقنا يا حيدر |
وكأنّ صدرَ قناته يوم الوغى | سلكٌ وابطال الفوارس جوهر |
متيقظ في كلّ جارحة ٍ لهُ | مخصوصة ٌ قلبٌ وعينٌ تنظر |
للجود ما تحوي يداه وما حوى | والمجد ما يخفي الحياءُ ويظهر |
أما الإمام فإنهُ لك شاكرٌ | واللهُ أرضى منهُ عنك وأشكر |
آليتُ أستسقي الغمائم بعدها | ويمينُ حيدرة َ الغمام الأكبر |
أوليتني من غير معرفة ٍ جرت | نعماً فجئتك بالمدائح أشكر |
وغرستُ عندي نعمة ً لك أثمرت | ومن الفعال مقدّم ومؤخرُ |
فدمشق قد ضاءت بحسن رياضها | إذ كنتَ فيها أنت سعدٌ نير |
فظلامها فجر ومن حصبائها | درٌّ وتربتها عبيرٌ أذفرُ |
أنت الربيعُ وليس تحيي بلدة | حتى يجاورها الربيعُ الممطرُ |
أكثرتَ جودك ثم قلتَ ونفس من | يهيب النفس من العطايا أكثر |
يا صاح ليس بمنكر أن يجتني | من مثل هذا البحر هذا الجوهر |
بالنّصح قدَّمك الإمام على الورى | ومن الفعال مقدّمٌ لا ينكرُ |