ألمَّ وليلى بالكواكب أشيبُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ألمَّ وليلى بالكواكب أشيبُ | خيال على بعد المدى يتأوبُ |
ألمَّ وفي جفني وفي جفن منصلي | غراران ذا نوم وذاك مشطب |
أعاصي الهوى في حال نومي ويقظتي | فسيّان عندي وصلها والتجنّبُ |
لحى الله قلبي ماله الدهرَ عاكفاً | عليها ومن شأن القلوب التقلب |
ثوى برهة في ثاية الحي وانبروا | فولوا به في جانب الظّعن يجنبُ |
لها مقلة ٌ في رؤية العين مقلة ٌ | وإن جربت فهي الحسام المجرّب |
وأسودها في القلب أسود سالخ | وأبيضها في الجسم أبيض مقضب |
وما سقم جفنيها بضائر طرفها | إذا صح غرب السيف فالجفن معطب |
ولم أنسها تصفرُّ من غربة النوى | كما اصفرّ وجه الشمس ساعة تغرب |
فقد شفّ من تحت البراقع وجهها | كما شفّ من تحت الجهامة كوكب |
يبين ويخفى في السراب كأنه | سنا درّة في البحر تطفو وترسب |
أُقلّت وقد حفّ الحسان بها كما | أحاط بسفعاء الملاطم ربرب |
فلما أتوا روضاً يرفُّ تبسمت | أقاحيه فيه استبشروا ثم طنّبوا |
وضاحكن نوّار الأقاحي فقال لي | خليلي أي الأقحوانين أعجب |
فقلت لهُ لا فرق عندي وإنما | ثغورُ الغواني في المذاقة أعذب |
ألم ترني أصبحتُ ممن يروقه | سنانٌ خضيب لا بنان مخضّبُ |
يساعدني في الروع أبيضُ صارم | وفي ثغرِ الموماة وجناء غلّب |
أظلُّ بأجواز الفلاة كأنني | عليها عقاب وهي تحتي مرقب |
وتشكل أغفال الطريق بحمرة | من الدم في أخفافها حين تثقب |
وإني وإن أصبحتُ بالشام ثاوياً | أحنُّ إلى أرض الحجاز وأطرب |
محببة نحوي تهامة مثلما | إلى هبة الله العلاء محبب |
ديارٌ يطيب العيشُ فيها وإنهُ | لدى ابن على ٍّ إن تأملت أطيب |
حسام له من حيث ما شيم مضربٌ | غمام لهُ من حيث ماشيم صيبُ |
لقد أنجبتْ آباؤهُ إذ أتت به | وكم من نجيبِ سيد ليس ينجبُ |
ألائمهُ في الجود لا تعذلنّهُ | على طبعه فالطبع أولى وأغلبُ |
له غرة ٌ للبشر فيها ترقرقٌ | يرحب بالعافين قبل يرحّب |
ولم يستفدْ بالمدح ما ليس عنده | وهل ينفع التحجيل من هو أشهب |
أرى المدح ينبو عنهُ حتى كأنه | وحاشاه يهجي بالمديح ويثلب |
ينوط نجادي رأيه وحسامه | بصدر كمثل البرّ بل هو أرحب |
فيفري بسيف البأس وهو مجرَّد | ويفري بسيف الرأي وهو مغيب |
ويرهب في تعبيسه وابتسامه | إذا ابتسم الصمصام فهو مقطّب |
يردُّ أديم الأرض أشقر من دمٍ | إذا لفّه بالخيل أشقر مقربُ |
أغرّ كأن الوجه منه مفضض | وما قارب الأرساغ فهو مذهّب |
يعوم به في غمرة الحرب سابحٌ | يقرّب بعد الهمِ حين يقرّب |
ويصدق في الهامات إيماض سيفه | على أن ايماض الصوارم خّلب |
كأن سنان الرمح سلكٌ بكفه | وجمع أعاديه الجمانُ المثقّبُ |
وتشكره أقلامهُ ساعة الرضى | وتشكره أرماحه حين يغضب |
له قلم فيه المنّية والمنى | ومنه العطايا والرزايا تشعّبُ |
إذا كان في يمناه نابَ عن الظبى | وهل ينثني في إصبع الليث مخلبُ |
تريك المعالي أن وفدك محسنٌ | إليك وما تحوي يمينك مذنب |
فكم طيّب تفني وعلياء تقتني | ومكرمة ٍ تؤوي ومال تغرب |
أبا قاسم قلدتني منك أنعماً | أقصّر عن شكري لها حين أطنب |
ولو كان لي في كلّ منبت شعرة ٍ | لسانٌ فصيح في مديحك يعرب |